أرشيف المغرب تنتظر مقرا جديدا وموارد مالية وبشرية للقيام بمهمتها أعلن وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي عزم وزارته الأكيد على تسريع العمل من أجل تمكين مؤسسة أرشيف المغرب التي تعد أحد المؤسسات الاستراتيجية في صرح البناء المؤسساتي الديمقراطي الحداثي للمغرب من التوفر على مقر جديد، فضلا عن تمكينها من الحصول على الموارد المالية والبشرية اللازمة للقيام بمهمتها. وأكد الصبيحي يوم الجمعة الماضي خلال افتتاح أشغال اليومين الدراسيين اللذين تنظمهما مؤسسة أرشيف المغرب بتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومدرسة علوم الإعلام بالرباط،حول موضوع» تدبير الأرشيف الجاري والوسيط بالمغرب، والتداول حول أية استراتيجية يمكن تبنيها بهذا الخصوص»، على أن وزارة الثقافة عازمة على العمل من أجل بلورة مختلف التوصيات الصادرة عن المجلس الإداري الأخير لمؤسسة أرشيف المغرب، بما فيها إحداث مجلس أعلى للأرشيف، مشددا على ضرورة تنزيل مضامين القانون المتعلق بالأرشيف، وملاءمته مع كل المستجدات والتحولات التي يعرفها المغرب وخصوصا ورش الجهوية المتقدمة، في مسعى واضح لوضع إطار قانوني يستوعب كل الحساسيات والخصوصيات التي تعكس تنوع و قوة المجتمع المغربي بشكل عام. وأبرز المسؤول الحكومي أهمية تنظيم هذا اللقاء على اعتبار أنه يشكل فرصة للتداول والتفكير الجماعي حول أية إستراتيجية ينبغي تبنيها في مجال تدبير الأرشيف الوطني، وذلك انسجاما مع ما يقره قانون الأرشيف الذي ينسجم في عدد من مقتضياته مع مضامين التصريح الحكومي الذي يؤكد على ضرورة بلورة سياسة تشاركية مع جميع الأطراف المعنية من أجل وضع خطة عمل ناجعة لإنقاذ الأرشيف الوطني، وذلك عبر تشخيص دقيق لوضعيته وطنيا وتوفير الوسائل الضرورية لاستيعاب جزء منه وصيانته وتمكين الباحثين والمهتمين من الاطلاع عليه، بل وإطلاق حملة لجمع المعطيات الخاصة بالأرشيف الوطني المحفوظ بالخارج. ودعا في هذا الصدد وفي إطار الامتثال لمقتضيات قانون الأرشيف خاصة في مادته التاسعة والتي تنص على أن «الأشخاص والمؤسسات والمنظمات المشار إليها في المادة 3 مطالبة بوضع جدول زمني للاحتفاظ بالأرشيف الجاري والوسيط ومآله النهائي»، دعا كافة الأطراف المعنية بموضوع الأرشيف إلى فتح حوار واسع ومعمق من أجل وضع الإجراءات الخاصة بتدبير الأرشيف والخدمات المرتبطة به وتكثيف الجهود لإصدار المراسم التطبيقية المتعلقة بجداول حفظ الأرشيف الجاري والوسيط وكيفيات حفظه و فرزه، فضلا عن القوانين المنظمة لعملية الإتلاف التي تتحدد بتنسيق وصرامة بين الهيئة التي أنتجته أو تسلمته ومؤسسة أرشيف المغرب. ومن جانبه، جدد مدير مؤسسة أرشيف المغرب، جامع بيضا، خلال افتتاح هذه الندوة التي حضرها مستشار جلالة الملك محمد السادس أندري أزولاي، ووزير الاتصال مصطفى الخلفي، نداءه للحكومة من أجل تمكين المؤسسة من الإمكانيات الضرورية المادية والبشرية المؤهلة من أجل الاضطلاع بمهامها، والعمل في اتجاه إحداث المجلس الأعلى للأرشيف يكون تحت رئاسة رئيس الحكومة ويضم في عضويته ممثلي القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية بالأرشيف. وأكد جمع بيضا في هذا الصدد على الأهمية المحورية التي يكتسيها وجود مؤسسة أرشيف المغرب، والتي تعد أحد نتائج مسار التسوية المصالحة الذي خطه المغرب، إذ أصبحت اليوم استنادا لتنصيف حكومي ضمن عشرين مؤسسة عمومية استراتيجية، داعيا إلى التعجيل بتنفيذ التوصيات التي أسفرت عنها أشغال أول مجلس إداري لمؤسسة أرشيف المغرب مؤخرا، والتي تخص تكوين لجنة وزارية تضم مختلف القطاعات المعنية بالأرشيف من أجل العمل على صياغة القوانين التنظيمية المرتبطة بقانون الأرشيف الوطني، بالإضافة إلى تضمين مسألة تدبير الأرشيف ضمن مشروع الجهوية المتقدمة. هذا فضلا عن جعل تاريخ 30 من شهر نونبر من كل سنة والذي يصادف المصادقة على أول قانون للأرشيف تم اعتماده بالمغرب ليصبح يوما وطنيا للاحتفاء بالأرشيف، وكذا تمكين المؤسسة من مقر جديد يتيح للمؤسسة القيام بمختلف مهامها وفق المعايير الدولية في المجال، والتي تشمل أساسا مهمة صيانة تراث الأرشيف الوطني وتكوين أرشيف عامة وحفظها وتنظيمها وتيسير الاطلاع عليها لأغراض إدارية أو علمية أو اجتماعية أو ثقافية. وأبرز المتحدث الأهمية المحورية لإقرار استراتيجية لتدبير الأرشيف الوطني، مشيرا إلى ضرورة إجراء حوار وطني يضم مختلف الفاعلين على اعتبار أن برمجة نظام وطني لتدبير الأرشيف أمر جد معقد لكونه يخص عددا من القطاعات والمؤسسات، وهذا يتطلب وضع معايير وبرامج تنطبق على جميع المؤسسات والإدارات العمومية والجماعات المحلية، والمؤسسات والمقاولات العمومية وكذا الهيئات الخاصة المكلفة بتدبير المرفق العام. وفي تصريح لبيان اليوم اعتبر مدير مؤسسة أرشيف المغرب أن تنظيم هذا اللقاء الدولي حول موضوع «تدبير الأرشيف الجاري والوسيط بالمغرب، والتداول حول أية استراتيجية يمكن اعتمادها وطنيا»، بإشراك مختلف الأطراف المعنية والمهتمة من مسؤولين حكوميين وأكاديميين وخبراء وباحثين وفاعلين حقوقيين مغاربة وأجانب، يعد مناسبة للتأمل الجماعي مع استحضار تجارب دولية مقارنة في مجال تدبير الأرشيف. وأوضح في رده على سؤال لبيان اليوم حول أية تجربة يعتبرها مدير مؤسسة أرشيف المغرب بأنها الأقرب بالنسبة لحالة المغرب والكفيلة بالإجابة عن مختلف التساؤلات المطروحة وطنيا بشأن التدبير الوطني لمختلف الوثائق التي تنتجها الإدارة والمؤسسات والهيئات الوطنية بما فيها تلك التي تشتغل في مجال اتخاذ القرار السياسي، أو تسيير الشأن العام أو المجال الاستخباراتي والمجال العسكري، (أوضح) أن صفحة تدبير الأرشيف في المغرب لازال يكتسيها البياض بمعنى أنها لازالت تتلمس الطريق، وأنه من الجيد أن تطلع جميع الأطراف والفاعلين المعنيين بالأرشيف على مختلف التجارب المغاربية منها والدولية لمعرفة جوانب القوة والضعف فيها، من أجل تكوين تصور لتجربة تريد أن تتملك كافة عناصر النجاح ويكون لها قدر مهم من الفاعلية والنجاعة على أرض الواقع.