يستحق الحفل الذي ترأسه جلالة الملك بالدار البيضاء، أول أمس، لإطلاق المخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية للفترة 2014 – 2020 اعتباره حدثا كبيرا، ليس فقط بالنظر لمضمون وتطلعات المخطط، ولكن أيضا بالنظر لكونه يحيل على قناعة ووعي ملكيين راسخين بأهمية تمتين المناعة الاقتصادية للمملكة، وتعزيز مكانتها وجاذبيتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، ثم أيضا لأن هذا التوجه الاستراتيجي يجسد إدراكا ملكيا واعيا وواضحا بكون استقرار البلاد وتميز نموذجها السياسي والديمقراطي مرتبطان بضرورة إنجاز فعل تنموي ملموس على الأرض لفائدة المواطنات والمواطنين، وبالتالي جعل الاستقرار العام يقوم على تنمية اقتصادية واجتماعية تتحقق ضمنها العدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة للمغاربة. الطموح المغربي جرى الإعلان عنه في ظل ظرفية اقتصادية ومالية صعبة، ليس فقط وطنيا وإنما أيضا على المستوى العالمي، ولذلك انطلقت المملكة من استقرارها الأمني والسياسي والمجتمعي، ومن محورية موقعها الجغرافي والاستراتيجي، لتؤسس لإقلاع اقتصادي يرتكز على الصناعة، أي على قضايا العمق، وذلك ضمن مقاربة شمولية تروم تقوية مسار المهن العالمية للمغرب وإدماج مختلف فروع النسيج الصناعي الوطني، وأيضا تفعيل تدابير وإجراءات محورية لكي تتسنى تعبئة الطاقات وتنسيق مبادرات وجهود مختلف المتدخلين في أفق الوصول إلى نتائج ملموسة. بهذا المخطط، يتطلع المغرب، في أفق عام 2020، إلى خلق نصف مليون منصب عمل، والرفع من نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام إلى 9%، لينتقل من 14% حاليا إلى 23 % سنة 2020. المعطيات والبيانات الرقمية الخاصة بمخطط تسريع التنمية الصناعية تؤكد أن المغرب اختار خوض تحدي حقيقي، وهو ما يتطلب انخراطا فعليا من لدن كافة المعنيين من أجل أن تكسب البلاد الرهان، وهكذا، فإن الدينامية المتوقع اليوم أن يحدثها المخطط في القطاع الصناعي الوطني يجب أن تؤسس لانطلاقة مماثلة من لدن المقاولات المغربية نفسها، بما يجعلها متطورة ومهيكلة ومتينة وذات قدرة على التنافس، كما أن التوجه الجديد يفرض اليوم تمتين الالتقائية والتنسيق والتكامل على صعيد السياسات العمومية، وخصوصا فيما يتعلق بإنجاز البنيات التحتية والتجهيزات اللوجيستيكية الضرورية، وتوفير الموارد البشرية والعرض التكويني الملائمين والكافيين، بالإضافة إلى الآليات والتشريعات والهياكل المؤسساتية، وبالتالي تقوية شروط تعزيز الثقة في بلادنا وفي مناخها الاقتصادي والاستثماري، بما يحفز المستثمرين وباقي الشركاء، مغاربة وأجانب، على الإقبال والمساهمة في إنجاح الثورة الصناعية المغربية. في السياق ذاته، فإن صيانة النموذج الديمقراطي المغربي وتقوية تميزه السياسي واستقراره المجتمعي، بالإضافة إلى تمتين الحكامة الجيدة ومقتضيات دولة القانون والمؤسسات، من شأنها أن تدعم ثقة العالم في هذا الطموح الصناعي والاقتصادي لبلادنا، وتحفز الممولين والشركاء على انخراطهم في تفعيله وإنجاحه، كما يبقى ضروريا الحرص على تحقيق انعكاسات اجتماعية وتنموية ملموسة لهذا المخطط، وذلك بما يقوي ثقة شعبنا وشبابنا في مستقبل بلاده. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته