أمين الصبيحي يدعو إلى القطع مع النخبوية في التعاطي مع الشأن التقافي والالتزام بالحكامة جاء في الورقة التقديمية لندوة «السياسات الثقافية بالمغرب: من أجل استراتيجية للنهوض الثقافي» التي ساهم فيها وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي والباحث عبد الرحمن طنكول، أنه «بعد مرور أكثر من سنة على المضامين الطموحة الواردة في التصريح الحكومي بخصوص النهوض بالثقافة الوطنية، تعتبر هذه الندوة فرصة فكرية لتوضيح وإضاءة مختلف التدابير المتخذة أو المسطرة لتنزيل الالتزام الحكومي على مختلف مجالات الثقافة المغربية، انسجاما مع روح الوثيقة الدستورية الجديدة للمملكة في هذا الجانب الحيوي، واستجابة للانتظارات والحاجيات الثقافية للمواطنين». وحرص وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي في مستهل مداخلته في هذه الندوة، على تقديم مفهوم للثقافة، حيث حددها بكونها مجموعة عناصر مميزة سواء ذات بعد روحي أو مادي لأنماط الحياة في المجتمع، المتجلية في القيم والتقاليد والمعتقدات، وهي تلعب دورا مركزيا على الصعيد الاجتماعي، ولها إمكانيات لتحقيق التنمية الاقتصادية وتوفير فرص جديدة للشغل. وذكر الصبيحي في هذه الندوة التي أقيمت ضمن البرنامج الثقافي لوزارة الثقافة بالدورة التاسعة عشر للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، والتي تولى تسييرها الإعلامي والمترجم مصطفى النحال، أن المغرب له تراث ثقافي غني، وأن الدستور أكد على الروافد والأصول المتعددة لهذه الثقافة، من قبيل الحسانية والمتوسطية والأندلسية والعبرية وما إلى ذلك. وأكد الصبيحي على أن الثقافة ليست فقط قطاعا حكوميا، بل تهم كل الفاعلين في هذا الميدان، وأنه بدون ذلك، لا يكون لها وقع في المجتمع. وأنه خلال ولايته على رأس وزارة الثقافة، حرص على إعطاء مدلول لهذه الوزارة، من خلال مقاربة تشاركية مع الجمعيات، والاعتماد على سياسة القرب والقطع مع النخبوية والالتزام بالحكامة، وأن ذلك ساهم بتحسين صورة الوزارة لدى المجتمع. وأشار الصبيحي كذلك إلى أن آليات الاشتغال لدعم مختلف أشكال الفنون، أصبحت متجاوزة ولم يعد لها وقع، فالوزارة ليست شركة للإنتاج الثقافي كما أنها ليست لها صلاحية اختيار المنتوج الإبداعي الذي ينبغي دعمه، بل إن ذلك موكول للجمهور، وبالتالي تم التفكير في استراتيجية للمغرب الثقافي في أفق 2020، تنبني على سياسة القرب والحق في الثقافة والتنوع الثقافي، وعلى كون الصناعة الثقافية تنطلق من مقاربة شمولية. وأكد عبد الرحمن طنكول على أن التحدي الذي ينبغي رفعه، هو الارتقاء بالمغرب إلى مجتمع اقتصادي، وعيا بأن المغرب ثقافي بالضرورة، نظرا إلى موقعه الجغرافي وتعدده اللغوي وتاريخه العريق وباعتباره ملتقى الحضارات والثقافات. ودعا إلى ضرورة تبني سياسة ثقافية جديدة، تدخل في إطار التنمية المستدامة. واعتبر طنكول أن مختلف الظروف مواتية للرقي إلى مجتمع اقتصادي: توفر العنصر البشري، غنى الآثار، تعدد اللغات والقبائل والفلكلور..وهذا المشروع المجتمعي يحملنا جميعا مسؤولية النهوض به، وليس ذلك موكول إلى قطاع بعينه. ولفت طنكول الانتباه إلى أن الثقافة المغربية أصبحت تحقق إنجازات هامة، وباتت تتبوأ موقعا هاما بين غيرها من الثقافات، وبالتالي فإن المغرب مطالب برفع التحدي، فالسياسة الثقافية المبرمجة هي أساسية، لكنها تظل غير كافية في غياب تدخل القطاعات الحكومية الأخرى، بما في ذلك القطاعات الخاصة. وتحدث طنكول كذلك عن الدور الذي تلعبه الثقافة في ما يخص مقاومة مختلف القيم السلبية التي باتت تجتاح الكون، من قبيل الدوغمائية وتصدع الهوية وما إلى ذلك، وبالتالي تعضيد المجتمع وحمله نحو التحديات الكبرى.