تجاوبا مع المناشدة الدولية التي أطلقتها منظمة العفو الدولية في شهر ماي الماضي، وتضامنا مع المعتقل علي أعراس الذي زعم أنه تعرض للتعذيب، أكد وزير العدل والحريات مصطفى الرميد لوفد منظمة العفو الدولية الذي اجتمع به أول أمس بالرباط، أنه تم فتح تحقيق جديد بخصوص حالة عالي أعراس. وقال الوزير لوفد أمنيستي الدولية إن القضية الآن أصبحت بيد القضاء الذي لا سلطة لأحد عليه، مؤكدا، في الوقت ذاته، على أنه «في حال ثبت أنه حصل تعذيب لهذا الشخص، فإن العقاب سيطال مرتكبي جريمة التعذيب». وأوضح محمد السكتاوي المدير العام لفرع أمنيستي المغرب، في تصريح لبيان اليوم، أنه على الرغم من أن اللقاء مع وزير العدل والحريات كان «وديا» إلا أن الوفد الدولي للمنظمة خرج غير مطمئن للوعود التي سمعها من وزير العدل والحريات، وسيظل يشعر بالقلق، إذا لم يتم التجاوب الإيجابي مع نداء المناشدة الدولي المتعلق بقضية عالي أعراس، وهو النداء الذي يجسد الضمير الأخلاقي والإنساني لمئات الآلاف من الناس العاديين والمدافعين عن حقوق الإنسان عبر العالم. وأفاد محمد السكتاوي أن الوفد الدولي أوضح لمصطفى الرميد وزير العدل والحريات بأنه «ينتظر من اللقاء معه أن يحمل أخبار سارة لحوالي 216500 مواطن عبر العالم الذين وقعوا رسالة المناشدة التضامنية مع عالي أعراس»، مشيرا إلى أنهم طالبوا من الوزير أن يعطيهم «شيئا ملموسا للعودة به إلى كل هؤلاء الذين أطلقوا نداء المناشدة». في الوقت ذاته، ذكر محمد السكتاوي أن وفد منظمة العفو الدولية عبر للوزير عن بالغ قلقه بشأن التضييق على الفرع المغربي للمنظمة، والذي كان من أبرز تجلياته منع مخيم الشباب الدولي للمنظمة الذي كان مقررا بالمركب الدولي للشباب والطفولة ببوزنيقة. في المقابل، شدد محمد السكتاوي على أن وفد منظمة العفو الدولية عبر عن تثمينه لكل الالتزامات التي تعهد بها الوزير، مشيرا إلى طبيعة اللقاء التي كانت محددة في حمل رسالة المناشدة حول قضية علي أعراس وهي القضية التي قال عنها السكتاوي «إنها قضية تجمعت فيها كل الدلائل القوية على حصول التعذيب، سواء من خلال تقييم المقرر الأممي الخاص بالتعذيب «خوان مانديز» أو تقرير الطبيب الشرعي الدولي سنة 2012، بالإضافة إلى قرار وملاحظات هيئات ومؤسسات حقوقية في مقدمتها مجلس حقوق الإنسان والفريق الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي ولجنة مناهضة التعذيب. وبحسب محمد السكتاوي، فإن وزير العدل والحريات أكد لوفد المنظمة على أن المغرب ماض في اتجاه القضاء على التعذيب وأنه يتفاعل مع توصيات منظمة العفو الدولية، مشيرا في هذا الصدد إلى مشروع مسودة المسطرة الجنائية الذي قال إنه يتضمن مجموعة من المقتضيات التي من شأنها أن توفر ضمانات فعالة ضد التعذيب من قبيل حصول المعتقلين على محام دون تأخير خلال استجوابهم من طرف الشرطة القضائية، وعدم الأخذ بالاعترافات التي تتم خارج فضاء القضاء، مع التأكد على إحالة جميع المعتقلين على الفحص الطبي، وضمان إجراء الفحوصات الطبية الشرعية من طرف خبراء طبيين مستقلين في جميع حالات الاشتباه أو التبليغ عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة. وعلاقة بالموضوع، أوضح بلاغ لوزارة العدل والحريات توصلت الجريدة بنسخة منه، أن الوزير مصطفى الرميد قال في كلمة له أمام وفد منظمة العفو الدولية «إن المغرب يعرف تحولات عميقة تميزه عن محيطه الإقليمي الذي يعرف اضطرابات لا تحترم فيها أدنى ضمانات حقوق الانسان،» مضيفا أن المغرب أنجز دستورا سنة 2011 مثل قفزة كبيرة في مجال ضمان الحقوق والحريات. وأكد الوزير على أن الحملة التي تقودها منظمة العفو الدولية، حول التعذيب لها إيجابيات وسلبيات، وأن من بين إيجابياتها دفع المغرب إلى مزيد من الحرص على الإجراءات اللازمة في مواجهة حالات التعذيب الفردية، ومن بينها المنشور الذي عممته وزارة العدل والحريات على النيابات العامة والذي يحثها على الاستجابة لطلبات إجراء الخبرة الطبية على من يدعون التعرض للتعذيب، ينضاف إلى ذلك الإجراءات الجديدة التي تضمنتها مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية والكفيلة بمنع التعذيب. وأضاف الوزير أن من بين سلبيات هذه الحملة «حشر المغرب في قائمة من خمس دول تستهدفها منظمة العفو الدولية بحملتها، في وقت يتميز فيه المغرب بوضع متقدم في حقوق الإنسان مقارنة مع دول أخرى لم تشملها الحملة مما لا يتلاءم مع المجهودات المبذولة والواقع الحقوقي المعاش». وشدد الوزير على الإرادة القوية للمغرب في مواجهة التعذيب الذي يمكن أن يرتكبه أيا كان، مستندا إلى العديد من حالات القائمين على إنفاذ القانون الذين تم البحث معهم وتقديمهم للمحاكمة بسبب الاشتباه في تورطهم في ارتكاب أعمال تعذيب.