في إطار أنشطة خميس السينما وحقوق الإنسان تنظم جمعية لقاءات متوسطية للسينما و حقوق الإنسان، في إطار أنشطة خميس السينما و حقوق الإنسان، عرض فيلم "حمى" لهشام عيوش يومه الخميس على الساعة السادسة و النصف مساءً (18H30) بقاعة سينما الفن السابع- الرباط. يتبع العرض بنقاش مع كافة أعضاء جمعية السينما و حقوق الإنسان . الفيلم يحكي قصة الطفل بنجمان٫ الذي كان يعيش رفقة والدته الفرنسية٫ لكن بعد دخولها السجن بتهمة الدعارة٫ اضطر إلى الانتقال للعيش رفقة والده المغربي٫ والذي لم يتعرف عليه من قبل في منزل العائلة سيضطر بنجمان إلى العيش رفقة والده وجدته وجده٫ لكن اللقاء كان صادما. هشام عيوش٫ الذي تخصص في تقديم المهمشين والتائهين في أفلامه٫ يقدم لنا في فيلمه الجديد نماذج عديدة منهم : الجد الذي يحلم بالعودة إلى البلد ٫ الأب الذي يشعر أنه يعيش من أجل لا شيء٫ الابن المتمرد٫ المهاجر الإفريقي الذي يبحث عن السعادة بعيدا عن الدمار والحرب٫ الرجل المثلي الذي يحاول الحصول على تصالح المجتمع٫ بالإضافة إلى شباب الأحياء الهامشية٫ أبناء المهاجرين الذين يعيشون حياة كلها عنف٫ دون نسيان الشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة (المرمي) في إحدى مراكز الإيواء. بعد اختبارات عديدة في الصحافة والإعلام والوثائقيات التلفزيونية، يخطو هشام عيّاش خطوته الأولى في صناعة الفيلم الروائي الطويل، وكان بعنوان «تيزاوول»، أو «حواف القلب». غير أن اعتبار «شقوق» إعلاناً عن ولادة سينمائي متميّز بجنونه الإبداعي الراقي في صناعة الصورة، ومختلف بقدرته على اختراق المحجوب وفضحه ومساءلته، لا يعني إلغاء الأساس الأول لهذه الولادة، أي «حواف القلب»، إذ يحمل هذا الفيلم بذوراً واضحة لحرفية مهنية ما، فإذا بالفيلم الثاني يؤكّد استمرارية الحرفية وبلورتها وتطوّرها، قبل أن يأتي الفيلم الثالث ليقول إضافة جمالية درامية فنية لمسارات السينمائيّ. ومع أن «شقوق» يبقى مختلفاً تماماً عن فيلميه الآخرين، على مستوى الهوس بلغة الصورة وارتباكاتها العاكسة حكايات وأناساً وتفاصيل، وعلى مستوى الذهاب بعيداً في اللعبة السينمائية، تصويراً ومونتاجاً وحركة كاميرا ومعالجة بصرية، إلاّ أن «حمّى» يحاول قراءة المناخات الإنسانية المرتبكة والقلقة نفسها، وإن عبر مسارات مختلفة، وتداعيات جديدة، وسلوك إخراجيّ آخر. قد يكون صعباً تحديد الحاجة الأساسية التي يريدها المراهق بنجامن (ديدييه ميشون). فمنذ اللحظات الأولى، يُصرّ على الخروج من الإصلاحية كي يعيش مع والده، معلناً أن المشكلة الأساسية كامنةٌ فيه هو، وأن أمه في السجن، وأنه يريد الذهاب إلى والده. الملامح الأولى التي تظهر على وجه الأب كريم زاروبي (سليمان دازي) هي نفسها التي ستُظلّل الحكاية، من دون أن تتحكّم بالمسارات كلّها. الصدامات عديدة بين بنجامن ووالده من جهة أولى، وبين بنجامن وجدّيه لوالده، عبدالقادر (لونّس تازايرت) وزهرة (فريدا عمروش)، من جهة ثانية. فهل هي صدامات مجانية، أو أنها تعبيرٌ عن رغبة دفينة في ذات المراهق في إثبات حضوره ووجوده؟ هل تعني انتقاماً من أب متخلٍّ عنه، أو أنها مجرّد سلوك طائش لمراهق ضائع؟ هل كانوا جميعهم محتاجين إلى بنجامن للتطهّر من أخطائهم وانزواءاتهم وارتباكاتهم وماضيهم وعلاّتهم المدفونة في أعماق الذات والروح، أو أن بنجامن نفسه كان، من دون أن يدري، محتاجاً إليهم فرداً فرداً كي يُنقذ نفسه من ورطة العيش في هذا القلق كلّه، والخوف المبطّن كلّه، والتوهان الخفيّ كلّه؟ ما الذي يجعل هيكل زاروبي (مُوْه عرّوسي)، شقيق كريم، مسجوناً في إعاقته الجسدية، وفي وعيه العقلي شبه الكامل، الذي يقوده إلى خلاص ما من مأزق يعاني سطوته؟ الأسئلة التي يطرحها «حمّى» كثيرة ومتشعّبة ومفتوحة على الأخلاقي والثقافي والتربوي والمعيشي، كما على نمط العلاقات القائمة بين كل فرد وذاته، وبين كل فرد والآخر، وأيضاً على معنى الهجرة والذاكرة والماضي. لكن الفيلم لا يأتي بأجوبة ولا يكترث بالبحث عنها، لأن همّه السينمائي محصورٌ باشتغالات عامة، فنياً وجمالياً وحكائياً، وبتحريض مبطّن على التأمّل بالحياة وشجونها. محيط الأب العامل كريم المُعيل الوحيد لوالديه وشقيقه المعوّق، ثمّ لابنه الوحيد بنجامن مليء بنماذج معذَّبة ومقهورة ومدفونة في خرابها اليومي البطيء، أو في وعيها قوة هذا الشقاء واستحالة الخروج منه، فإذا البديل خيارات قد لا تكون دائماً محبَّبة أو مقبولة. أنشئت جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان سنة 2010. وتهدف إلى النهوض بثقافة حقوق الإنسان من خلال السينما. وتضم الجمعية مكتبا منتخبا وفريقا إداريا. وقد نظمت منذ إحداثها نحو أربعين نشاطا : لقاءات خميس السينما وحقوق الإنسان، العروض الصباحية للأطفال، الماستر كلاس حول السينما وحقوق الإنسان والليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان. إن للجمعية قناعة راسخة بأن الإبداع السينمائي بمختلف أشكاله (الأفلام الروائية، الأفلام الوثائقية، الشريط القصير والشريط الطويل) يشكل رافعة قوية لنشر وتعميم قيم حقوق الإنسان والديمقراطية في كونيتها. يدعم البرمجة الجديدة لجمعية لقاءات متوسطية للسينما و حقوق الإنسان كل من المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية والمركز السينمائي المغربي و المجلس الوطني لحقوق الإنسان. * ملحوظة: سيعاد عرض هذا الفيلم يوم الأحد 28 دجنبر على الساعة السابعة مساءً (19h)، بقاعة السينما الفن السابع.