أكد جامع بيضا مدير مؤسسة أرشيف المغرب أن استرجاع أصول الوثائق التاريخية المتعلقة بالمغرب والموجودة في الخارج مسألة اختارت مؤسسة الأرشيف أن تقاربها بعيدا عن المعارك الخاسرة، بإعمال نهج ومسعى ينبني على التعاون، مبرزا أن المؤسسة تمكنت من الحصول على مجموعة من الوثائق المصورة من فرنسا والتي يمكن للباحثين الاطلاع عليها. جمع مصادر الأرشيف ليست معركة وأوضح جامع بيضا الذي كان يتحدث في ختام أشغال المائدة المستديرة التي نظمتها مؤسسة أرشيف المغرب على إثر انتهاء اللجنة الوزارية المشتركة من إعداد مشروع المرسوم التطبيقي المتعلق بالأرشيف الوطني، وحلول ذكرى اليوم العالمي للأرشيف، أن قانون الأرشيف يتضمن بندا يضع على كاهل مؤسسة أرشيف المغرب جمع مصادر الأرشيف المتعلقة بالمغرب والموجودة في الخارج ومعالجتها وحفظها وتيسير الاطلاع عليها، لكنه لم يتحدث عن استرجاع الأصول، مبرزا إن هذه المسألة التي يطلق عليها البعض بالمعركة يحاول بعض المشارقة جرنا إلى خوضها، لكني شخصيا رفقة مدير عام مؤسسة الأرشيف الوطني في تونس لا أتبنى هذا الطرح، ونعمل جاهدين بطرقنا استرجاع الأرشيف الوثائقي الوطني". وقال "إن المعركة سياسية وقد تدوم عشرات السنين حتى تفلح في تحقيق نتائج ما، لذا أترك للهيئات السياسية خوضها"، أما مؤسسة أرشيف المغرب فقد اختارت نهجا آخر، علما أن لكل إكراهاته ووسائله، وأحيانا نحصل على وثائقنا بالصدفة كما حدث مؤخرا حينما تمكنا من الحصول على 112 ظهيرا كان يوجد لدى الكنيسة الكاتوليكية بطنجة وتم استثمارها في كتاب يحمل عنوان"السلاطين وخدام الكنيسة الفرنسيسكان في المغرب" والذي ألفه أحد الكتاب البولونيين، حيث اشترطنا الموافقة على طلب للكاتب بتنظيم ندوة لتقديم الكتاب بمقر مؤسسة أرشيف المغرب بالحصول على نسخ مصورة من تلك الظهائر مع الإشهاد بأنها أصلية". ومن جانب آخر وبارتباط مع المرسوم المتعلق بتدبير الأرشيف، اعتبر جامع بيضا أن تنظيم مائدة مستديرة تحمل عنوان "مشروع المرسوم التطبيقي للقانون 69.99 :خارطة طريق لتدبير جيد للأرشيف "، يأتي لضرورة تعميق النقاش في القضايا المتعلقة بتدبير الأرشيف الوطني وسبل النهوض به، خاصة في الجانب القانوني منه، وإغنائه وذلك بالنظر للأهمية البالغة التي يكتسيها تنظيم الأرشيف ودوره في تدبير المرفق العام وحسن سير شؤون الدولة وتكريس الديمقراطية والشفافية . وأضاف مدير مؤسسة أرشيف المغرب، أن الأمر يتعلق بقطاع ذي طابع استراتيجي بالرغم من فتوته، ويتطلب القيام بعمليات تحسيسية وتوعية بدوره في تأطير الحق في الولوج للمعلومة وإرساء دولة الحق والديمقراطية والمؤسسات، فالأرشيف يضم تاريخ وماضي وحاضر الشعوب بل ويمثل مستقبلها. دعم مالي وفي قراءة للمرسوم التطبيقي لقانون الأرشيف قدمها خلال هذا الندوة ، أكد عدنان السعيدي ممثل وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، وأحد أعضاء اللجنة الوزارية المشتركة التي أعدت مشروع المرسوم، على الأهمية الكبرى التي يمثلها المرسوم كنص لتنزيل مضامين القانون المنظم للأرشيف الوطني وتدبيره، مبرزا بخصوص نص المرسوم أنه لم يكن من السهل إخراجه إلى حيز الوجود لكونه نص لا يشبه باقي المراسيم الأخرى . واقترح المسؤول الوزاري لتيسير أمر تدبير الأرشيف داخل الإدارات العمومية أن تقدم وزارة الوظيفة وتحديث الإدارة التي تدير ما يسمى بالصندوق المغربي لتحديث الإدارة، دعما ماليا للقطاعات التي تقترح صفقة لتدبير أرشيفها، بحيث يمكن أن يمول الصندوق قيمة الصفقة في حدود 50 في المائة أي ما يصل إلى 2 مليون درهم . وأبرز أن الخصائص المميزة للمرسوم التطبيقي تتحدد في خمس جوانب أساسية، يأتي على رأسها أنها ستمكن من مأسسة بنية الأرشيف داخل الإدارات العمومية والهيئات والمؤسسات، وذلك من خلال إحداث بنية إدارية خاصة بالأرشيف ملحقة بالكاتب العام ،مشيرا أن أي بنية إدارية لا تلحق بالكاتب العام إلا لأهميتها واستراتيجيتها على مستوى التدبير الإداري للإدارة المغربية. وبرر عدم النص على إلحاق هذه البنية فيما يخص الجماعات الترابية بالكاتب العام أو رئيس الجماعة، بكون الأمر يتعلق بتراتبية قانونية فالمرسوم لا يصل إلى درجة القانون التنظيمي للجماعات الترابية ،لذلك فاللجنة أو معدي المرسوم أكدوا أن إبرام اتفاقية الشراكة بين الإدارات المعنية والجماعة من شأنه أن يحل هذا الإشكال، قائلا"لدينا تجربة كبيرة في هذا المجال ، وهذه التقنية مهمة جدا في مسار تسيير العديد من القضايا". ومن بين المزايا الأخرى التي عددها المسؤول الوزاري تلك التي تخص طابع المرونة الذي يتسم به المرسوم والذي يمكن إذا ما استجدت في ميدان الأرشيف تقنيات جديدة أن يتم العمل تحيينه وفق ذلك، وهذا الأمر يسري على مسألة عدم إلحاق الدليل المرجعي الذي يمكن أن يواكب التكنولوجيات الحديثة بمجرد الاطلاع عليها، وتحيينه دون أن يتطلب الأمر لمساطر معقدة. رهانات كبيرة ومن جانبها اعتبرت بشرى لطيفي رئيسة قسم أرشيف الإدارات المركزية والمؤسسات العمومية بمؤسسة أرشيف المغرب، أن إعداد المرسوم التطبيقي لقانون الأرشيف يحظى بالأولوية على مستوى ورش تدبير الأرشيف الوطني، فالرهانات والتحديات المرتبطة بهذا الجانب ضخمة جدا، مشيرة أن مشروع المرسوم وضع إجراءات ملزمة للإدارات العمومية والهيئات والمؤسسات تخص تدبير أرشيفها، بحيث لايمكن الخروج عن ما حدده المرسوم الذي أقر شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتلاف الأرشيف العادي والوسيط وشروط وإجراءات تحويل الأرشيف النهائي وأكدت أن تنظيم الأرشيف داخل الإدارات العمومية يعد خطوة هامة في الحفاظ عليه والاستفادة منه، مبرزة أن المرسوم نص على ضرورة إعداد برنامج لتدبير الأرشيف العادي والوسيط لدى إدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية والهيئات الخاصة المكلفة بتدبير موفق عمومي. أما الحسن المعلم، مدير مدرسة علوم الإعلام، فقد أشار إلى أن المغرب يعرف تأخرا في تدبير الأرشيف يوازي قرنا من الزمن، وأن مشروع المرسوم التطبيقي الذي بلورته اللجنة الوزارية الموسعة يعد مفخرة لكونه أقر بنية إدارية خاصة داخل الإدارة العمومية لتدبير الأرشيف. ولم يفت مسؤول مدرسة علوم الإعلام التأكيد على ضرورة إخراج إلى حزي الوجود للقانون الأساسي المنظم لمهنة الأرشفيين، وكدا الدعوة إلى ضرورة إشاعة ثقافة الاعتناء بالأرشيف داخل الإدارات العمومية، معتبرا أنه بالرغم من التنصيص على إلحاق بنية إدارية بالكاتب العام كأعلى هيئة بعد الوزير حتى تبقى بنية قائمة ومستمرة في الزمان فإن الأمر مع ذلك يبقى معلقا على روح المواطنة. ومن جهته، دعا إبراهيم إدريس بوفال رئيس قسم التوثيق بوزارة الاتصال، مؤسسة أرشيف المغرب إلى العمل على مواكبة مجموع الإدارات العمومية عند دخول المرسوم حيز التطبيق، مشددا على التكوين المستمر كآلية لتوفير كفاءات في مجال الأرشيف، وعلى ضرورة أن يتضمن المرسوم بعض الضمانات القانونية للعاملين القائمين على مهمة إتلاف الأرشيف . الأرشيف الإلكتروني والسمعي البصري فيما طالب عبد الله لمرابط عن منتدى الباحثين في العلوم الإدارية والمالية، والذي أطلق بمناسبة اليوم العالمي للأرشيف حملة إلكترونية للتحسيس بأهمية الأرشيف الوطني،"طالب" إلى إغناء مشروع المرسوم التطبيقي لقانون الأرشيف والتأكيد على أهمية الأرشيف بوثائقه الورقية والإلكترونية أو أي نوع من الحمولة، بتضمينه بنودا تنص على مسألة الأرشيف الإلكتروني والسمعي البصري، هذا الأخير الذي هو أساسا مهدد بالاختفاء أو في أحسن الحالات فقدان جزء مهم منه. كما دعا إلى تعويض التنصيص على إبرام اتفاقيات بالاتفاقية الجماعية التي تعد أكثر إلزاما ، فضلا عن التدقيق في مسألة نوعية الأرشيف الذي لايمكن وضعه رهن إشارة العموم، مشددا في ذات الوقت على انفتاح مؤسسة الأرشيف الوطني على الجامعة المغربية للدفع والنهوض بالبحث في المجال. أما ممثل الجمعية الوطنية للإعلاميين ، فقد أشار إلى عدد من الإيجابيات التي حملها مشروع المرسوم بكونه نص على إحداث بنية إدارية خاصة بتدبير الأرشيف داخل الإدارات العمومية وهو ما سيعطي دعامة للإداريين، مشيرا إلى ما يعرفه تدبير الأرشيف حاليا والذي يتم عن طريق شركات المناولة، حاثا على الانتباه إلى هذا الجانب بوضع ضوابط بشأن الشركات العاملة في المجال وأن تضطلع مؤسسة أرشيف المغرب بدور الرقيب على العقود المبرمة في هذا الإطار. كما شدد على ضرورة التدقيق فيما يتعلق بطبيعة الأرشيف الاستراتيجي بضبط الاستثناءات التي كانت تكون مبررا للعددي من الإدارات تلجأ إليها لامتناع عن تقديم أرشيفها الوثائقي لمؤسسة أرشيف المغرب.