في وقفةٍ احتجاج صامتةٍ أمام مقرّ البرلمان في العاصمة الرباط، طغى عليها اللون الأسود، عمل ناشطون من منظمة العفو الدولية "أمنيستي"، قَدِموا من 120 بلدا، إلى جانبِ نشطاءَ حقوقيين مغاربة، على المطالبة بوضعِ حدّ للتعذيب. النشطاء الحقوقيون حجّوا إلى الساحة المقابلة للبرلمان، مرتدين قُمصانا سوداء تحمل عبارة "أوقفوا التعذيب"، بعْد لقاء جمع ممثلي منظمة العفو الدولية مع وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، يوم أمسٍ بمقر الوزارة بالرباط. وكشف مدير فرع "أمنيستي" بالمغرب محمد السكتاوي في حديث لهسبريس، عمّا دار بين الطرفين خلال اللقاء، موضحا أنّ وزير العدل والحريات عبّر عن "نوايا طيّبة"، وأكّد أنّ المغرب اختار طريق حقوق الإنسان، وأنه اختيار استراتيجي لا رجعة فيه. غيْر أن الوفد الذي التقى بالوزير، يورد السكتاوي، قد قال للرميد "إننا نريد أنْ نحمل إلى بلداننا أخباراً عن أفعال ملموسة على أرض الواقع تتعلق باحترام حقوق الإنسان"، وأضاف السكتاوي "نحن لا نقبل أن يظلّ مواطن مظلوم في السجن لساعة واحدة". إلى ذلك، وردّا على انتقاد وزير العدل والحريات لمنظمة العفو الدولية، لاختيار المغرب من بين البلدان الخمسة التي اختارتها لإطلاق حملتها ضدّ التعذيب، قال السكتاوي "أوضحنا للوزير أن اختيار المغرب ليس من باب تبخيس جهوده أو التقليل مما قام به، بل اخترناه لكونه يمكن أن يكون منصّة انطلاق في منطقة تعرف انهيار قيم حقوق الإنسان. وأضاف "لا يمكن للمغرب أن يواجه التحديات التي تعرفها المنطقة، خاصّة مع ظهور غول الإرهاب، وينتقل إلى بلد ديمقراطي إلا باحترام حقوق الإنسان"، مشدّدا على أنّ اختيار المغرب "هو من باب الدعم والمساعدة لبلوغ هذا الهدف، وأن يكون جسرا في المنطقة كلها للانتقال إلى ضفّة حقوق الإنسان". وحضرتْ قضيّة علي أعراس، الذي اتخذته منظمة العفو الدولية "رمزا" لحملتها ضدّ التعذيب في المغرب خلال الوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان، إذْ تمّ وضعُ صورة له رفقة رضيعته قُبالة الساحة المقابلة للبرلمان، وتحتها عبارةُ "أكثر من 216000 شخص حول العالم يطالبون بالعدالة لعلي أعرس". وقال محمد السكتاوي في هذا الصدد، إنّ حالة علي أعراس هي "حالة صارخة"، وأضاف أنّ المقرر الأممي الخاص بالتعذيب خوان مانديز اعتبر في تقريره المؤيَّد بتقرير طبيب دولي شرعي أنه تعرض للتعذيب، وأقرّ ذلك الفريق الأممي المعني بالاعتقال التعسفي الذي طالب إطلاق سراحه فورا، دونَ أن يتمّ ذلك. ويظهر أنّ فصول قضيّة علي أعراس لن تنتهي عند حدود الحملة التي أعلنت منظمة العفو الدولية إطلاقها حول التعذيب، والتي من المرتقب أنْ أن تنتهي بإصدار تقرير حول حالات التعذيب في البلدان الخمسة المعنية بعد سنتين، إذ كشف السكتاوي أنّ المنظمة ستصدر مذكّرة خاصة بحالة علي أعراس، خلال الشهر القادم. وفيما قال السكتاوي إنّ الوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان تأتي للتعبير على أنّ المغرب بحاجة إلى الانتقال من "الكلام الجميل إلى الفعل والممارسة في مجال حقوق الإنسان"، قال المحامي عبد الرحيم الجامعي في تصريح لهسبريس، إنّ الوقفة هي "رسالة غضب قوية من الممارسات الخطيرة جدا على مستوى حقوق الإنسان". واعتبر الجامعي أنّ المضايقات التي تتعرّض لها المنظمات الحقوقية هي "استفزاز من طرف الدولة والكومة لهذه المنظمات"، وأضاف "هذه المنظمات، بما فيها منظمة العفو الدولية بوزنها التاريخي وعلاقاتها العالمية، لم ترفع سلاحا، ولم تعلن عصيانا، ولا حربا على الدولة، بل أعلنت الحرب على أخطر الانتهاك وهو التعذيب. وعزا الجامعي استمرار التضييق على عمل المنظمات الحقوقية في المغرب إلى وجود "عقليات غير مرتاحة لما تحقق لحدّ الآن، والتي تخشى على مصالحها لأنّها متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان، وتخاف من المتابعة غدا"، وحمّل الحكومةَ بتحمّل نصيبا من المسؤولية في ذلك "بسبب رؤيتها المحافظة التحمل إيديولوجية منغلقة، وغير ديمقراطية"، وختم قائلا "نحن مستعدون لهذه المعركة".