ندوة وطنية حول «الحقوق اللغوية والثقافية بالمغرب» بالرباط ينظم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، منذ أمس الثلاثاء ويومه الأربعاء بالرباط، ندوة وطنية حول «الحقوق اللغوية والثقافية بالمغرب». وذلك بمشاركة ممثلي المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان والفاعلين والحقوقيين. وذكر بلاغ مشترك للمعهد والمجلس، أن هذه الندوة، التي تندرج في إطار تفعيل اتفاقية الشراكة التي تجمع بين المعهد والمجلس، تهدف إلى بلورة تصور مشترك في أفق إعداد خطة عمل للنهوض بالحقوق اللغوية والثقافية. وأضاف البلاغ أن هذا اللقاء، الذي يأتي في سياق تكريس ما أنجز بالمغرب في مجال الحقوق اللغوية والثقافية، يسعى أيضا إلى تعميق النقاش والحوار حول مفهوم الحقوق اللغوية والثقافية واستراتجيات النهوض بها وآليات حمايتها، مع استحضار المواثيق الدولية والمرجعيات الوطنية. وأشار إلى أن أهمية هذا النقاش تنبع من الدينامية التي خلقها الاهتمام الخاص الذي أولته المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والفاعلين الحقوقيين، خلال العشرية الأخيرة، للحقوق اللغوية والثقافية، كإحدى أهم لبنات البناء الديمقراطي والنهوض بحقوق الإنسان، وذلك باعتبار أن التعدد اللغوي والثقافي يشكل مصدر غنى للشعوب، وأن احترام الحقوق اللغوية الثقافية من شأنه ضمان الأمن الثقافي والسلم الاجتماعي. وفي مايلي مشروع أرضية الندوة المشتركة بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حول الحقوق اللغوية والثقافية بالمغرب. ظهر مفهوم الحقوق الثقافية في المواثيق الدولية بشكل بارز مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، تم اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز العنصري والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية واتفاقية حقوق الطفل، بالإضافة إلي أنه ورد في العديد من الإعلانات الدولية والصكوك الإقليمية. وقد تناولت هذه المواثيق الحقوق الثقافية إما كحقوق جماعية وتتمثل في المساواة في الحقوق بين كل الشعوب، وحق الأشخاص في التمتع بثقافتهم واستعمال لغتهم، وحق كل شعب وواجبه في تطوير ثقافته وضرورة تنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات، وكذلك اعتبار جميع الثقافات بما فيها من تنوع وخصب ومن تباين وتأثير متبادل جزءا من التراث المشترك للبشرية، الشيء الذي يفرض ضرورة المحافظة عليها ورعايتها، كما تناولتها كحقوق فردية، كحق الفرد في المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية والاستمتاع بالفنون والتمتع بفوائد التقدم العلمي ومن نتائجه، وحق كل فرد في التربية والتعليم... وبالإضافة إلي كل المبادئ المنصوص عليها في هده الاتفاقيات فان إعلان اليونيسكو بشأن التنوع الثقافي قد حدد مفهوما واضحا للثقافة، حيث نص في فقرته السادسة علي أن «الثقافة بمعناها الواسع يمكن أن ينظر إليها اليوم على أنها جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينه أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الآداب والفنون وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونضم القيم والتقاليد والمعتقدات». ويعتبر هدا الإعلان أن «التعدد الثقافي تراث إنساني مشترك» مرتبط عضويا بحقوق الإنسان والحريات الأساسية والمساواة بين الثقافات. وقد حظيت الحقوق الثقافية في الآونة الأخيرة باهتمام بالغ خاصة وأن المنتظم الدولي يعتبر التعدد الثقافي غنا، وعاملا حاسما للإنصاف والمساواة وتحقيق التنمية، وأن احترام الحقوق الثقافية واللغوية ضامن أساسي لاستتباب السلم الاجتماعي، مما يدفعنا بدورنا إلى البحث بعمق في الحقوق اللغوية والثقافية كحق أساسي من حقوق الإنسان من شأنه أن يعزز المكتسبات التي حققتها بلادنا. فعلى المستوى الوطني، وفي ظل الدينامية التي انخرط فيها المغرب في العشرية الأخيرة من أجل النهوض بحقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية، فإن الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية كانت من ضمن الملفات التي حظيت باهتمام بالغ، وبدلك يعد خطاب العرش لسنة 2001 وخطاب أجدير لنفس السنة، وظهير تأسيس وتنظيم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مؤشرا قويا على دخول المغرب مرحلة جديدة للتصالح مع الذات، والقطع مع سياسة الإقصاء والتهميش، وإعادة الاعتبار للهوية الوطنية بكل أبعادها، خاصة وأن الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية شرط أساسي لبناء المجتمع الديمقراطي الحداثي الضامن للوحدة الوطنية وللتماسك الاجتماعي. وإذا كان يمكننا الآن الحديث عن توفر المغرب على إطارات مؤسساتية يستند إليها في النهوض بتعدده اللغوي والثقافي وحمايته، والمتمثلة في كل من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وأكاديمية اللغة العربية، فان الرهان المطروح عليه الآن يتمثل في كيفية تدبير هدا التعدد والتنوع بشكل يضمن المساواة بين كافة المواطنين في ظل احترام حق الاختلاف. وفي هذا الإطار، وإذا كانت الأمازيغية لغة وثقافة قد تم إدراجها في منظومة التربية والتكوين وفي الإعلام بشراكة بين المعهد وكل من وزارة التربية الوطنية ووزارة الاتصال كمدخل أساسي لولوجهما باقي المرافق والمؤسسات الاجتماعية الأخرى، فانه مازالت هناك تحديات كبرى لضمان الإدماج الفعلي للأمازيغية في باقي المؤسسات و كل مناحي الحياة العامة، الشيء الذي يتطلب الاعتراف الدستوري بها وتوفير الحماية القانونية بصفة عامة للشأن الثقافي واللغوي المتعدد والمتنوع ببلدنا. وتأتي هذه الندوة أولا لتفعيل اتفاقية الشراكة بين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كمؤسستين تعملان علي النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها قصد بناء دولة الحق والقانون، وثانيا لبلورة تصور مشترك في أفق إعداد خطة عمل بين المؤسستين للنهوض بالحقوق الثقافية واللغوية بالمغرب. كما نهدف من خلالها من جهة أخرى المساهمة في تعميق الحوار حول الحقوق الثقافية واللغوية حق من حقوق الإنسان انطلاقا من المحاور الآتية: 1) الحقوق الثقافية واللغوية بين المواثيق الدولية والمرجعيات الوطنية. 2) الآليات الدولية والوطنية لحماية الحقوق الثقافية والنهوض بها. 3) وضعية الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية بالمغرب. 4) مسوغات النهوض بالحقوق اللغوية والثقافية.