بعد مسلسل طويل من الإنكار والتكذيب والبيانات غير الصحيحة والالتفاف على الأحداث والسعي الدائم لتصدير الأزمة، واختبار كل السبل التي تحول دون إظهار الحقيقية كما هي، لم يكن هناك أمام الرئيس الشاب محمد بودريقة، إلا أن يجهر بالواقع كما هو، ويقرر أخيرا التخلي عن منصب الرئاسة الذي تشبث به طويلا. هذا الرئيس الشاب ناور على أكثر من صعيد، من أجل الاستمرار على رأس واحد من الأندية الأكثر شعبية على الصعيد الوطني، إلى أن دخل الفريق الرجاوي في أزمة عميقة، وصلت معها الأمور إلى الباب المسدود، الشيء الذي قود كل مخططاته وأفشل كل سيناريوهاته. تراكم الديون، شيكات بدون رصيد، كثرة ملفات النزاعات، دعاو أمام المحاكم، تسيير فردي، تلكم هي الصورة التي يوجد عليها الآن نادي الرجاء الذي يحب جمهوره أن يسميه ب "الرجاء العالمي"، فكيف لهذا الجمهور الغيور أن يتطلع إلى العالمية، في ظل هذا النوع من التسيير والتدبير الغارقين في الارتجال والفوضى وانعدام الأفق؟... فبعد أربع سنوات من التسيير الفردي، فاق العبث كل الحدود، ولم يعد بالإمكان التمادي والإنكار، فالأمور أصبحت واضحة بالعين المجردة، إلى درجة لم يعد معها بإمكان التستر أو إخفاء معالمها، فحتى اللاعبون لم يعودوا يتقون في وعود هذا الرئيس الذي لا يقيم نهائيا وزنا لأقواله ووعوده والتزاماته. ديون تقدر بالملايير هي الآن على ذمة النادي الأخضر، وأي مكتب قادم عليه أولا تصفية هذه التركة الثقيلة، ثم إعادة ترتيب البيت الداخلي، وبعد ذلك البحث عن مصداقية تسيير الرجاء، كل هذه مهام مستعجلة مطروحة بحدة أمام أي المكتب المنتظر الذي يفترض فيه أن يكون قادرا على تحمله المسؤولية بكل تبعاتها. والواقع أن بودريقة ضحية للوبي كان وراء قدومه على رأس الفريق، وقد نجحوا في الاستفراد به، وهناك أوساط تقول إن هذا اللوبي جنى من ورائه مبالغ مالية مهمة، مستغلين الثقة العمياء التي كان يضعها الرئيس الشاب بصفة مطلقة في مستشاره الخاص. بودريقة ظاهرة خاصة في تاريخ التسيير الرياضي على الصعيد الوطني، وبالتالي لا بد من اتخاذ الدروس والعبر من طرف جل الأندية الوطنية، للحيلولة دون تكرار مثل هذه التجربة بكل السلبيات التي جاء بها هذا الرئيس الذي لم يكن يوما يحلم أن يخلف وزراء ومديري مؤسسات كبرى سبقوه للمنصب. هل نقول وداعا بودريقة؟ أم ننتظر الجمع العام المرتقب للتأكد من رحيل رجل يقرر ليلا الاستقالة، ويصر صباحا على البقاء...