قرر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، إحالة الجنرال محمد مدين (توفيق) من على رأس جهاز الأمن والاستخبارات إلى التقاعد، بعد 25 سنة من الخدمة لينهي بذلك سلسلة تغييرات هامة وعميقة في إحدى أقوى مؤسسات الدولة، بدأها منذ صيف العام 2013 بإحالة مسؤول دائرة الإعلام والتوثيق العقيد فوزي على التقاعد، وتحويل الدائرة من سلطة جهاز الاستخبارات إلى أركان الجيش، وانتهت أمس بتنحية الرجل القوي الذي نازعه نفوذه وسطوته على مؤسسات الدولة منذ مجيئه في العام 1999. وذكرت أمس مصادر متطابقة في الجزائر أن الرئيس بوتفليقة، قد قام بتنحية الجنرال توفيق (74 سنة)، وأحاله على التقاعد. وأظهرت صورة أخيرة التقطت للجنرال بأنه رغم تقدمه في السن، إلا أنه لا زال في صحة جيدة، وهو يقف بجانب عدد من الضباط ببزات عسكرية ومدنية، في احتفالات أقيمت بمناسبة تنصيبه على رأس الجهاز في 1990، مما أعطى الانطباع للمتتبعين بأن مسألة الإحالة على التقاعد رغم دخولها خانة المؤكد إلا أن موعدها لم يحن، لا سيما وأن تصريحات مدير ديوان الرئاسة يوم السبت في ندوة صحفية، شددت على عدم وجود أي صراع بين مؤسستي الرئاسة وجهاز الاستخبارات. وأضافت المصادر أن قرار التنحية جاء بالموازاة مع قرار تعيين خليفته الجنرال بشير طرطاق، على رأس جهاز الأمن والاستعلامات، وهو الذي اشتغل فيه كنائب لتوفيق قبل أن يقال منه العام الماضي، ويعين بعد أشهر مستشارا أمنيا للرئيس بوتفليقة في قصر المرادية. وإذ مثلت تنحية الرجل "الشبح" الذي أدار البلاد في الخفاء طيلة عقدين من الزمن، سقوطا مدويا لأعتى مراكز صناعة القرار، فإن تعيين بشير طرطاق خلفا له، وهو الذي كان محسوبا على صقور المؤسسة الأمنية، وقد أقيل منها منذ أكثر من عام، شوش المشهد ولم يتم استيعاب دلالات وخلفيات القرار الأخير في أولى ردود الفعل. ويعد الجنرال توفيق من أبرز وجوه المرحلة السياسية والأمنية في الجزائر، منذ مطلع التسعينات إلى غاية الآن. وتحفظت معظم الفعاليات السياسية للتعليق على القرار، عن الإدلاء بأي موقف في انتظار ما أسماه رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان "انقشاع غبار المعركة" واتضاح الصورة أكثر".