الصبيحي: جيل جديد من المؤسسات العمومية لدعم الاقتصاد الثقافي أفاد محمد أمين الصبيحي وزير الثقافة، أول أمس بسلا، أن شركة تنمية المقاولات الثقافية، سترى النور قبل متم نهاية الأسدس الأول من السنة الجارية، على أساس تعاقدي بين القطاعين العام والخاص. وأضاف الوزير الذي كان يتحدث ضمن فعاليات الدورة السابعة لمهرجان سلوان في لقاء أربعاء المعرفة ، حول التحدي الثقافي في المغرب، و تقديم ثلاثية "التحدي الثقافي في المغرب" للأستاذ محمد بهضوض، "أضاف" أن الهدف من إحداث شركة تنمية المقاولات الثقافية، هو دعم الصندوق الوطني للصناعة الثقافية الذي تم إقراره ضمن العمليات المهيكلة التي وضعتها وزارة الثقافة من أجل دعم وتنظيم اقتصاد ثقافي واعد. وأوضح محمد أمين الصبيحي، أن الوزارة خصصت لهذا الصندوق اعتمادات مالية تصل إلى 55 مليون درهم، كمرحلة أولى، على أن يتضاعف هذا الغلاف ليصل إلى 100 مليون درهم سنة 2017 في أفق بلوغ هدف 200 مليون درهم سنة 2020، مشيرا إلى أن الصندوق الوطني لدعم الصناعات الثقافية سيكون من وظائفه الرئيسية دعم كل سلاسل الإنتاج الفني. ومن بين العمليات المهيلكة التي أوردها الوزير خلال هذا اللقاء، الذي دأبت على تنظيمه جمعية سلا المستقبل، تحسين العرض الثقافي من خلال وضع قانون من أجل إحداث مؤسسات الشراكة الثقافية كصيغ تدبيرية للمرافق والبنيات الثقافية، مشيرا إلى أن هذا الجيل الجديد من المؤسسات العمومية سيسمح للشركاء بالاشتغال معا بشكل عقلاني، و إصلاح برنامج منظومة التعليم الموسيقي بالمغرب، بالإضافة إلى وضع نظام لتنظيم المتاحف. وشدد وزير الثقافة على ضرورة تطوير طرق تدبير المعالم الثقافية وربطها بالسياحة الثقافية، في أفق تنمية مداخل هذه المعالم لتصل إلى 200 مليون درهم سنويا مع حلول سنة 2020، مشيرا إلى أن الوزارة لا تتوفر على الخبرة اللازمة في هذا المجال المرتبط بالتدبير الاقتصادي لهذه المعالم، وهو ما يفرض، بحسب الوزير، أن تضطلع بهذه المهمة مؤسسات لها خبرة في التدبير الاقتصادي لتلك المعالم الثقافية، إلى جانب وزارة الثقافة التي تقوم بالترميم والصيانة والتأهيل. وفي سياق حديثة عن العمليات المهيكلة التي وضعتها الوزارة من أجل دعم اقتصاد ثقافي، ذكر الوزير بإحداث المراكز الوطنية للخبرة، والتي حدد عددها في ثمانية مراكز ستكون على شكل مؤسسات أو مجموعات ذات منفعة عمومية أو منفعة اقتصادية، بالإضافة إلى البرنامج الوطني للمراكز الثقافية، الذي يروم تجاوز الخصاص الذي تعرفه مختلف جهات المملكة، من خلال التقائية القطاعات الأخرى التي تتدخل في الشأن الثقافي كوزارة الداخلية ووزارة الإسكان وسياسة المدينة. وفي الوقت الذي أكد في الوزير محمد أمين الصبيحي على مجموعة من المكاسب التي تحققت في مجال قطاع الثقافة، أقر بوجود العديد من النقائص التي يتعين تجاوزها من خلال انخراط جميع الفاعلين والمتدخلين في إستراتجية المغرب الثقافي 2020 كمقاربة مندمجة يتعين أن ينخرط الجميع في بلورتها على أرض الواقع على اعتبار أن الثقافة ليست شأنا قطاعيا وإنما هي شأن مجتمعي. وخلال هذا اللقاء الذي خصص لتقديم ثلاثية "التحدي الثقافي في المغرب" للأستاذ محمد بهضوض، الباحث في قضايا الثقافة والقضايا الحضرية، وقف الباحث أحمد عيدون، عند أهم مقومات الشأن الموسيقي ببلادنا، كأهم التعابير الثقافية التي تترجم التنوع والتعدد الثقافي الذي يمتاز به المغرب. وأوضح أحمد عيدون أن هناك حوالي 70 نمطا موسيقيا، دون الحديث عن التنوع والاختلافات الموجودة داخل المنطقة الواحدة والتي تختزن أنماط موسيقية مختلفة ومتعددة، تحيل على الغنى الثقافي والفني المغربي. وشدد الباحث في الشأن الموسيقي،على ضرورة التكوين الموسيقي من أجل التأسيس لحركة فنية، وذلك عبر منظومة للتعليم الموسيقي، تكون متجدرة في تربتها ومنفتحة على العالم، داعيا في الوقت ذاته، إلى العناية بالإنتاج الفني والموسيقي باعتباره صناعة ثقافية تهم مؤسسات وهياكل لها علاقة بالمنتوج الثقافي، المرتبطة بالجانب الترويجي والتسويقي للثقافة المغربية بالداخل والخارج من خلال وضع الآليات الضرورية لذلك. وأضاف العيدوني أن اعتبار الموسيقي مجرد فرجة، هو أمر خاطئ، على اعتبار أن الموسيقى اليوم، باتت مرتبطة بمجموعة من المهن التي تصل إلى أزيد من 60 مهنة لها علاقة بالموسيقى. من جانبه، وقف الباحث الأنتروبولوجي مراد الريفي، عند مجموعة من الخاصيات التي تميز الكاتب محمد بهضوض، كواحد من الكتاب المغاربة الذي زاوج في تكوينه بين التكوين الفلسفي والتكوين الصحفي، مشيرا إلى أن هذا الجانب من شخصية الكاتب ساعده على تحري الدقة في البحث عن المعلومة وعن مصداقيتها. وأوضح مراد الريفي أن المجهودات التي تمت في قطاع الثقافة على عهد محمد أمين الصبيحي، سواء من خلال توفر المعلومة أومن خلال السياسة التواصلية والتي كانت غائبة منذ تأسيس الوزارة في ستينيات القرن الماضي، كل ذلك ساعد محمد بهضوض على إخراج ثلاثيته التي تسجد رؤية موضوعية للشأن الثقافي ببلادنا. وذكر الباحث مراد الريفي أن مضمون ثلاثية محمد بهضوض، يمكن أن يعالج من خلال ثلاثة محطات أساسية، الأولى مرتبطة باستراتيجية المغرب الثقافي حيث يضع الكاتب، مشروعا لميثاق وطني للثقافة،وهي محاولة "جريئة" يقول الريفي الذي حدد المحطة الثانية في الحديث عن الحقل الثقافي الحديث انطلاقا من مرجعيات محددة، حيث شرح كيف تم الانتقال من الثقافة من أجل الثقافة، إلى الثقافة من التنمية، راصدا من خلال ذلك التطور التاريخي لخمس حقول ثقافية. المحطة الثالثة التي ساقها مراد الريفي في عمل محمد بهضوض، هي تلك المرتبطة بحرقة السؤال الثقافي في المغرب، وما يتفرع عنه من إجابات محتملة وممكنة في ظل التطورات السريعة والمضطردة التي يعرفها هذا المجال على المستوى الوطني والعالمي. وفي كلمة له بالمناسبة، حاول صاحب الثلاثية محمد بهضوض الوقوق عند أهم المفاهيم والأسئلة التي يشتغل عليها، ضمن مشروعه الفكري والفلسفي، والتي هي عبارة عن تساؤلات كبرى لقضايا ثقافية تبدو شديدة التعقيد، من قبيل مفهوم الإبداع الثقافي، ومفهوم الثقافة والسياسة الثقافية والعولمة الثقافية. كما حاول محمد بهضوض وضع مجموعة من الإشكالات الكبرى المرتبطة بالتغيرات التي تعرفها مجموعة من البراديغمات التي أطرت مفهوم الثقافة منذ أزيد من ثلاثين سنة. وأشار الباحث إلى أن التحولات الكثيرة والسريعة أفرزت سياسات ثقافية متعددة وليس سياسة ثقافية واحدة، كما أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي ستطرأ في المستقبل، ستفرض مجموعة من التحديات الكبرى على السياسية الثقافية. يشار إلى أن الباحث محمد بهضوض، أصدر ثلاثية تحت شعار "التحدي الثقافي في المغرب" من منشورات وزارة الثقافة سنة 2014 وهي المغرب الثقافي، والمشهد الثقافي، والفكر الثقافي. وقد قام الباحث محمد بهضوض، في هذه الثلاثية، بتحليل دقيق للوضع الثقافي في المغرب، وتوقف عند عدد من القضايا ذات الصلة كالتراث واللغة والتربية والقيم والمعرفة والدين والجمهور والوساطة ...، مقترحا أرضية لميثاق وطني للثقافة قصد التداول والنقاش، في أفق إعداد مشروع أو سياسة وطنية للثقافة، متوافق بشأنها بين كل الفعاليات الثقافية والفنية في المغرب تعتمدها الوزارة المعنية.