قرار الأممالمتحدة الأخير بموافقة أعضاء المنظمة بالكامل علي اعتبار أن الماء النظيف هو حق إنساني من حقوق البشر يجب أن تكفله له الجهات المعنية، هو قرار يظهر بجلاء أهمية الماء النظيف للصحة الإنسانية، غير أن الحقيقة تقول إن أكثر من 900 مليون إنسان علي ظهر الكرة الأرضية هم من اللذين يفتقرون إلى الحصول علي الماء النظيف أو الصالح للشرب ولا يعرفون كيف يمكن تطبيق ذلك القرار. كما أن الأمر يصبح أكثر صعوبة إذا ما عرفنا أن هناك أكثر من 2،5 بليون شخص على ظهر الكرة الأرضية يفتقرون إلى مرافق الصرف الصحي، والتي تتحول في كثير من الأمر إلى قنوات سامة تهدد حياة البشر وتتسبب في موتهم. كانت دولة بوليفيا هي صاحبة تقديم اقتراح القرار إلى الأممالمتحدة، بالنظر إلى أنها من الدول التي تعاني من مشكلة المياه، بالإضافة إلى أن تقارير الأممالمتحدة تشير إلى أكثر من 3.5 مليون حالة وفاة تتم سنويا من جراء تناول المياه الغير صالحة للشرب، وان أحد أعراض ذلك الموت هو الإسهال المسبب الرئيسي لموت الأطفال، وتتفوق نسبة الموت بسبب المياه علي نسبة الموت بالأمراض الشائعة كالإيدز والحصبة والملاريا مجتمعة معا. في هذا الصدد تشير إحصائيات الأممالمتحدة إلى أن كل 15 ثانية يموت طفل بسبب عدم ما يكفي من مياه الشرب الصالحة، وتبدو الأزمة جد خطيرة في نسبة وجود الماء العذب الصالح للشرب علي كوكب الأرض فرغم أن كوكب الأرض يغطي نسبة الثلثين منه ماء إلا أن 1% فقط من تلك النسبة هو من الماء الصالح للشرب. في 22 مار س من كل عام يحتفل العالم بيوم المياه وفيه يحاولون دائما التذكير بقيمة الماء وأهميته للحياة وكيفية الحفاظ عليه وعدم التسبب في إهداره، وفي إحصائية للأمم المتحدة تظهر فيها إلى أي مدي يمكن أن يتسبب الإنسان في إهدار الماء العذب دون وعي منه،فعلي سبيل المثال نجد أن كل كيلو جرام من بذور القهوة بعد أن تصل إلى يد المشتري تكون قد استهلكت حوالي 20000 لتر من الماء العذب، وان قميص واحد من القطن يحتاج إلى 3000 لتر من الماء حتى يرتديه المشتري، وان كل كيلو من اللحم البقري يبتلع 15000 لتر ماء. وتقول الإحصائية أن استهلاك الفرد في أوروبا للماء العذب يصل إلى 4000 لتر يوميا، وبشكل عام فان الزراعة تستهلك 70% من مياه العالم وكمثال عام علي الماء المفقود أو الذي يساء استخدامه حول العالم فانه يكفي لتعبئة بحيرة مساحتها 1300 كيلومترا. أي نصف بحيرة فيكتوريا، يقولون في الولاياتالمتحدة أن الأمريكيين يتخلصون من 30 في المائة من الطعام برميه في النفايات وهو ما يتطلب إنتاجه 40000 مليار لترا من مياه الري وهي نسبة كافية لتغطية احتياجات 500 مليون نسمة. حسب معهد بوتسدام لأبحاث المناخ يبقي الماء دائما موردا ثمينا خاصة وان ندرة المياه العذبة الصالحة للشرب تزداد تعقيدا بسبب تحولات المناخ. حيث أن تحول المناخ يؤثر على دورة الماء في الطبيعة وخاصة على المصدر الرئيسي المتجدد للمياه العذبة الصالحة للشرب، وهو المطر. وحسب أبحاث خبراء المناخ تشير كل التطورات إلى تناقص كبير في معدلات وكميات الأمطار. وفي المناطق الفقيرة بالمطر اليوم سيتناقص هطول المطر في المستقبل، بينما سوف تزداد الهطولات وغزارة الأمطار في المناطق الغنية بالأمطار حاليا. وسوف تزداد مخاطر التعرض للجفاف والفيضانات والأعاصير. بالإضافة إلى ذلك تتفاقم مشكلة ندرة المياه بسبب تزايد السكان والتمدن والصناعة. فخلال المائة سنة الأخيرة تضاعف استهلاك الماء في العالم عشر مرات تقريبا. ولكن ليس ماء الشرب هو الماء الوحيد المهم. فالصناعة والزراعة يعتمدان أيضا على الماء بشكل كبير. وبغض النظر عن الأفاق المظلمة لجوانب المشكلة إلا أن الأمل في حلها يظل يراود الباحثين و العلماء لأنه لا توجد علي الأقل ندرة في الموارد المالية ولا التكنولوجيا ولا القدرات البشرية التي تستطيع الاضطلاع بها بما يكفي. ومع ذلك، هناك شيء ما ناقصا. بكلمات التقرير العام للأمم المتحدة بأن ما ينقصنا هو السعي المنسق لمد المياه والصرف الصحي للجميع من خلال خطط قومية مصممة بطريقة حسنة وممولة بشكل سليم، تدعمها خطة عمل عالمية لصياغة الإرادة السياسية ولحشد الموارد معا.