قال الكاتب والأستاذ عبد الوهاب الرامي، "إنه يمكن قراءة ثلاثية التحدي الثقافية للكاتب محمد بهضوض في إطار علاقة تكامل وتجانس، حيث أن الجزئين الثاني والثالث هما امتداد لبعض الإشكاليات والتساؤلات التي طرحها المؤلف في أولى أجزاءه". وأضاف خلال حفل تقديم "ثلاثية التحدي: المشهد الثقافي، المغرب الثقافي، الفكر الثقافي"، للكاتب محمد بهضوض والصادرة عن منشورات وزارة الثقافة، طبعة 2014، أن المؤلفات الثلاث تمنح بعد قراءتها ترابية معينة، مشيرا في نفس الوقت أن الكاتب قد اشتغل تحت شعار التحدي الثقافي في المغرب الذي يعتبر بمثابة خيط ناظم على طول الثلاثية الثقافية. وأوضح أن المقدمات والخاتمات تمثل نسبة 10 إلى 15 في المائة من المؤلفات، التي تدل على هوس الكاتب بتأطير المتن، إضافة إلى تعدد المراجع التي اعتمدها بهضوض في صياغته لثلاثية التحدي الثقافية. وعن بنية المقدمة، شرح عبد الوهاب الرامي أن الكاتب قد بدأ في كل مؤلفة على حدى بالطرح الإشكالي، قبل أن يبدي الكاتب بهضوض بعد قناعاته الشخصية، خاتما باقتراح بعض مسارات الحلول، ويكمن اعتبارها أنها مقدمات تحفيزية منفتحة على السؤال. وقدم عبد الوهاب الرامي مثالا لخاتمات المؤلفات الثلاث التي تعتبر طويلة نسبيا، حيث أن الباحث يعيد طرح الأسئلة المرتبطة بأولويات الموضوع المطروح "التحدي الثقافي في المغرب". وختم مداخلته، أن الدولة أهملت الثقافة بمفهومها الحديث على حساب الثقافة بتمثلاتها التقليدية التي تشمل الدين، الثراث، والفلكلور، وهذا يعتبر بمثابة التساؤل المطروح والإشكالية التي لازالت مبهمة في نفسيات الكتاب والباحثين في المجال الثقافي. وقال الباحث عبد الحق ميفراني، في مداخلته في حفل تقديم ثلاثية محمد بهضوض، إن "مقاربة محمد بهضوض ترفض تجزيء القضايا وتدعي امتلاك الحقيقة والحلول وتقر بالتعددية في المقاربات، عبر انعدام اليقين والمخاطرة في الوصول إلى النتائج والانفتاح دائما على المستقبل". وأضاف، أن الكاتب حاول تشخيص وتقديم تحليل دقيق للإشكالية الثقافية في المغرب، حيث أن هذه الرؤية بالأساس هي التي تحكمت في ثلاثية التحدي الثقافية، التي من خلالها يسعى إلى التعجيل بصدور القرار التوافقي مع وزارة الثقافة، في أفق إعداد ميثاق وطني للثقافة في المغرب. وأشار إلى أن الكتب الثلاث تخضع لناظم واحد هي "الوضع الثقافي في المغرب"، وهي قضية يسعى الكاتب من خلالها إلى تدقيق مستويات التحليل حول قضايا جوهرية وفرعية، مع مراعاة الكاتب لراهنية النقاش المطروح حاليا في المجال الثقافي. وأبرز، أن قيمة الثلاثية تتمثل في قدرتها على منافسة القضايا الحقيقية في المغرب دون السقوط في رؤية تشخيصية، في ظل أن الثقافة أصبحت سجينة الرفوف الضيقة ومحصورة في عناوين قليلة. واستطاع الكاتب يضيف الباحث ميفراني، الدخول إلى جزء مهم من ارتباط المسألة الثقافية بالمغرب وبعدها السياسي والتنموي، والتي بإمكانها أن تجعل المسألة الثقافية أهم المداخيل لأي منطومة مجتمعية. وتحسر عبد الحق ميفراني، أن الثقافة أصبحت اليوم حاجة وليست مجرد شعار أو برنامج حكومي أو حتى إستراتيجية خاصة بالوزارة الوصية، وناشد في سياق حديثة بضرورة إدماج الأولويات الثقافية في أي مشروع مجتمعي. وحول دواعي تأليف هذه الثلاثية، قال الكاتب محمد بهضوض، إن "هناك سببان الأول ذاتي من قبيل اشتغالي في الميدان الثقافي في جميع مجالاته، والثاني موضوعي ويتجلى في اللحظة التي استدعاني فيها وزير الثقافة في سنة 2012 من أجل بعض الاستشارات الثقافية". وفسر أمام الحضور، أنه قد تناول في مؤلفاته ثلاث مفاهيم رئيسية، الثقافة، التدبير الثقافي والتعاون الثقافي الدولي عبر طرح إشكالية العولمة الثقافية، حوار الثقافات والحقوق الثقافية الدولية. وشدد على ضرورة التسريع بإنشاء مجلس وطني للغات والثقافة والمرصد الوطني للثقافة، ممنيا النفس بأنها ستكون الخطوة الأولى لجعل الثقافة بؤرة للتفكير.