أقيمت أخيرا بالرباط، أعمال ثلاث ورشات، خلصت إلى أن التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب يعتبر غنى وعاملا حاسما للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأن احترام هذا التعدد وحمايته رافعة أساسية لتحقيق المساواة والإنصاف وتعزيز حقوق الإنسان بالمملكة. وقد تمخضت هذه الورشات عن جلسة عامة تأطيرية لملتقى وطني حول الحقوق اللغوية والثقافية بالمغرب، نظم مؤخرا بالرباط بشراكة بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وذلك بحضور ممثلي عدد من الوزارات والمؤسسات الوطنية وفاعلين في المجتمع المدني الوطني والجهوي وكذا بعض منظمات التعاون الدولي وباحثين ومهتمين. وتناول المشاركون في هذه الجلسة ثلاثة محاور يهم أولها سؤال الحقوق اللغوية والثقافية، ويهم ثانيها الحقوق اللغوية والثقافية من خلال الصكوك الدولية، فيما يخص ثالثها وضعية الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية بالمغرب. واعتبرت هذه الورشات، أن احترام التعدد يقتضي انخراط الجميع (حكومة، ومؤسسات وطنية، وفاعلين سياسيين وحقوقيين...) في السياسة الجديدة للبلاد والرامية إلي الاعتراف بكل مكونات الهوية المغربية وإعادة الاعتبار للثقافتين واللغتين الأمازيغية والعربية كمكونات أساسية لهذه الهوية باعتبارها رافعات نوعية في مسيرة البلاد نحو الديمقراطية والتنمية، في إطار المشروع المجتمعي المنشود. وكان رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وعميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أكدا، خلال الجلسة الافتتاحية، أن التوجه العام الحقوقي اليوم يهدف إلى إعطاء الحقوق الثقافية واللغوية نفس الأهمية التي تحظى بها باقي الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية باعتبار أن حقوق الإنسان «منظومة مترابطة المكونات ومتداخلة العناصر وغير قابلة للتجزيء». وركز المسؤولان على توضيح أهداف اللقاء المتمثلة في دعم التفكير والتشاور بين مختلف الفاعلين حول الحقوق الثقافية واللغوية وآفاقها مع إبراز الأهمية الاستراتيجية لهذه الحقوق في بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي، مع التذكير بالتحولات الإيجابية التي عرفها المغرب في هذا المجال، وأهمها توسيع نطاق صلاحيات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وإنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وإدماج الأمازيغية في بعض مجالات السياسات العمومية. وخلال الجلسة الختامية، تمت تلاوة التقرير العام للملتقى الذي تضمن مقترحات تروم المساهمة في إغناء النقاش الوطني حول القضايا ذات الصلة بالنهوض بثقافة حقوق الإنسان، كما تضمن عددا من التوصيات تخص تفعيل هذه الثقافة في المجالين القانوني والحقوقي وفي المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية.