طلب المغرب، منذ سنة 1963، فتح المفاوضات من أجل إبرام اتفاق تجاري سنة 1969. وهو التعاون الذي تطور فيما بعد لينبثق عنه اتفاق جديد سنة 1976 يتضمن في آن واحد مقتضيات تجارية ومساهمة مالية في شكل هبات لتشجيع التنمية اقتصادية والاجتماعية في المملكة. ولمواكبة هذا الاتفاق، تم التوقيع على أربع بروتوكولات مالية خلال الفترة الممتدة ما بين 1976 و 1996 والتي تم تكميلها بقروض من البنك الأوروبي للاستثمار. وخلال الفترة التي تلت البروتوكولات المالية، مكن برنامج ميدا 1 (1996 99)، والذي يشكل ثلاثة أضعاف المساعدة المقدمة للمغرب مقارنة بالبروتوكولات المالية، من تعزيز الانتقال الاقتصادي وتحقيق التوازن السوسيو اقتصادي في المغرب. أما برنامج ميدا 2 الذي ما زالت بعض مشاريعه قيد التنفيذ، فقد مكن من رفع المبلغ المالي المخصص للمغرب بشكل ملموس. ومنذ فاتح يناير 2007، فإن الأداة الأوربية للشراكة والجوار هي التي تتكلف حيث خصصت مبلغا بقيمة 654 مليون درهم للفترة الممتدة ما بين 2007 و2010، مما يجعل المغرب أول مستفيد من الأموال الأوروبية في المنطقة. وعلى الصعيد الجهوي، فإن مؤتمر برشلونة المنعقد سنة 1995 الذي شهد مشاركة 15 بلدا أوروبيا و12 شريكا من حوض البحر الأبيض المتوسط، قد أفضى إلى إعلان برشلونة وهو الإعلان يشكل برنامجا طموحا للحوار، والتبادل والتعاون من أجل توفير السلم، والاستقرار والرفاهية في المنطقة. هذا التعهد السياسي الذي لم يسبق له مثيل يشمل المحاور: «السياسية والأمنية»، «الاقتصادية والمالية»، «الاجتماعية، الثقافية والإنسانية». وقد تبلورت هذه الشراكة على المستوى الثنائي من خلال اتفاق شراكة مع كل شريك في حوض البحر الأبيض المتوسط والاتحاد الأوروبي. وقد وقع المغرب، الذي يحتل مكانة إستراتيجية في الشراكة الأورو متوسطية، على اتفاق الشراكة هذا في فبراير 1996. وبعد مصادقة جميع برلمانات الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي، دخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ في مارس 2000. وتتمثل أهدافه الرئيسية في: - تعزيز الحوار السياسي - تحديد الشروط الضرورية للتحرير التدريجي لتبادل البضائع، الخدمات ورؤوس الأموال. - تطوير علاقات تجارية واجتماعية متوازنة بين الأطراف - دعم مبادرات الاندماج جنوب جنوب - دعم التعاون في الميادين الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والمالية. ويشكل احترام الأسس الديمقراطية وحقوق الإنسان كذلك عنصرا مهما لتبادلات الشراكة. سياسة الجوار: إطار جديد للمستقبل أطلق الاتحاد الأوروبي سنة 2003 سياسة الجوار التي تكمل الشراكة الأورو متوسطية وتحددها وتعمقها. ويسعى الاتحاد الأوروبي من خلال سن سياسة أوروبية للجوار، إلى تفادي خلق انفصالات جديدة بين الاتحاد الأوروبي الموسع وجيرانه في الشرق وكذلك جنوب وشرق حوض البحر الأبيض المتوسط. فالسياسة الأوروبية للجوار تتعدى العلاقات المتواجدة لتوفر علاقة سياسية واندماجا اقتصاديا أكثر عمقا، من شأنه أن يعزز الاستقرار والأمن ويضمن الرفاهية للجميع. وتتمركز هذه العلاقة على تعهد مشترك من أجل دعم قيم مشتركة من بينها: - احترام القواعد القانونية - الحكامة الجيدة - احترام حقوق الإنسان - دعم علاقات الجوار الجيدة - اقتصاد السوق - التنمية المستدامة لكن كيف تم تطبيق هذه الأفكار على أرض الواقع؟ بفضل مخططات العمل مختلفة عن بعضها، التي وُضِعت باتفاق مشترك بين الاتحاد الأوروبي وكل من الدول الشريكة والتي تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل بلد .ومخططات العمل هذه تحدد برنامج الإصلاحات الاقتصادية والسياسية مع تحديد أولويات على المدى القريب والبعيد. وبمناسبة انعقاد مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في 23 يوليوز 2007، قرر المغرب والاتحاد الأوروبي الشروع في تفكير مشترك يهدف إلى تقوية العلاقات الثنائية. وقد وُضِعَت اقتراحات ملموسة تهدف إلى تكريس الوضع المتقدم الذي يسعى إليه المغرب علاقاته مع الاتحاد الأوروبي. وخلال مجلس الشراكة السابع المنعقد في 13 أكتوبر 2008 في اللكسمبورغ، تم تأكيد الوضعية المتقدمة للمغرب كأول شريك في منطقة جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط مع تدشين مرحلة جديدة لعلاقات متميزة. وستؤكد هذه الوضعية المتقدمة من خلال تقوية الحوار السياسي، التعاون الاقتصادي والاجتماعي في ميادين البرلمان، الأمن والقضاء وفي مختلف القطاعات خاصة الفلاحة، النقل، الطاقة والبيئة علاوة على الاندماج التدريجي للمغرب في السوق الداخلية المشتركة والتقارب القانوني والتشريعي.