كوريا الجنوبية: إعلان حالة الطوارئ وإغلاق البرلمان في خطوة مثيرة للجدل    رسميا.. الوداد الرياضي يعلن تعاقده مع بنعبيشة لشغل مهمة المدير التقني        السجن مدى الحياة لسفاح تلميذات صفرو    اتفاق بين البرلمانين المغربي والأوروبي    التوفيق: الوزارة تواكب التأطير الديني للجالية .. ومساجد المملكة تتجاوز 51 ألفًا    انعقاد الاجتماع ال 22 للجنة العسكرية المختلطة المغربية-الفرنسية بالرباط    بوريطة يرحب بقرار وقف إطلاق النار في لبنان ويدعو إلى احترامه مع ضرورة حل القضية الفلسطينية    ديباجة قانون الإضراب تثير الجدل .. والسكوري يتسلح بالقضاء الدستوري    تداولات الإغلاق في بورصة الدار البيضاء    حوادث السير تخلف 16 قتيلا في أسبوع    أخنوش يمثل جلالة الملك في قمة «المياه الواحدة» في الرياض        البواري: القطاع الفلاحي يواجه تحديا كبيرا ومخزون السدود الفلاحية ضعيف    الفنان المغربي المقتدر مصطفى الزعري يغادر مسرح الحياة        نحو تعزيز الدينامية الحزبية والاستعداد للاستحقاقات المقبلة    "الاعتداء" على مسؤول روسي يعزز دعوات تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية    إسرائيل تهدد ب "التوغل" في العمق اللبناني في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار    طائرة خاصة تنقل نهضة بركان صوب جنوب أفريقيا الجمعة القادم تأهبا لمواجهة ستينبوش    دبي توقف إمبراطور المخدرات عثمان البلوطي المطلوب في بلجيكا    الأمم المتحدة: كلفة الجفاف تبلغ 300 مليار دولار سنويا    مطالب بفتح تحقيق في التدبير المالي لمديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية    رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الفنان المسرحي الكبير مصطفى الزعري ينتقل إلى جوار ربه    التامني: استمرار ارتفاع أسعار المواد البترولية بالمغرب يؤكد تغول وجشع لوبي المحروقات    حدث نادر في تاريخ الكرة.. آشلي يونج يواجه ابنه في كأس الاتحاد الإنجليزي    النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام تستمر في إضرابها الوطني للأسبوع الثالث على التوالي    أكادير…توقيف شخص يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في تنظيم الهجرة غير المشروعة    تصريحات مثيرة حول اعتناق رونالدو الإسلام في السعودية        رحيل أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن 91 عاما    جبهة دعم فلسطين تسجل خروج أزيد من 30 مدينة مغربية تضامنا مع الفلسطينيين وتدين القمع الذي تعرض له المحتجون    حماس وفتح تتفقان على "إدارة غزة"    أمريكا تقيد تصدير رقائق إلى الصين    المضمون ‬العميق ‬للتضامن ‬مع ‬الشعب ‬الفلسطيني    فن اللغا والسجية.. الفيلم المغربي "الوترة"/ حربا وفن الحلقة/ سيمفونية الوتار (فيديو)    مزاد بريطاني يروج لوثائق متسببة في نهاية فرقة "بيتلز"    فريق طبي: 8 أكواب من الماء يوميا تحافظ على الصحة    ترامب يهدد الشرق الأوسط ب"الجحيم" إذا لم يٌطلق سراح الأسرى الإسرائليين قبل 20 يناير    فيديو: تكريم حار للمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    مزور: التاجر الصغير يهيمن على 80 في المائة من السوق الوطنية لتجارة القرب    أسعار الذهب ترتفع مع تزايد التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية    مهرجان مراكش للسينما يواصل استقبال مشاهير الفن السابع (فيديو)    وزيرة: ليالي المبيت للسياحة الداخلية تمثل 30 مليون ليلة    برلين.. صندوق الإيداع والتدبير والبنك الألماني للتنمية يعززان شراكتهما الاستراتيجية    القضاء يحرم ماسك من "مكافأة سخية"    شعراء وإعلاميون يكرمون سعيد كوبريت    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    دراسة: تناول كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة قد يزيد من خطر الإصابة بمرض الصدفية    وجدة والناظور تستحوذان على نصف سكان جهة الشرق وفق إحصائيات 2024    فقدان البصر يقلص حضور المغني البريطاني إلتون جون    التغيرات الطارئة على "الشامة" تنذر بوجود سرطان الجلد    استخلاص مصاريف الحج بالنسبة للمسجلين في لوائح الانتظار من 09 إلى 13 دجنبر المقبل    هذا تاريخ المرحلة الثانية من استخلاص مصاريف الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع قانون مالي بنفس اجتماعي متجدد
إحداث 18 ألف منصب شغل وضخ 17 مليار درهم لدعم المواد الاستهلاكية
نشر في العلم يوم 21 - 10 - 2010

عدد صلاح الدين مزوار، وزير الإقتصاد والمالية، مزايا الاجراءات الحكومية المزمع تطبيقها سنة 2011 ، للرفع من نسبة معدل النمو المرتقب في حدود 5 في المائة، رغم استمرار الأزمة الإقتصادية العالمية، وخاصة في منطقة الأورو، الشريك الأول للمغرب، حيث قدر معدل نمو دول تلك المنطقة في حدود 2.2 في المائة.
وقال مزوار، الذي قدم خطابا حول مشروع قانون المالية لسنة 2011، ليلة الأربعاء،في مجلس النواب، بحضور أعضاء الحكومة، وعلى رأسهم الوزير الأول عباس الفاسي، إن مشروع قانون المالية لسنة 2011 يسعى إلى مواصلة دعم التضامن الاجتماعي ، والاعتناء بالتنمية البشرية، والتشغيل المنتج والتعليم النافع، والتفعيل الأمثل للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والدعم المباشر للفئات المعوزة والعناية بالعالم القروي، والقضاء على السكن الصفيحي وتسهيل الحصول على السكن الاجتماعي والاقتصادي، رفعا لمظاهر التهميش والفقر، وضمانا لكرامة المواطن، وتخفيض تكاليف تسيير الإدارة والمنشآت العامة بنسبة 10 في المائة.
قدم وزير الاقتصاد والمالية السيد صلاح الدين مزوار، يوم الأربعاء في جلسة عمومية بمجلس النواب، الخطوط العريضة لمشروع القانون المالي لسنة 2011.
وقال السيد مزوار، خلال هذه الجلسة التي حضرها الوزير الأول السيد عباس الفاسي وعدد من أعضاء الحكومة، إن هذا المشروع يتوقع تحقيق نسبة نمو تعادل 5 في المائة، و2 في المائة كمعدل للتضخم، ونسبة عجز في الميزانية تقدر ب 5ر3 في المائة، و75 دولارا للبرميل كمتوسط لسعر البترول.
وأوضح الوزير أن هذا المشروع الذي يهدف لتحصين المكتسبات والاستجابة لتحديات المرحلة اعتبارا لآفاق التحولات الجهوية والدولية، قد تم بناء مضامينه وفق التوجهات التي تحكم السياسة العامة للمغرب على ضوء التوجيهات الملكية السامية التي أتت بها خطب جلالة الملك محمد السادس في مناسبات عدة.
وحسب المشروع ستتراجع نسبة عجز الميزانية المتوقعة إلى 5ر3 في المائة مقابل 4 في المائة سنة 2010 .
وأضاف السيد مزوار أن مشروع قانون المالية لسنة 2011 يقترح خفض تكاليف تسيير الإدارة والمنشآت العامة والاقتصار على إحداث مناصب مالية في حدود الإحتياجات الملحة والتي بلغت 18 الف و802 منصبا.
وأكد أن مشروع قانون المالية لسنة 2011 يولى اهتماما كبيرا للقطاعات الاجتماعية، ويسعى إلى مواصلة دعم التضامن الاجتماعي والاعتناء بالتنمية البشرية والتشغيل المنتج والتعليم النافع، والتفعيل الأمثل للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
الاستجابة لتحديات المرحلة
يشرفني أن أتقدم أمام مجلسكم الموقر لعرض الخطوط الكبرى لمشروع قانون المالية لسنة 2011 الذي يعتبر رابع مشروع تقدمه الحكومة خلال الولاية التشريعية الحالية.
وسينقسم هذا العرض إلى قسمين، يتضمن الأول رصدا تحليليا لتطور الإقتصاد الوطني خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، أي منذ بداية الأزمة العالمية لنتمكن من الوقوف على أداء اقتصادنا داخل هذه الظرفية الاستثنائية، فيما سيتضمن القسم الثاني توقعاتنا بشأن التطورات المرتقبة خلال السنة المقبلة، وكذا التوجهات المعتمدة ولإجراءات التي تقترحها الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2011.
إن مشروع قانون المالية المعروض أمامكم والذي يهدف لتحصين المكتسبات والاستجابة لتحديات المرحلة اعتبارا لآفاق التحولات الجهوية والدولية قد تم بناء مضامينه وفق التوجهات التي تحكم السياسة العامة لبلادنا على ضوء التوجيهات الملكية السامية التي أتت بها خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في مناسبات عدة، كما هو الشأن بالنسبة للخطابين الأخيرين بمناسبة عيد العرش المجيد وبمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية.
كما يأتي هذا المشروع طبقا لمقتضيات التصريح الحكومي الذي قدمه السيد الوزير الأول أمام البرلمان في بداية الولاية التشريعية والذي على أساسه نالت الحكومة ثقة ممثلي الأمة، إضافة إلى التصريح المقدم في منتصف الولاية قبل بضعة شهور.
ويأتي هذا المشروع كذلك في ظل ظروف وملابسات لا تخلو من تعقيدات ومن تطورات جديدة، بل استثنائية، أثرت سلبا على مسار الاقتصاد العالمي وألقت بظلالها على آفاق تطوره بالرغم من بوادر الانتعاش التي ما فتئت تتنامى بأشكال ودرجات متفاوتة في جل مناطق العالم.
وإذا كان من الضروري متابعة هذه التطورات عن كثب في أبعادها الظرفية وتبعاتها الهيكلية، فإن ذلك لن يحجب عنا المكتسبات التي حققها الشعب المغربي بكل مكوناته على طريق الوحدة والنماء والديمقراطية، تحت القيادة المتبصرة والمقدامة لصاحب الجلالة، والتي لا تزيده إلا عزما على استمرار التعبئة الوطنية من أجل ترجمة التوجهات الأساسية لبلادنا على أرض الواقع والتي تحظى بإجماع وطني قل نظيره.
إننا فخورون بعطاءات الشعب المغربي وتفانيه وتعبئته المستمرة لتكريس وحدته الترابية والتئامه حول المبادرة الشجاعة للحكم الذاتي التي أبدعها صاحب الجلالة، كحل سياسي نهائي لقضية الصحراء المغربية، والتي حظيت بدعم دولي وازن في مواجهة منطق الانفصال والتعنت ضدا على الحقوق التاريخية للشعب المغربي وعلى طموح شعوب المنطقة في الوحدة والديمقراطية.
وهو ما يؤكد أن المشروع المجتمعي الذي يبنيه المغاربة كتجربة رائدة في المنطقة، ينبع من صميم اختيار تاريخي زاوج دوما بين الوحدة والديمقراطية وحقوق الإنسان. لذلك فإن استمرار المجهودات لتحصين وإغناء المؤسسات الديمقراطية بموازاة النضال على جميع الواجهات للدفاع عن الوحدة الترابية، يتغذى من هذا المنطق نفسه ويشكل عمقا استراتيجيا لإنجاح أوراش النماء والوحدة والتنوع.
ولقد تبين بالملموس أن خيار الديمقراطية خيار وطني يتكرس ويتعزز بفضل المكاسب التاريخية التي تحققت تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بما يعنيه ذلك من تطور مستمر للحريات الفردية والجماعية وبما يغني البناء المؤسساتي للبلاد ويطور أداء المؤسسات الديمقراطية كل في مجال اختصاصاته الدستورية.
ولقد تعزز صرح هذا البناء مؤخرا بصدور المراسيم التطبيقية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي ستلتئم مكوناته لإضافة لبنة أخرى على درب الحوار والاستشارة والمشاركة لمقاربة كبريات قضايا التنمية التي تهم بلادنا.
وتعزيزا لدعائم الحكامة الجيدة تم تنصيب اللجنة الاستشارية الجهوية لإعطاء دفعة حاسمة لورش الجهوية الذي سيحدث تحولا نوعيا في أنماط الحكامة الترابية ويؤسس لبناء مؤسساتي متقدم يخدم التطور الديمقراطي ويعطي أقصى درجات الفعالية للسياسات العمومية استنادا إلى مبادئ القرب والمشاركة.
وموازاة مع ذلك وبالنظر للدور المحوري الذي يلعب القضاء النزيه كرافد أساسي لدولة الحق والقانون، تنكب الحكومة في ظل التوجيهات الملكية السامية على مواصلة إصلاح هذا القطاع للرقي به إلى المفهوم الجديد وهو» القضاء في خدمة المواطن» بإيلاء أهمية خاصة لتحديث هياكله وتبسيط مساطره وتسريعها والتزامه بسيادة القانون.
إن تقييمنا المرحلي للخطوات التي تقطعها بلادنا في مسيرة الإصلاح تبعث على التفاؤل خاصة وأن هذه المسيرة تمت في ظل ظرفية دولية مطبوعة بتحولات عميقة أفرزتها الأزمة المالية والاقتصادية الشاملة التي عرفها العالم منذ 2008 . فبينما أحدثت إعادة الهيكلة والأزمات القطاعية رجة قوية بالأنظمة الإنتاجية للبلدان المتقدمة، برزت بشكل متصاعد قوى الاندماج والمنافسة لترسم خريطة جديدة للاقتصاد العالمي مما أسفر عن انبثاق جغرافيا جديدة للنمو، تتميز بتعزيز موقع البلدان الصاعدة على حساب الأقطاب التقليدية.
هكذا، فإن إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2011 تم في سياق دولي لازالت تطبعه عدد من الصعوبات، إذ رغم التحسن المسجل منذ منتصف السنة الماضية، فإن الاقتصاد العالمي لا زال يعاني من عدم الاستقرار.
فإذا كانت التوقعات تشير إلى أن انتعاش الاقتصاد العالمي سيتواصل خلال السنتين المقبلتين، فإنها تؤكد في نفس الوقت على أنه سيظل هشا و تشوبه مخاطر متعددة، و نخص بالذكر أساسا أزمة المديونية والمالية العمومية، و هشاشة القطاع المالي، وكون الانتعاش المرتقب لا يسمح بخلق فرص الشغل الكافية لامتصاص البطالة، بالإضافة إلى تزايد تقلبات الأسعار في الأسواق الدولية سواء تعلق الأمر بأسعار الطاقة والمواد الأولية أو بأسعار الصرف.
وعليه، فإذا كان من المرتقب أن يسجل الاقتصاد العالمي نموا بنسبة 4.8 في المائة في هذه السنة و 4.2 في المائة خلال السنة المقبلة، فإن نمو البلدان المتقدمة سينحصر في حدود 2.7 في المائة سنة 2010 و2.2 في المائة سنة 2011، بينما من المنتظر أن تواصل الدول الصاعدة والنامية نموها القوي بنسب تناهز 7.1 في المائة سنة 2010 و 6.4 في المائة سنة 2011.
وبخصوص منطقة الأورو، الشريك التجاري والمالي الأساسي لبلادنا، فإن آفاق نموها تبقى نسبيا محدودة حيث لن تتعدى نسبة 1.7 في المائة هذه السنة و1.5 في المائة خلال السنة المقبلة، كما تبقى محاطة بإكراهات عديدة مرتبطة أساسا ببرامج التقشف المسطرة في إطار سعي دول هذه المنطقة إلى إعادة التوازن لماليتها العمومية و إلى مواجهة أزمة مديونيتها.
مواصلة التعبئة واليقظة وروح المبادرة والجرأة
لتحصين مكتسبات ومناعة اقتصادنا
سيدي الرئيس،
السيدات و السادة النواب المحترمين،
إن حدة هذه المخاطر تستدعي مواصلة التعبئة واليقظة وروح المبادرة والجرأة لتحصين مكتسبات ومناعة اقتصادنا وكسب مواقع متقدمة ضمن الخريطة الجديدة للاقتصاد العالمي.
وفي هذا الإطار، نسجل بإيجاب المقاربة التي انتهجتها بلادنا في ما يخص تدبير المرحلة، و التي اعتمدت منطق الاستباق والتشاور وفق منهجية جديدة لرصد ومتابعة التطورات و اتخاذ القرارات المناسبة.
لقد تأسست هذه المقاربة على أولوية النمو باعتباره العامل المحصن للنسيج الاقتصادي وللتوازنات المالية والاجتماعية، انطلاقا من ثقتنا الراسخة في مؤهلات و طاقات بلادنا و ضبط المعادلة الصعبة بين دعم النمو والتشغيل و واقع إمكاناتنا.
كما تقوم هذه المقاربة على القياس الدقيق لمستوى تقدمنا وللحجم الحقيقي لكل مجال وكل قطاع في اقتصادنا، وللتحديد الموضوعي والواقعي لنقط قوتنا وضعفنا، وهو المنظور الذي أتاح لنا التمسك بخيار دعم النمو ومواصلة المسار التنموي الذي اتبعناه إيمانا بنجاعته، ما أهلنا للاستمرار في الدفع بالرافعات الكبرى لنموذجنا التنموي.
وإذا كان الواقع المباشر يؤكد صحة هذا الاختيار، فإن الحكومة منفتحة على كافة الآراء والاقتراحات من أجل مزيد من الفعالية في تدبير المرحلة بما يتوافق مع الأهداف الاستراتيجية لبلدنا في الانتقال إلى مصاف الاقتصاديات الصاعدة.
لقد تبين أن البنيات الأساسية للاقتصاد الوطني حافظت على سلامتها واستقرارها في ظل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، فيما تم تسجيل تأثيرات سلبية على بعض القطاعات المرتبطة أساسا بتقلبات الظرفية الدولية بشكل طبيعي ودون تهويل أو مبالغة، لأن فرضية الإفلات المطلق من انعكاسات الظرفية العالمية تعني أن لا تكون لاقتصادنا أية روابط بالعالم المحكوم بالشمولية.
هكذا تمثلت الانعكاسات الظرفية العالمية على اقتصادنا أساسا في تراجع الاستثمارات الخارجية وتراجع الطلب الخارجي وتنامي أعباء المقاصة لدعم المواد الأساسية بفعل ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية وبفعل تقلبات سوق العملات.
وإذا كانت سنة 2009 قد انتهت على إيقاع تراجع أهم مكونات ميزان الأداءات، فإن سنة 2010 سجلت تحسنا ملموسا لهذه المكونات، باستثناء الاستثمارات الأجنبية، مستفيدة من عودة انتعاش الطلب الموجه للمغرب الذي سيسجل ارتفاعا ب 6,1 % هذه السنة مقابل 12 % كتراجع خلال السنة المقبلة.
إن تأثيرات الظرفية الدولية لم تمنع من الاستمرار في وضع اقتصادي ومالي متوازن مكن من رصد 400 مليار درهم كاستثمارات عمومية ما بين 2008 و 2010 حيث تمت مضاعفة الاستثمار العمومي من 84 مليار درهم سنة 2007 إلى 163 مليار درهم سنة 2010.
إن المؤشرات التي تؤكد قدرة اقتصادنا الوطني على مواجهة تبعات الظرفية الدولية حاضرة، إذ استطاعت بلادنا أن تحافظ على الأهداف الإستراتيجية المؤطرة لسياستها الاقتصادية والمالية والاجتماعية، حيث واصلت الحكومة الالتزام بالاختيارات الإستراتيجية التي أكدت نجاعتها في تمنيع نسيجنا الاقتصادي والاجتماعي وحماية استقرارنا المالي، متمثلة في المشاريع الكبرى المهيكلة، وفي تنويع مصادر النمو وتثبيت الإستراتيجيات القطاعية ودعم القطاعات الاجتماعية وتحصين القدرة الشرائية للمواطنين، مع ما رافق ذلك من إجراءات ظرفية من قبيل دعم المقاولات المتضررة بفعل آثار الأزمة العالمية عبر التدابير المتخذة في إطار لجنة اليقظة الإستراتيجية والتي مكنت من الحفاظ على مناصب الشغل وحماية النسيج الإنتاجي.
كما تؤكد المعطيات الأخيرة حول الظرفية الاقتصادية الوطنية المنحى الإيجابي لتطور القطاعات الاقتصادية التي عانت من تأثيرات الأزمة العالمية.
وهكذا، عرفت الصادرات المغربية من السلع انتعاشا ملموسا إلى حدود شتنبر 2010 حيث ارتفعت إجمالا بنسبة 23 % و11,2 % دون احتساب الفوسفاط ومشتقاته بعد انخفاض بنحو 16 % في نفس الفترة من السنة الماضية.
إن هذه التطورات تؤكد عودة دينامية القطاعات المتضررة من الظرفية العالمية، في الوقت الذي حافظت فيه القطاعات الأخرى على ديناميتها، خصوصا القطاعات المحركة للاقتصاد كالقطاع المالي والخدمات وبخصوص صادرات القطاعات المتضررة من تداعيات الأزمة، عرفت مبيعات قطاع السيارات والصناعات الالكترونية ارتفاعا ملموسا بنسبة 38.4 في المائة و22.1 في المائة على التوالي خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الجارية.
هكذا، حقق اقتصادنا طوال هذه السنوات الثلاث نسبة نمو بمعدل 4,8 %؛ في حين لم يتعد معدل التضخم نسبة 2 % ؛ وعجز الميزانية نسبة 2 % ؛ فيما تم حصر المديونية في 49 % من الناتج الداخلي الخام وعجز ميزان الأداءات في حوالي 4 %.
ولا أريد أن أثقل عليكم بسرد كل أرقام المؤشرات القطاعية التي تؤكد منحاها التصاعدي ما دامت مفصلة في الوثائق المقدمة إلى مجلسكم الموقر، ولكن لا بأس من التذكير ببعضها ولو باقتضاب، فعلى سبيل المثال ارتفع معدل إنجاز الطرق السيارة إلى 160 كيلمترا في السنة بعدما لم يكن يتجاوز 40 كيلمترا سنويا، ليصل بذلك طول الشبكة الوطنية إلى 1096 كلم عند نهاية شهر يوليوز 2010. ولا حاجة هنا للتذكير بكون الحديث عن الطرق السيارة إنما هو حديث عن شريانات الاقتصاد الوطني.
وفي مجال السدود والماء، تم إنجاز أربعة سدود كبرى بكل من سطات وشيشاوة وخنيفرة والراشيدية.
وبعد إتمام إنجاز ميناء طنجة-المتوسط الأول وميناء طنجة المتوسط للمسافرين، تم إعطاء انطلاقة مشروع بناء ميناء طنجة المتوسط الثاني.
وفي مجال تنويع مصادر النمو، تميز الاقتصاد الوطني بالدور المتنامي لأداء القطاع الثالث الذي انعكس بشكل جيد على مستوى التشغيل حيث تقدر نسبته في التشغيل الإجمالي بحوالي 36 % وبأكثر من 63 % بالوسط الحضري، كما تطورت بشكل كبير بعض مكوناته كالتكنولوجيات الحديثة والقطاع المالي بمساهمة تتجاوز ربع القيمة المضافة على المستوى الوطني.
وإجمالا، يمكن الإشارة إلى أن مسار تنوع الاقتصاد المغربي قد تميز بالدور المتنامي للأداؤ القطاع الثالث بحيث ارتفعت مساهمته في القيمة المضافة الوطنية من 55,5 % خلال الفترة 2000-2004 إلى 56,3 % خلال الفترة 2005-2009، بما يعنيه ذلك من أداء جيد على مستوى التشغيل.
ويعني ذلك فيما يعنيه أن صمود الاقتصاد الوطني أمام تطورات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، يستمد إحدى روافده من هذا التحول النوعي الذي غير بنية الاقتصاد الوطني في ظل الاختيارات والتوجهات التي استندت عليها الإصلاحات الهيكلية والسياسات القطاعية في إطار ماكرواقتصادي سليم.
ولقد ساهم المجهود الاستثماري للدولة طيلة السنوات الثلاث الأخيرة في إنجاز هذا التحول النوعي ومكن من مواصلة الإصلاحات القطاعية عبر اعتماد جيل جديد من الإستراتيجيات القطاعية المندمجة همت مختلف المجالات الحيوية لبلادنا من قبيل:
- مخطط المغرب الأخضر الذي خصص له غلاف استثماري يقدر ب 12.4 مليار درهم؛
- الإستراتيجية المائية (19 مليار درهم)؛
- الاستراتيجية الطاقية (27.4 مليار درهم)؛
- مخطط اليوتيس للصيد البحري (829 مليون درهم)؛
- الميثاق الوطني للانبثاق الصناعي (1.3 مليار درهم)؛
- رؤية 2015 للصناعة التقليدية (603 مليون درهم)؛
- الإستراتيجية السياحية (2.1 مليار درهم)؛
- استراتيجية المغرب الرقمي (2 مليار درهم).
وفي سياق مواجهة تداعيات الظرفية العالمية المضطربة، ركزت الحكومة على دعم النمو من خلال تقوية الطلب الداخلي. فبالإضافة إلى تطوير الاستثمار، تم التركيز على تقوية القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال الزيادة في الأجور و تخفيض الضغط الضريبي على الدخل.
وكان لهذه التدابير وقعها الكبير حيث تم تخصيص 18,6 مليار درهم.
هكذا، انتقلت كتلة الأجور في الوظيفة العمومية من 66,3 مليار درهم سنة 2007 إلى 80.4 مليار درهم سنة 2010 لترتفع السنة المقبلة إلى أزيد من 86 مليار درهم، أي بزيادة اجمالية 6،9 %.
وبشكل عام، فقد حققت هذه السياسة ارتفاعا مهما في مستوى الدخل الفردي ناهز 6.3 % سنويا ما بين سنتي 2007 و2010.
وعلاوة على الانعكاس الإيجابي لهذا المجهود على مستوى عيش المواطنين، عملت الحكومة على المزيد من تحصين القدرة الشرائية عبر ضخ ما يفوق 72 مليار درهم في صندوق المقاصة لدعم المواد الأساسية، هذا مع التحكم في معدل التضخم في حدود%2 باعتباره هو الآخر عنصرا فعالا وأساسيا في تحصين القدرة الشرائية.
وهكذا يبقى استهلاك الأسر المكون الأساسي للطلب الداخلي (58 % من الناتج الداخلي الخام بالأسعار الجارية)، حيث سيرتفع بنسبة 7,2 % سنة 2010 بعد 4,7 % سنة 2009.
من جانب آخر تحسن أداء الاقتصاد الوطني في مجال توفير فرص الشغل، حيث تقلصت معدلات البطالة من حولي 10 % سنة 2008 لتستقر في نسبة 8.2 عند متم شهر غشت من السنة الحالية.
وفي المجال الاجتماعي دائما، حظي قطاع التعليم بمجهود مالي غير مسبوق باعتباره إحدى الركائز الكبرى للمشروع المجتمعي ككل، فالمستقبل رهين بمدى قدرتنا على الرفع من مؤهلاتنا البشرية، الشيء الذي يمر بالضرورة عبر إصلاح التعليم وملاءمته لاختياراتنا الاستراتيجية ولمتطلبات الرقي لاحتلال موقع مشرف داخل عالم لا يعترف إلا بالقدرة على المنافسة.
وانطلاقا من هذه القناعة، عرفت الميزانية المرصودة لقطاع التربية والتكوين زيادات مهمة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، إذ ارتفعت مخصصاتها بحوالي 13 % سنويا لتصل إلى 49 مليار درهم سنة 2010 بزيادة أكثر من 15 مليار درهم عن سنة 2007.
وقد ساهم هذا المجهود في توفير الشروط المناسبة لتنفيذ المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، والذي كان من أهم نتائجه حتى الآن تطور نسب التمدرس لتبلغ %94,9 سنة 2009-2010 بالنسبة للفئة العمرية 6-11 سنة.
كما حظي قطاع الصحة بنفس الاهتمام ما مكن من تحقيق مؤشرات هامة في مقدمتها تقليص عدد وفيات الأمهات، لينخفض إلى 132 حالة لكل 100 ألف ولادة، عوض 227 حالة لكل 100 ألف ولادة المسجلة سنة 2007.
وعلى نفس المنوال، عرف قطاع السكن تطورا ملموسا مع إعطاء دفعة قوية للسكن الاجتماعي، والرفع من وتيرة القضاء على دور الصفيح والبناء العشوائي.
وقد تمت، في هذا الإطار، تعبئة العقار العمومي قصد توفير وتنويع منتوجات السكن الاجتماعي بما يتناسب والقدرة الشرائية للمواطنين. بالإضافة إلى تعزيز التحفيزات الجبائية عن طريق إحداث إعفاءات ضريبية شاملة لفائدة السكن الاقتصادي والاجتماعي. هذا فضلا عن تيسير حصول الأسر ذات الدخل المحدود وغير القار على قروض سكنية بفضل صناديق الضمان «فوكاريم» و«فوكالوج» التي ضمنت طوال هذه المدة قروضا قاربت 10 ملايير درهم لفائدة أزيد من 63.640 مستفيد.
وبالموازاة مع هذه المجهودات، شرعت الحكومة في استهداف الفئات الأكثر فقرا وهشاشة، عبر تحسين الولوج إلى العلاج والتخفيف من تكاليفه، في إطار نظام المساعدة الطبية الذي انطلق من جهة تادلة أزيلال بحوالي مائتي ألف ستفيد في انتظار تعميمه على باقي جهات المملكة، ليشمل مستقبلا أكثر من 8,5 مليون مستفيد من ذوي الدخل المحدود والمعوزين.
كما عملت الحكومة على إطلاق برنامج « تيسير» للدعم المالي المباشر المشروط بالتمدرس لفائدة الأسر الفقيرة، حيث ارتفع عدد المستفيدين منه إلى 300.000 برسم السنة الدراسية 2009-2010. بالإضافة إلى توزيع اللوازم المدرسية على 3,7 مليون تلميذ وتلميذة في إطار توسيع قاعدة المستفيدين من المبادرة الملكية لتخصيص مليون محفظة مدرسية لفائدة أبناء المعوزين، فضلا توفير الزي الموحد لفائدة أكثر من 800.000 مستفيد.
وفي ما يخص المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تم إحداث أكثر من 19.848 مشروعا، ساهمت في إدماج أو تأهيل أو الرفع من مستوى دخل أزيد من 4,8 مليون مستفيد في المناطق الأكثر فقرا، خاصة بالوسط القروي. وبلغ الغلاف المالي المرصد لهذه الغاية ما يناهز 4 ملايير درهم خلال الفترة 2008-2010.
وفي إطار اهتمامها بالعالم القروي، عملت الحكومة على بلورة سياسات مندمجة تستهدف محاربة الفقر والهشاشة، وتقوية البنية التحتية، وتعميم الكهرباء والماء، وفك العزلة باعتمادات مالية بلغت حوالي 50 مليار درهم خلال الفترة 2008-2010.
وبفضل هذا الاهتمام، انتقلت نسبة ربط العالم القروي بالماء الصالح للشرب من 85 % سنة 2007 إلى 91 % متوقعة سنة 2010، ونسبة الكهربة من 93 % إلى %98، ونسبة فك العزلة من %61 سنة 2007 إلى 72 % متوقعة سنة 2010.
دعم النمو عبر الأوراش الكبرى والإصلاحات المهيكلة والاستراتجيات القطاعية
السيد الرئيس
السيدات النائبات المحترمات
السادم النواب المحترمين
إن كل هذه المجهودات الاستثمارية لدعم النمو عبر الأوراش الكبرى والإصلاحات المهيكلة والاستراتجيات القطاعية ودعم القدرة الشرائية والاستهلاك وتنمية الدخل الفردي والنهوض بالقطاعات الاجتماعية، تمت في إطار الحرص على ضمان التوازنات الاقتصادية و المالية ما مكن بلادنا من إحراز اعتراف دولي بمناعة اقتصادنا واستقرارنا المالي ونجاعة استراتيجياتنا التنموية، ترجمه رفع تصنيف بلادنا إلى درجة الاستثمار.
وقد عزز هذا الاعتراف النجاح الذي حققه المغرب في إصدار سندات في السوق المالية الدولية بقيمة مليار أورو مع استحقاق 10 سنوات، مكرسا بذلك الثقة المتنامية للمستثمرين في الاقتصاد الوطني، كما يدل على ذلك سعر الفائدة المحصل عليه وكذا الحجم المرتفع للطلب من قبل المستثمرين و نوعيتهم.
المشروع يتضمن عددا من التدابير الجديدة التي تسعى الحكومة من خلالها إلى إحداث آليات كفيلة بفتح آفاق جديدة في عدد من المجالات
الانتقال إلى مرحلة متقدمة أكثر فعالية في معالجة التبعات
السيد الرئيس،
السيدات النائبات المحترمات،
السادة النواب المحترمين،
إن نجاح بلادنا في تخطي الصعاب المصاحبة للظرفية الدولية الاستثنائية، بالقدر الذي وطد ثقتنا في الاختيارات المتبعة، ساهم كذلك في إذكاء عزمنا على الإنتقال إلى مرحلة متقدمة أكثر فعالية في معالجة التبعات التي تحدثت عنها آنفا والمتمثلة في تراجع الإستثمارات الخارجية عدم مواكبة مستويات الادخار للحاجيات المتنامية للاستثمار في منظومتنا المالية ووتيرة نمو صادراتنا.
وعليه، فإن مرتكزاتنا في إعداد مشروع القانون المالي لسنة 2011 تمثلت في العمل على تحصين المكتسبات المحققة، بما يعنيه ذلك من المضي على نفس النهج في تمنيع الاقتصاد الوطني وتنويعه، مع تعزيز هذا الاتجاه بتدابير جديدة لمعالجة انعكاسات الظرفية الدولية، أخذا في الحسبان محدودية الإمكانات في ظل تقلبات دولية تستدعي الحيطة والحذر، خاصة مع الوضعية التي تشهدها منطقة الأورو.
على أن ضمان فرص النجاح لمزيد من الارتقاء بفعالية اختياراتنا يستدعي إبداع وسائل جديدة تمكن من الحفاظ على وتيرة الاستثمار عبر الرفع من جاذبية وتنافسية الاقتصاد الوطني وتيسير تعبئة التمويلات، خاصة الخارجية منها، ودعم الادخار فضلا عن إجراءات أخرى تروم مواجهة عدم استقرار الطلب الخارجي بتنويع منافذ التصدير و تقوية دعم المصدرين نحو الأسواق الواعدة.
كما يسعى مشروع القانون هذا إلى تحسين مناخ الأعمال والعناية بالمقاولات الصغرى والمتوسطة حفاظا على النسيج الإنتاجي وقدرته على توفير فرص الشغل وفق سياسة تدمج ما بين أهداف النمو وبين حسن توزيع ثماره، من خلال التركيز على القطاعات الاجتماعية ومحاربة الفقر والهشاشة والعناية بالعالم القروي و المناطق الجبلية.
ومن أجل ذلك يتضمن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة عددا من التدابير الجديدة التي تسعى الحكومة من خلالها إلى إحداث آليات كفيلة بفتح آفاق جديدة في عدد من المجالات.
ففي مجال تعبئة التمويلات والاستثمارات الخارجية، سيتم، بعد موافقة ممثلي الأمة المحترمين، خلق آلية جديدة ذات بعد استراتيجي، تتمثل في إحداث صندوق يتم تمويله من 50 % من العائدات المالية الاستثنائية المتحصل عليها من فتح أو تفويت حصص من رساميل مؤسساتنا العمومية.
وسيتم توجيه الحساب -حصريا- للعب دور رافعة لاستقطاب الاستثمارات، خاصة منها الأجنبية عبر المساهمة في المشاريع التي تندرج ضمن القطاعات الواعدة ذات القيمة المضافة العالية لمواكبة الحاجيات المتنامية للاستراتيجيات القطاعية ومساهمتها في توطين التكنولوجيا ودعم التشغيل والتصدير والتنمية الجهوية.
وإضافة إلى الوجهة الجديدة التي ستتخذها هذه العائدات الإستثنائية، تتوخى الحكومة من هذه المبادرة تجسيد منظور جديد لتدبير الميزانية يكرس استقلالها عن المداخيل المتحصلة عن الخوصصة وفتح رساميل المؤسسات العمومية، مادام نضج مسارنا التنموي يؤهلنا لتحقيق التوازن المالي من عائدات النمو.
كما تم تحديد إجراءات عملية لإنجاح المركز المالي للدار البيضاء وفق ما أراده له صاحب الجلالة نصره الله، كمشروع للتموقع المالي على الصعيد الإفريقي بإشعاع دولي. وتهدف هذه الإجراءات إلى الرفع من الجاذبية تجاه المستثمرين عبر تحفيزات جبائية توفر للمركز موقعا تنافسيا متقدما.
ومن مستجدات مشروع قانون المالية المتصلة بتحسين مناخ الأعمال وتعبئة الإدخار، تقترح الحكومة تدابير تحفيزية من قبيل الإعفاء الجبائي للأرباح المتحصلة في إطار مخططات الإدخار في السكن والتعليم و الأسهم، وكذا تمكين مؤسسات توظيف رأسمال المخاطرة من الإعفاء الضريبي بدون شروط.
وفي سياق العمل على موقعة بلادنا اقتصاديا وماليا واستراتيجيا في العلاقة مع محيطها القاري والدولي، سيتم تخصيص 200 مليون درهم من صندوق دعم الصادرات قصد تحفيز المتدخلين الخواص، العاملين منهم في مجال التصدير تحديدا، على تكثيف التوجه نحو الأسواق الإفريقية، وذلك من أجل تقوية موقع بلادنا داخل هذه الأسواق والاستفادة من وتيرة النمو المشجعة على المستوى الأفريقي، وتنويع شراكاتنا الاقتصادية وإيجاد منافذ جديدة لصادراتنا.
كما ستتخذ الحكومة تدابير تهم مساطر الصرف دعما لتموقع مستثمرينا على مستوى القارة الإفريقية، حيث سيتم رفع سقف الاستثمارات المعفاة من ترخيص مكتب الصرف من 30 مليون درهم إلى 100 مليون درهم.
وفي مجال تشجيع المقاولات الصغرى تم اقتراح إقرار سعر تحفيزي مخفض بتطبيق نسبة 15 برسم الضريبة على الشركات.
كما يقترح المشروع وضع نظام جبائي تحفيزي يساعد على إدماج العاملين بالقطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي.
وستستفيد جمعيات السلفات الصغرى من تمديد مدة الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة إلى غاية 2015 ، وهو إجراء يتماشى كذلك مع الأهداف الاجتماعية ودعم التشغيل والأنشطة المدرة للدخل.
ودعما للاستراتيجية الحكومية الهادفة إلى الرفع من حصة الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء ، يقترح المشروع تخفيض رسم الاستيراد إلى حده الأدنى أي 2,5 % لفائدة التجهيزات والمعدات المستعملة لهذه الطاقات، مع تشجيع استعمال التجهيزات والآلات التي تسمح بترشيد استهلاك الطاقة.
إن هذه الإجراءات الجبائية بالقدر الذي تسعى إلى تمتين جاذبية وتنافسية اقتصادنا الوطني وتنمية نسيجنا المقاولاتي وتوفير فرص التشغيل، فإنها تدخل كذلك في سياق تصور للتفعيل التدريجي للإصلاح الجبائي قصد إرساء نظام أكثر توازنا ومرونة وأكثر قدرة على توفير شروط خلق الثروة، من خلال توسيع القاعدة الجبائية وتخفيض الأسعار الضريبية فضلا عن سن مساطر جديدة لتحسين علاقة الإدارة بالملزمين من قبيل إحداث ميثاق للملزم يحدد حقوقه و التزاماته فيما يتعلق بالمراقبة الجبائية إضافة إلى إحداث نظام تفضيلي لفائدة المقاولات المصنفة التي توجد في وضعية جبائية سليمة.
نهج سياسة إرادية واتخاذ قرارات شجاعة
السيد الرئيس،
السيدات النائبات المحترمات،
السادة النواب المحترمون،
وسنواصل العمل من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2011 على تحصين المكتسبات المحققة عبر نهج سياسة إرادية واتخاذ قرارات شجاعة متمثلة في دعم وتيرة النمو وتنويع مصادره ومواصلة الإصلاحات الكبرى وتحسين التوازنات الاجتماعية مع الحرص على استقرار الإطار الماكرو اقتصادي.
وبناء على ذلك، فإن مشروع قانون المالية صِيغَ بما تقتضيه هذه الأولويات، حيث سيتم الحفاظ على دعم الاستثمار العمومي الذي سيعرف ارتفاعا بقيمة 5 ملايير درهم إضافية ليبلغ 167,3 مليار درهم بما فيها 53,8 مليار درهم برسم الميزانية العامة، قصد التمكن من مواصلة إنجاز الأوراش الكبرى والإستراتيجيات القطاعية والإصلاحات الهيكلية وتعزيز التنمية البشرية.
هذا، وتتلخص أهم الأوراش الكبرى المبرمجة برسم سنة 2011 في ما يلي:
| مجال الطرق والطرق السيارة : 6,5 مليار درهم.
مواصلة إنجاز برنامج الطرق السيارة عبر الشروع في استغلال الطريق السيار فاس- وجدة (320 كلم) ومواصلة إنجاز الخط الثالث للطريق السيار الدارالبيضاء- الرباط (60 كلم) وكذا المحور تيط مليل- برشيد-بني ملال (203 كلم) والمدار الخارجي للرباط (41 كلم)؛
مواصلة إنجاز أشغال الشطر الأخير من الطريق الساحلي المتوسطي الرابط بين تطوان والجبهة على مسافة 120 كلم ؛
الشروع في إنجاز الطريق السريع الرابط بين تازة و الحسيمة.
| مجال الموانئ : 3,9 مليار درهم.
مواصلة أشغال إنجاز الميناء الثاني للحاويات للمركب المينائي طنجة المتوسط، مما سيمكن من رفع قدرة المركب ب 5 ملايين حاوية إضافية؛
الشروع في إنجاز ميناء آسفي للاستجابة للحاجيات الملحة للمكتب الوطني للكهرباء ومواكبة متطلبات التنمية لجهتي دكالة عبدة ومراكش تانسيفت الحوز؛
إنهاء الأشغال المينائية ببحيرة مارشيكا بالناضور.
| مجال السكك الحديدية : 7,1 مليار درهم.
انطلاق أشغال القطار الفائق السرعة الرابط بين طنجة والدارالبيضاء بالإضافة إلى مواصلة تحديث الشبكة واقتناء آليات جديدة وتأهيل المحطات.
بالإضافة إلى مواصلة إنجاز الأوراش الكبرى يهدف المجهود الاستثماري، إلى تفعيل السياسات القطاعية وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية لتحديث البنيات الإنتاجية والاقتصادية للبلاد وتنويع مصادر النمو وإحداث مناصب الشغل وتعزيز قدراتنا التصديرية في اتجاه تقوية موقع المغرب لمرحلة ما بعد الأزمة.
وهكذا، ستواصل الحكومة تنفيذ «الإستراتيجية اللوجستيكية الوطنية» التي تروم تقوية التنافسية اللوجستيكية للاقتصاد الوطني من خلال خفض التكاليف اللوجستيكية من 20 % من الناتج الداخلي الخام حاليا إلى 15 % في حدود 2015.
و سيتم انطلاقا من الغلاف الاستثماري المرتقب لهذا المخطط تعبئة 3 ملايير درهم برسم 2011 عبر مختلف المتدخلين.
ويقدر الغلاف الاستثماري اللازم لهذه الاستراتجية ب 63 مليار درهم و قد حققت خلال المدة 2010-2015، منها 18 مليار درهم ستتم تعبئتها من طرف الدولة و المؤسسات العمومية أي بمعدل 3 مليارات درهم سنويا.
وفي إطار مخطط «المغرب الأخضر» الذي يهدف إلى إحداث تطور نوعي في القطاع الفلاحي بوصفه أحد الأعمدة الرئيسية للتنمية بالمغرب، سيتم التركيز، خلال سنة 2011، على مواصلة مجهودات الدولة عبر صندوق التنمية الفلاحية في مجال التحفيز على الاستثمار وبالخصوص سلاسل الانتاج ذات المردودية العالية، وكذا متابعة الاشغال المتعلقة بتحويل 38.000 هكتار من الري السطحي الى الري الموضعي، وباستدراك التأخير الحاصل في تجهيز المساحات المتواجدة في سافلة السدود وذلك بتجهيز مساحة تقدر ب 35.000 هكتار.
وقد سجل الغلاف الاستثماري المخصص للقطاع الفلاحي ارتفاعا ب 17,5 %، حيث انتقل من 5,7 مليار درهم سنة 2010 إلى 6,7 مليار درهم سنة 2011.
كما ستتم مواصلة السياسة المائية القائمة على حماية وتقوية البنيات التحتية للماء الصالح للشرب بالوسط الحضري، وتعميم التزويد بالماء الصالح للشرب بالعالم القروي إضافة إلى تطوير قطاع التطهير السائل. وقد خصص لهذا الغرض غلاف استثماري يقدر ب 7 ملايير درهم.
وستعمل الحكومة، وفقا للتعليمات الملكية السامية التي تضمنها خطاب العرش الأخير، على بلورة التوجهات الكبرى بشأن إعداد ميثاق وطني لحماية البيئة والتنمية المستدامة في مشروع قانون -إطار. وقد بلغت اعتمادات الاستثمار المرصدة لقطاع البيئة برسم سنة 2011 ما مجموعه 850 مليون درهم.
وفي مجال الصيد البحري، ستتم متابعة تنفيذ البرامج المعتمدة في إطار إستراتيجية هاليوتيس، من خلال العمل على تعزيز البنيات التحتية عبر تسريع وتيرة إنجاز الأقطاب التنافسية واستكمال إنجاز 40 نقطة للتفريغ وقرى الصيادين، بالإضافة إلى المحافظة على الموارد من خلال وضع مخطط وطني لمراقبة جودة الأسماك والحد من الصيد غير المرخص وغير المقنن.
وقد تم رصد اعتمادات استثمار بمبلغ 680 مليون درهم لفائدة هذا القطاع برسم سنة 2011.
ولتعزيز النجاعة في التدبير الطاقي، سيتم استكمال المخطط الوطني للتدابير الأولية في مجال الكهرباء الذي يهدف إلى الرفع من القدرة الإنتاجية ب 4.000 ميغاواط، بالإضافة إلى مواصلة تنفيذ البرامج الطموحة المتمثلة في المشروع المغربي للطاقة الشمسية بتكلفة 70 مليار درهم في أفق مساهمتها ب 42 % من انتاج الكهرباء الريحية بتكلفة 31,5 مليار درهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الغلاف الاستثماري المخصص لقطاع الطاقة برسم سنة 2011 سيبلغ 7,8 مليار درهم.
ومن جهة أخرى، وفي إطار تفعيل الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي، ستتم متابعة إحداث المراكز الصناعية المندمجة من خلال إنجاز 11 مركزا صناعيا من بين 16 مركزا مبرمجا، بالإضافة إلى مواصلة إنجاز مناطق الأنشطة الاقتصادية. كما يرتقب انتهاء أشغال بناء مشروع المركب الصناعي رونو.
وفي ميدان التكنولوجيات الإعلامية الحديثة، سيتواصَل تفعيل إستراتيجية «المغرب الرقمي» عبر مواصلة برنامجي «جيني» و»إنجاز» ، وكذا التشجيع على استعمال تكنولوجيات الاتصال بالمقاولات الصغرى والمتوسطة من خلال دعم المقاولات العاملة في هذا المجال.
هذا، وقد رصد لقطاع الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة استثمار بمبلغ 667 مليون درهم برسم سنة 2011.
وبخصوص القطاع السياحي، وتكريسا للنتائج الجيدة المحققة برسم رؤية 2010، ستعمل الحكومة، وفقا للتعليمات الملكية السامية، على الشروع في إنجاز رؤية 2020 والتي من المنتظر أن تحدث تطورات نوعية في قطاع السياحة من شأنها تعزيز القوة الاستقطابية لبلادنا وترسيخ أسس سياحة مستدامة.
ومن جهة أخرى، سيتم الاستمرار خلال سنة 2011 على الرفع من الطاقة الإيوائية تصل إلى 183.000 مقابل 97.000 سنة 2001، وذلك من خلال مواصلة إنجاز مخططات المغرب الأزرق ومخطط بلادي للسياحة الداخلية ومخطط مدائن.
ويصل الغلاف الاستثماري المخصص للقطاع برسم سنة 2011 إلى 396 مليون درهم.
وارتباطا بقطاع السياحة، ستتم مواصلة إنجاز الأوراش المفتوحة في إطار رؤية 2015 لقطاع الصناعة التقليدية من خلال تعزيز البنيات التحتية المتعلقة بقرى ومركبات الصناعة التقليدية، وتشجيع بروز فاعلين نموذجيين، وتكثيف الترويج على الصعيدين الوطني والدولي بالإضافة إلى تعزيز التكوين بإحداث المعهد العالي للصناعة التقليدية بمراكش.
ويصل الغلاف الاستثماري المخصص للقطاع برسم سنة 2011 إلى 300 مليون درهم.
وتكريسا للتوجهات الجديدة المتعلقة بتحديث منظومة تدبير المالية العمومية في اتجاه المزيد من النجاعة والشفافية، قامت الحكومة بإعداد تصور شامل لإصلاح القانون التنظيمي للمالية يرتكز على تعزيز حسن أداء التدبير العمومي، وتعميق شفافية المالية العمومية، وتعزيز دور البرلمان.
هذا، وسيتم إدراج هذا المشروع لمسطرة المصادقة خلال الأسابيع المقبلة.
الدعم المباشر للفئات المعوزة والعناية بالعالم القروي
سيدي الرئيس ،
السيدات والسادة النواب المحترمون،
في إطار الاهتمام المتواصل بالقطاعات الاجتماعية، يسعى مشروع قانون المالية إلى مواصلة دعم التضامن الاجتماعي والاعتناء بالتنمية البشرية والتشغيل المنتج والتعليم النافع، والتفعيل الأمثل للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والدعم المباشر للفئات المعوزة والعناية بالعالم القروي والقضاء على السكن الصفيحي وتسهيل الحصول على السكن الاجتماعي والاقتصادي، رفعا لمظاهر التهميش والفقر، وضمانا لكرامة المواطن.
وهكذا لازال يحظى قطاع التعليم بما يناهز 48 مليار درهم، لتمكينه من مواصلة إنجاز البرامج الاستعجالية المعتمدة بالنسبة لكل من التعليم الأساسي والثانوي والعالي قصد تكريس تكافؤ الفرص بين مختلف فئات المجتمع ومواكبة الحاجيات المتنوعة والمتنامية من الموارد البشرية للنسيج الاقتصادي الوطني.
كما سيخصص مبلغ 11 مليار درهم لقطاع الصحة، لتمكينه من متابعة إنجاز وتأهيل البنيات الاستشفائية خاصة مؤسسات العلاجات الأساسية، وتسريع وتيرة إنجاز المستشفيات الجامعية بكل مراكش ووجدة، بالإضافة إلى تكثيف البرامج الصحية لتحسين مؤشرات الصحة ببلادنا ومنها على الأخص تلك المتعلقة بتقليص نسبة وفيات الأطفال لتعادل 32,2 لكل ولادة 1000 جديدة مقابل 40 المسجلة سنة 2008. هذا، فضلا عن مواصلة توسيع نظام التغطية الصحية لفائدة الطلبة وأصحاب الحرف والمهن الحرة والمستقلة.
وفي إطار جهودها الرامية إلى تسريع وتيرة إنجاز البرامج الرامية إلى تحسين عرض السكن الاجتماعي والسكن لفائدة الطبقات الوسطى وملاءمته مع القدرة الشرائية للأسر المستهدفة، ستعمل الحكومة على مواصلة إنجاز 63.860 وحدة سكنية في إطار برنامج السكن أقل من 140.000 درهم، وتوسيع ضمان الدولة ليشمل الطبقة الوسطى والمغاربة القاطنين بالخارج، بالإضافة إلى تسريع وتيرة إنجاز برنامج القضاء على دور الصفيح ب 3,1 مليار درهم.
وفي مجال الشباب والرياضة، ستتم مواصلة إنشاء المركبات الرياضية وتقوية بنيات الاستقبال لتأطير الشباب عبر مواصلة إنجاز النوادي السوسيو- رياضية للقرب بشراكة مع الجماعات المحلية والقطاع الخاص، بالإضافة إلى دور الشباب. وقد خصص لهذا القطاع غلاف مالي يصل إلى 1,4 مليار درهم.
وفي مجال الثقافة، سيتركز الاهتمام على متابعة إنجاز البنيات الثقافية الكبرى ومنها المسرح الجديد ومتحف الفنون المعاصرة بالرباط وكذا تكثيف إحداث مركبات ثقافية محلية وترميم مواقع الآثار التاريخية وتقديم الدعم للأنشطة الثقافية والفنية. وقد خُصص لقطاع الثقافة اعتمادات مالية بمبلغ 514 مليون درهم.
كما ستعمل الحكومة على مواصلة تفعيل الإستراتيجية الوطنية للإقتصاد الإجتماعي 2010-2020، من خلال المبادرات المحلية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتوسيع عمليات الدعاية والتسويق لمنتوجاته عبر المعارض الجهوية للتسويق، وتعزيز نظام المعلومات الخاص به بالإضافة إلى تطوير التكوين والبحث العلمي في هذا الميدان.
وفيما يخص الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتماشيا مع التوجيهات السامية للملك محمد السادس نصره الله، فإن الحكومة عازمة على اتخاد المزيد من التدابير والإجراءات لاستكمال سياسة عمومية فاعلة ومتناسقة لتدبير شؤون وقضايا مواطني المهجر. كما ستستمر في تطوير شراكتها مع المجتمع المدني لمغاربة العالم لمواكبة البرامج الاجتماعية والثقافية والتربوية داخل دول الإقامة.
وحماية ً للقدرة الشرائية للمواطنين، ستستمر الحكومة في دعمها لأسعار المواد الأساسية عبر نظام المقاصة. وقد رصد لهذا الغرض مبلغ 17 مليار درهم برسم سنة 2011، مع مواصلة الإصلاح التدريجي لهذا النظام لتحقيق استهداف أفضل للفئات المستحقة للدعم.
وفي هذا الإطار، ستواصل الحكومة استهداف الفئات الأكثر خصاصا، من خلال تخصيص مبلغ 2,9 مليار درهم، لتوسيع ولوجها للتعليم والصحة عبر توزيع 4,08 مليون محفظة دراسية وتوسيع عدد المستفيدين من منح المساعدات المالية للأسر المعوزة بالعالم القروي (تيسير) لينتقل إلى 660.000 تلميذ سنة 2011 مقابل 300.000 سنة 2010، ورفع عدد المستفيدين من النقل المدرسي بالعالم القروي إلى 31.000 تلميذ. كما سيتم العمل على التعميم التدريجي لنظام المساعدة الطبية برفع مخصصات الأدوية إلى 1,5 مليار درهم.
وفي نفس الإتجاه، ستواصل الحكومة عملها طبقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة أيده الله ونصره بشأن إعطاء دفعة جديدة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف تسريع وتيرة إنجازاتها، وتحسين نجاعة برامجها واستمرارية مشاريعها. وقد تم رصد مبلغ 2,5 مليار درهم لهذه المبادرة.
وفي إطار العناية الخاصة التي توليها الحكومة للعالم القروي والمناطق الجبلية، فقد خصص لهذه الغاية مبلغ 20 مليار دهم، سيُوجه لتسريع إنهاء البرامج المرتبطة بتوسيع ولوج السكان القرويين إلى التجهيزات والخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة والكهربة والتزويد بالماء الصالح للشرب والشبكة الطرقية والاتصالات.
وتجسيدا للإرادة الملكية السامية بإرساء آليات ناجعة للتضامن العائلي والتماسك الاجتماعي والتفعيل الأمثل لمقتضيات مدونة الأسرة، سنعرض على مجلسكم الموقر مشروع قانون يتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي.
وبالموازاة مع ذلك، ستعمل الحكومة على مواصلة تفعيل المخطط الإستراتيجي لقطاع التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن الذي يقوم على رؤية مندمجة وشمولية تهدف للاستجابة لانشغالات المواطنات والمواطنين خاصة الإشكالات المتعلقة بالإقصاء والهشاشة، وتشغيل الأطفال، وإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتشجيع سياسة القرب. وقد خُصص لهذا القطاع اعتمادات مالية بمبلغ 585 مليون درهم.
ومن أجل توفير هامش مالي لتيسير التمويل الضروري لمواصلة إنجاز الأوراش الكبرى وتفعيل الإستراتيجيات القطاعية وكذا الوفاء بالالتزامات الاجتماعية للحكومة، اقترح مشروع قانون المالية خفض تكاليف تسيير الإدارة والمنشآت العامة والاقتصار على إحداث مناصب مالية في حدود الإحتياجات الملحة والتي بلغت 18.802 منصبا.
وفي هذا الإطار، فقد انبنى هذا المشروع على توقعات بتحقيق نسبة نمو تعادل 5 % و2 % كمعدل للتضخم و75 دولارا للبرميل كمتوسط لسعر البترول و600 دولارا كمتوسط لسعر الطن من الغاز السائل و8,5 دراهم كمتوسط لسعر صرف الدولار مقابل الدرهم، فيما ستتراجع نسبة عجز الميزانية المتوقعة إلى 3,5 % مقابل 4 % سنة 2010 وفق المنظور الذي تقدمت به أمام مجلسكم الموقر خلال مناقشة قانون المالية لسنة 2010.
تجسيد وترسيخ النموذج التنموي المغربي
سيدي الرئيس ،
السيدات والسادة النواب المحترمون،
إن توقعات مشروع قانون المالية تؤكد بكل واقعية مدى قدرة اقتصادنا الوطني على الجمع ما بين الشروط الضرورية لتجسيد وترسيخ النموذج التنموي المغربي من جهة، ومواجهة آثار الظرفية الغير المستقرة مع العمل على الاستفادة من إمكانات الانتعاش الاقتصادي الوطني والدولي من جهة أخرى، ما سيتيح مزيداً من تأكيد الثقة في اقتصادنا الوطني، مع ما يستوجبه كل هذا من حرص دائم على ضبط التوازنات الأساسية درءا لأي مس باستقرارنا المالي.
إن الحكومة لواعية أتم الوعي بضرورة تحصين المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية والمالية لبلادنا. وإنجاح الإصلاحات الهيكلية في كافة المجالات، الشيء الذي سيساعدنا على التموقع بشكل أفضل في الخريطة الاقتصادية المرتقبة، وضمان الشروط المثلى للتفاعل مع متطلبات شراكاتنا المتعددة، وتنمية شراكات جديدة، وإحراز قدرة تنافسية أكبر تؤهلنا للعب دور محوري في منطقتنا وعلى المستوى القاري إضافة لدورنا الطبيعي الذي يفرضه موقعنا الرابط بين القارتين.
إن مشروع قانون المالية لسنة 2011 يسعى في المبتدإ والمنتهى إلى المساهمة في تحقيق الهدف الرئيسي الذي مافتئ جلالة الملك يتفانى في العمل من أجله منذ اعتلاء عرش أسلافه الميامين، وهو كرامة المواطن أولا وأخيرا.
الكرامة عبر التشغيل؛
الكرامة عبر الرفاه الاجتماعي؛
الكرامة عبر العدل؛
الكرامة عبر تبويء بلدنا المكانة التي تجعل المغربي يرفع رأسه عاليا بين الأمم.
وإذ تبقى الحكومة رهن إشارتكم لتقديم كافة التوضيحات الضرورية لإثراء النقاش الجدي والمثمر حول مضامين هذا المشروع، تتمنى لعملكم التوفيق والنجاح، والسلام عليكم ورحمة الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.