يبدو أن التوقعات، التي تنجزها بعض المؤسسات الدولية، تتجه نحو خفض معدل نمو السنة الجارية الذي حددته الحكومة في 5.8 في المائة، فبعد أن قلص البنك الدولي ذلك المعدل إلى 4 في المائة في آخر تقرير له، جاء دور مؤسسة الدراسات العالمية «إيكونوميست أنتليجنت يونيت»، التي توقعت أن يتراجع معدل النمو في المغرب خلال السنة الجارية إلى 3.7 في المائة. وتأتي توقعات «إيكونوميست أنتليجنت يونيت»، بينما يصر وزير الاقتصاد والمالية المغربي صلاح الدين مزوار على معدل النمو الذي دافع عنه أثناء تقديم مشروع قانون مالية السنة الجارية، فقد أعاد التأكيد قبل أسبوع على أن المغرب ما زال يهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي في حدود 5.8 في المائة هذا العام، على الرغم من الآثار المُحتملة للأزمة المالية العالمية على قطاعي التصدير والسياحة. ورغم تعبير مزوار عن قناعته بأن الاقتصاد المغربي لديه إمكانيات لتحقيق نمو يزيد عن5 في المائة، رغم البيئة المحيطة، فإنه أشار إلى حرص الحكومة على مراقبة الاتجاه الذي سيسير فيه الاقتصاد في الربع الأول من السنة الجارية، مضيفا أنه «إذا تأثرت التوقعات بشكل أقوى مما نعتقد فمن الطبيعي أننا سنصحح توقعاتنا». ويبدو من خلال تقرير «إيكونوميست أنتليجنت يونيت» أن توقعات الحكومة كانت أكثر تفاؤلا، حيث قلصها إلى 3.7 في المائة برسم السنة الجارية، قبل أن يتوقع ارتفاع معدل النمو إلى 4.5 في المائة في 2010، بعدما توصل واضعو التقرير إلى أن معدل النمو في 2008 سيكون في حدود 5.9 في المائة. في نفس الوقت رفع عجز الميزانية من 2.9 إلى 3.3 في المائة. تراجع النمو الاقتصادي في المغرب في السنة الجارية يعزى حسب التقرير إلى تراجع وتيرة نمو الاستهلاك الداخلي، حيث سيستقر في حدود 4.3 في المائة، مقابل 5 .5 في المائة، ويرتقب أن ينكمش الاستهلاك الخاص إذا ما انخفضت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بفعل الركود الاقتصادي في بلدان الاتحاد الأوربي، بما لذلك من تأثير على الأسر التي تتلقاها. في نفس الوقت يتوقع التقرير أن يتراجع نمو الاستثمارات من 8.5 إلى 5 .5 في المائة، تحت تأثير الركود الاقتصادي الذي يخيم على منطقة الأورو، وإن كان التقرير يرجح أن يستفيد من ترحيل بعض أنشطة الشركات الأجنبيةإليه، ومن شأن الأزمة العالمية أن تؤثر على وتيرة نمو الصادرات التي ستنحصر في 2.5 في المائة، في حين سترتفع الواردات بنسبة 5.5 في المائة، بحيث أن تباطؤ وتيرة نمو الصادرات سينجم عن اشتداد المنافسة الأسيوية وتراجع الطلب الأوربي. و يلاحظ التقرير أن الاقتصاد المغربي يظل رهينا بالتساقطات المطرية، غير أن القيمة المضافة للقطاعات غير الفلاحية ستواصل نموها، وهذا ما سيتجلى على مستوى الصناعات والعقار، في نفس الوقت ستؤثر الأزمة الاقتصادية العالمية على مساهمة السياحة والفوسفاط ومشتقاته الذي يرتقب أن تتراجع عائداته بفعل انخفاض الأسعار وتراجع الطلب العالمي. التقرير تناول توقعات النمو التي حددتها الحكومة في أفق 2013، ب6 في المائة في السنة، وتطلعها إلى توفير 150 ألف سكن و250 ألف منصب شغل في السنة،حيث اعتبرها أهدافا جد طموحة بالنظر للمناخ الاقتصادي الدولي وارتهان الاقتصاد المغربي للتساقطات المطرية. وكان البنك الدولي، في آخر تقرير له، توقع أن يبلغ نمو الاقتصاد المغربي 4 في المائة في السنة الجارية مسجلا انخفاضا بنقطتين عن السنة الماضية، على أن يسجل حسب ما توقعته المؤسسة المالية الدولية 6 في المائة سنة 2010. وأشارت المؤسسة المالية الدولية إلى أن المغرب على غرار دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط تأثر بشكل كبير بالتقلبات التي عرفتها الأسواق خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خصوصا السنة الجارية. ونتيجة لذلك، عرفت المقاييس التجارية ومتطلبات التمويل الخارجي تقلبات متباينة.