الاٍرهاب يضرب مرة أخرى فرنسا... في ذكرى "يوم الباستيل" تنقلب أجواء الاحتفال والفرح بالعيد الوطني في نيس الى رعب وحزن ودموع ودماء... الهمجية والبشاعة في الشارع، هنا بهذه المدينة الجميلة جنوبفرنسا... أزيد من ثمانين قتيلا، وما يفوق مائة جريح، ضمنهم حوالي عشرين إصاباتهم خطيرة، والبلاد كلها تحت الصدمة وتعيش الهلع. لن ندخل هنا في تفاصيل الحديث الأمني والاستخباراتي الذي له اختصاصيوه وأجهزته، لكن ما تأكد هو أن السلطات الأمنية الفرنسية عثرت على أسلحة في الشاحنة التي نفذت الهجوم الارهابي ودهست المارة على طول مسافة كيلومترين، وسائقها هو مواطن فرنسي من أصل تونسي لا يزيد عمره عن واحد وثلاثين عاما. الهجوم الارهابي الذي هز نيس يأتي بعد مرور ثمانية أشهر على اعتداءات باريس التي كانت قد خلفت 130 قتيلا ومئات الجرحى، وفي هذه المرة أيضا الضحايا هم مواطنون أبرياء كانوا يستمتعون بحياتهم خارج بيوتهم ويعيشون احتفالات شعبهم بالعيد الوطني لفرنسا الذي يصادف 14 يوليوز من كل سنة. الهمجية لا تحب الفرح والاحتفال ولا تكون سوى في الموقع النقيض منهما. فرنسا أعلنت تمديد حالة الطوارئ، وسلطاتها شكلت خلية أزمة ورفعت درجات التأهب الأمني والاستخباراتي الى أقصى المستويات، وأعلن وزير داخليتها أن البلاد "في حالة حرب"، ودخلت البلاد في أيام حداد، ونكست الاعلام في وقت كانت ترفرف عالية وتجري الاستعراضات العسكرية والالعاب النارية تخليدا لانتهاء الحكم المطلق ولذكرى اقتحام سجن "الباستيل". المجرمون حولوا فرح شعب الى نحيب وعويل وبكاء وآلام. كلنا اليوم مع الشعب الفرنسي ضد القتلة وغربان الظلام... الانسانية اليوم برمتها توجد في حالة حرب ضد الاٍرهاب والتطرف. فرنسا من المؤكد هي تطرح اليوم على نفسها كل الأسئلة حول ما حدث في نيس، أو قبله في العاصمة باريس، وستقوم سلطاتها ببلورة اجابات على شكل إجراءات وقرارات هي وحدها لها الحق في تقديرها واتخاذها لحماية أمنها وسلامة شعبها، ولكن العالم كله اليوم مدعو لتمتين التفكير والعمل، وأيضا التنسيق والتعاون على الصعيدين الإقليمي والدولي للقضاء على الاٍرهاب والتطرف. وسواء في فرنسا، أو على مستوى كل أوربا، فرغم كل هذه البشاعة التي تحيط بِنَا اليوم، لا بد من تعزيز التفكير حول سبل المواجهة واستحضار حقوق الجميع، وضمن ذلك الجاليات الأجنبية، وخصوصا المغاربية والعربية والمسلمة، والاصرار الجماعي على هزم الاٍرهاب والانغلاق والتعصب والتطرف عبر قيم الديموقراطية والحريّة وحقوق الانسان والعيش المشترك، وأن تنتصر فرنسا بالذات لروحها المنفتحة والديموقراطية وألا تنجر الى فخ الرعب من الآخر والانكماش على الذات. المغرب والمغاربة وكل القوى المنتصرة للديموقراطية والانفتاح، هي اليوم إلى جانب فرنسا ومعها ضد القتلة وجماعات الموت، ومن أجل هزم الاٍرهاب والتطرف. تخليد ذكرى"الباستيل"وعيد14 يوليوز تدثرا هذا العام برداء من خوف ودم وبكاء، والاحتفال كان مرا وحزينا على شعب فرنسا. رغم ذلك، فرنسا ستنتصر. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته