رزئت أسرة المقاومة وجيش التحرير فجر يوم الثلاثاء 14 ربيع الأول 1436، الموافق ل 6 يناير 2015 في فقدان المقاوم الوحدوي المرحوم ايدا تمكدى الذي وافاه الأجل المحتوم بآسا. ويعتبر الفقيد المبرور أحد رموز وأعلام المقاومة وجيش التحرير، بصم بأياديه البيضاء وأعماله الجليلة وخدماته المبرورة وتضحياته الجسام تاريخ الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية واستكمال الوحدة الترابية. والراحل العزيز المشمول بعفو الله وكرمه المقاوم المرحوم ايدا تمكدى من مواليد سنة 1925 بمدينة اسا، من أسرة محافظة تنتمي إلى قبيلة ايتوسى ومعروفة في الصحراء المغربية بعراقتها ونبلها وجهادها في سبيل استقلال الوطن وتشبثها بالتوجه الوطني الوحدوي. انخرط في صفوف جيش التحرير في الجنوب المغربي، واستطاع بفضل وطنيته ومواقفه البطولية التي أبان عنها إلى جانب إخوانه الصحراويين، في مقارعة الجيشين الفرنسي والاسباني على حد سواء، أن يحظى بتقدير مجايليه ومعايشيه ومقدري أفضاله ومكرماته الذين يشهدون له بالحنكة والخبرة في خوض المعارك، فضلا عن درايته ومعرفته بالمجال الصحراوي بكل مكوناته وخصوصياته وملاءمتها مع الخطط المدروسة لشن هجمات وغارات على القوات الاستعمارية. كان المقاوم الوحدوي المقاوم ايدا تمكدى، قائد الرحى في المقاطعة السابعة لجيش التحرير بالجنوب المغربي، مثالا للرجل المجاهد في سبيل الوطن نشيطاً في عمله متحمسا في إيمانه معروفا بغيرته الوطنية من أجل استرجاع ما تبقى من صحراء وطنه. خاض المقاوم المرحوم ايدا تمكدى في صفوف جيش التحرير وبالخصوص في المقاطعة السابعة مجموعة من المعارك البطولية التي أبان فيها عن حنكته وتبصره وقدرته على قيادة فرقة المقاطعة السابعة إلى جانب إخوانه في مختلف المقاطعات، ومن بين المعارك التي خاضها «أم العشار» الأولى و»أم العشار» الثانية و»مركالة « و» تكل» و»وادي الصفا» و»الساقية الحمراء» و»اشت». كما شارك مشاركة وازنة في معارك أخرى بآيت باعمران منها الهجوم على معسكرات الجيش الاسباني بمنطقة «تلوين» التي يحكي فيها الفقيد عن صور البطولة والحماسة التي أبان عنها أفراد جيش التحرير بالمقاطعة السابعة إلى جانب إخوانهم الباعمرانيين، حيث حاصروا المعسكر الاسباني ثلاثة أيام، وفي اليوم الثاني أصيب برصاصة في فخذه الأيمن ليعود بعد استرجاع عافيته إلى صفوف جيش التحرير لاستئناف أعماله البطولية ومباشرة المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتقه . ولما تمت المناداة على أعضاء جيش التحرير للاندماج في أسلاك القوات المسلحة الملكية، استجاب المقاوم الوحدوي المرحوم ايدا تمكدى لنداء جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه سنة 1960 حيث ظل يشتغل بحامية ورزازات إلى سنة 1974 . كما شارك الفقيد في حرب الرمال سنة 1963 ودافع عن وحدة الصحراء المغربية. وفي سنة 1973 عين في منصب باشا على مدينة الزاك وفي الآن ذاته قائدا عسكريا بنواحي « تونزيكي»، كما خاض عدة معارك بنواحي» لبيرات» و «آسا « مدافعا عن حوزة الوطن وحدوده وحياضه. وعربون وفاء وتقدير لمسيرته النضالية والإنسانية والأخلاقية، حظي المقاوم الوحدوي المرحوم ايدا تمكدى بشرف تعيينه من لدن جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه، عضوا بالمجلس الوطني المؤقت لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، كما نال عن جدارة واستحقاق، حظوة الإنعام المولوي السامي عليه بوسام ملكي شريف سنة 2005، وشرف التكريم من لدن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمعية صفوة من مقاومي مدينة اسا يوم 23 نونبر 2002 بمناسبة تخليد ذكرى انطلاق عمليات جيش التحرير بجنوب المملكة. ويعتبر المقاوم الوحدوي المرحوم ايدا تمكدى هرما أشم في الثبات على المبادئ والذود عن حمى الوطن وحياضه وحدوده، متشبعا بروح نضالية عالية، ومخلفا مواقف بطولية مشرقة أهلته ليكون بحق من طلائع وخيرة المقاومين بهذه الربوع المجاهدة من وطننا الغالي. كما يعد صرحا شامخا في الوطنية والمقاومة والتحرير، استطاع بفضل سجاياه الحميدة وخصاله النبيلة ومسيرته الوطنية والنضالية المخضلة بسامق المكرمات وموصول البذل والعطاء والسخاء، أن يسجل اسمه في رقيم الذاكرة التاريخية الوطنية، مجسدا بنضاله ووطنيته ودفاعه عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية مبعث فخر واعتزاز، وقدوة في التشبت بالمبادئ الوطنية والالتزام والوفاء خدمة للعرش والوطن، معتنقا الوطنية عقيدة ومنهجا وخيارا، يغترف من معينها الدافق القيم النبيلة والمثل العليا التي أهلته لكي يضطلع بأدوار رائدة وطلائعية في رياض العمل الوطني التحريري الوحدوي الملتزم. هذا، وقد كان السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير حريصا دوما على عيادة المقاوم المرحوم ايدا تمكدى وتتبع حالته الصحية، وذلك من منطلق العناية التي يحف بها الشخصيات الوطنية وأفراد أسرة المقاومة وجيش التحرير، عربون تقدير وعرفان بمكانتهم المتميزة والمرموقة، وبرورا بشمائلهم الجليلة وسيرتهم الإنسانية والأخلاقية وأعمالهم الجليلة في رياض العمل الوطني والمقاومة وجيش التحرير. وفي هذا الظرف العصيب، يتقدم السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بعبارات أحر التعازي وأصدق المواساة لعائلة الفقيد الصغيرة وعائلته الكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة ضارعا إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان وأن يتغمد الراحل العزيز بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب وحسن المآب وأن ينزله منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» صدق الله العظيم. إنا لله وإنا إليه راجعون