انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل لتدارس أربعة مشاريع مراسيم    السيناتور الأمريكي جيري موران يشيد بدور جلالة الملك في تحقيق السلام    ممثل المغرب في المجموعة الثانية عقب إجراء قرعة كأس الكونفدرالية الإفريقية    "شبكة" تطالب بحوار عاجل لإنهاء أزمة الطلبة الأطباء وتجنب انهيار القطاع    الداكي: مكافحة التعذيب أولى الأولويات    بورصة الدارالبيضاء.. تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    رئيس مرصد صحرواي ل" رسالة 24 ": اعتبارات سياسوية ضيقة وراء قرار المحكمة الأوروبية    مهنيو النقل الدولي يستنكرون إيقاف الحكومة لدعم المحروقات    "القسام": طوفان الأقصى ضربة استباقية وندعو لأكبر تضامن مع فلسطين    في ذكرى 7 أكتوبر.. تدخل بالقوة لتفريق مسيرة تضامنية بوجدة ومظاهرات جديدة بعدة مدن    التشيك تجدد التأكيد على تشبثها بعلاقاتها الوثيقة مع المغرب    الأرصاد الجوية تبشر بقدوم أمطار الخير إلى الريف ومناطق أخرى من المملكة    إدارة السجن المحلي الأوداية بمراكش تنفي مزاعم انتحار سجينين بسبب "الإهمال الطبي" وتعريض سجينة ل "التعذيب"    إحباط محاولة للهجرة السرية بإقليم طرفاية    حموشي يمنح ترقية استثنائية لشرطي فقد حياته بين طنجة والفنيدق    المنتدى العربي للفكر في دورته 11    الملك محمد السادس يهنئ خادم الحرمين الشريفين بمناسبة الذكرى العاشرة لبيعته    السلطات المغربية تعتقل مجرما خطيرا فر من السجن بإحدى الدول الأوروبية    المغرب يحتضن النسخة الأولى لمؤتمر الحوسبة السحابية    بركان تتعرف على منافسي "كأس الكاف"    مفتش شرطة بمراكش يضطر لاستعمال سلاحه الوظيفي لتوقيف جانح    افتتاح السنة التشريعية حدث دستوري وسياسي واجتماعي واقتصادي بدلالات وأبعاد وطنية ودولية    اغتيال حسن نصر الله.. قراءة في التوقيت و التصعيد و التداعيات    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    جائزة نوبل للطب تختار عالمين أمريكيين هذه السنة    نسبة مشاركة هزيلة.. الشعب التونسي يرفض مهزلة الانتخابات الرئاسية    هروب ثلاثة مغاربة من غرفة طلب اللجوء بمطار مدريد    أرباب المخابز يحتجون على عشوائية القطاع وتدهور وغياب الدعم المالي    أسعار الذهب تتراجع في المعاملات الفورية    جائزة كتارا تختار الروائي المغربي التهامي الوزاني شخصية العام    ريال مدريد يعلن إصابة داني كارفاخال بتمزق الرباط الصليبي الأمامي وعدة إصابات خطيرة أخرى    بطولة احترافية بمدرجات خاوية!    جهة سوس تسجل أعلى معدل بطالة على المستوى الوطني    مزراوي يغيب عن المنتخب الوطني بسبب الإصابة ونجم الرجاء الأقرب لتعويضه    تعريف بمشاريع المغرب في مجال الطاقة المتجددة ضمن أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة2024    الدحاوي تمنح المغرب الذهب ببطولة العالم للتايكوندو للشبان في كوريا الجنوبية    منتخب "U17" يواجه السعودية استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    "حزب الله": لا بد من إزالة إسرائيل    مشعل: إسرائيل عادت إلى "نقطة الصفر"    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعزي في وفاة الصحفي مصطفى لخيار    فيلم "جوكر: فولي آ دو" يتصدر الإيرادات بأميركا الشمالية    حماس تعلن إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل تزامنا مع إحياء ذكرى 7 أكتوبر    في لبنان مصير العام الدراسي معلق على وقع الحرب وأزمة النازحين    بنحدو يصدر ديوانا في شعر الملحون    انطلاق منافسات الدورة ال25 لرالي المغرب    "أيقونة مغربية".. جثمان الفنانة نعيمة المشرقي يوارى الثرى في مقبرة الشهداء    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    7 سنوات على موجة "مي تو"… الجرائم الجنسية تهز قطاع صناعة الموسيقى بالولايات المتحدة    إسرائيل ربحت معارك عديدة.. وهي في طورها أن تخسر الحرب..    الملك محمد السادس يشارك الأسرة الفنية في حزنها لفقدان نعيمة المشرقي    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة: حبر مربح

إلى أي حد يستطيع الكاتب أن يستغني عن الوظيفة ليرتزق من مردود إنتاجه الأدبي والفكري؟ كم هو نصيبه المادي من حقوق مؤلفاته المطبوعة؟ هل يكفيه المبلغ الزهيد الذي يتحصل عليه مقابل كتاباته المنتظمة بصحيفته أو مجلته؟ تلك تساؤلات مشروعة واجهت صاحبي العزيز المعزز هذه الأيام قبيل حلول شهر رمضان المعظم، وسرعان ما عاد إلى أوراقه المتناثرة ضمن ملف حرقة الكتابة... سحق السيجارة الرابعة في المنفضة، مزق الورقة الثالثة، ورمى بها في السلة القابعة جنبه، رشف رشفتين من قهوة بردت أعصابها، هي ذي الواحدة ليلا، ومن حوله نيام، وهو لا يزال يصارع القلم والكتابة، يراود فكرة شاردة، يغازلها يطاردها، فتفر منه لا مبالية، منذ ساعة، وبياض الورقة أمامه يخيفه، آه، أين غاب شيطان إبداعه؟ أين ضاعت بنات أفكاره؟ وكمن مس الجمر، انتفض من مكانه، ليردد في سريرته: لقد وجدها، وعكف على القلم والورق، ليزين بسواد الأول بياض الثانية، ليسكب رحيق النفس، وعصارة العقل والقلب، يذوب ويتفانى ليمتع الآخرين، إنها لذة التضحية لإسعاد الغير.
يا له من مسكين هذا الكاتب المبدع، قد يظل أحيانا عدة أيام، يبحث عن فكرة ضالة ضائعة لموضوع جديد، يكلفه الكثير من أعصابه ووقته وسعادة من يحب، ومع ذلك، قد ترفضه الصحيفة التي يتعامل معها، وإن قبلت على مضض، غالبا ما تتبرع بمساحة ضيقة تحشره داخلها، وإن جادت عليه، فبمبلغ قد لا يكفي لقوت يومه ومعه أسرته الوديعة القنوعة.
إنهم يحسدونه على وضعه المزري، ليتهم علموا كم يكابد و يعاني من أجل الحرف المنير. يبتسم أحيانا في قرارة نفسه، وهو يتذكر أدباء مبدعين عاشوا وتنعموا بثمار يراعهم، يذكر دوما إسم الكاتب الأمريكي الشهير ارنست همنغواي، الذي كان يتقاضى ثلاثين ألف دولار وقتئذ، ثمن مقالة تتألف من حوالي ألفي كلمة، أي بمعدل خمس عشرة دولارا، كثمن للكلمة الواحدة فقط. لا مجال هنا للمقارنة، هكذا يمني النفس، لكنه سرعان ما يتذكر أسماء مطربين ومطربات، شباب أو شيخات، من الدرجة الخامسة أو السابعة، بحصة كل منهم خلال سهرة واحدة زاهية باهية، تعادل مردود إنتاجه الإبداعي لعدة أعوام.
قد يمضي أحيانا بعيدا في المقارنة بين قلمه البسيط والحذاء الذهبي للاعب الفلاني، بين حبره المسكوب وخفة يد الساحر الماهر الذي يحول المنديل الأخضر أو الأبيض إلى أوراق نقدية حقيقية- وإن توهم الجمهور. لكنه مع ذلك، يعود إلى نفسه، يرضى ويقنع بالقليل الوفير بين يديه، عندما يقارن بين قطرة الحبر، وعرق جبين الفلاح، وهو يخرج كنوز الأرض. وشتان ما بين هذا وذاك وأولئك. إنها قسمة الحياة، إنه نصيب كل منهم وإن اختلت كفة الميزان.
الفجر يكاد ينبلج، يعود صاحبنا إلى أوراقه، يعيد القراءة مع نفسه وسط صمت من حوله، وقبل أن يغلبه الكرى، يمسك القلم من جديد، ليكتب في أعلى الصفحة الأولى: حبر مربح، وتتمايل الحروف: ح ب ر م ر ب ح يمينا و يسارا أمام ناظريه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.