خفض البنك العالمي توقعات كل من وزير الاقتصاد والمالية صلاح الدين مزوار والمندوب السامي للتخطيط حول معدل نمو الاقتصاد المغربي للعام الجاري، إذ ينتظر أن يحقق الاقتصاد الوطني معدل 3,2 % حسب تقرير تحليلي أصدره البنك العالمي أول أمس الاثنين بعدما بلغت النسبة 7,2 % لسنة 2008، في المقابل توقع الوزير مزوار الجمعة الماضية بالسعيدية أن يتراوح معدل النمو بين 5 و6 %، معتبرا ذلك من أعلى معدلات النمو في العام في ظل ظرفية الأزمة العالمية. في حين أصدرت المندوبية السامية للتخطيط أول أمس ميزانيتها الاقتصادية الاستشرافية، والتي تقدر فيها أن يبلغ معدل النمو 5,3 % سنة 2009، ثم يواصل انخفاضه في العام الموالي إلى 2,4 %، هذا التفاوت بين توقعات الأطراف الثلاثة مرتبطة باختلاف المنطلقات والأسس الاقتصادية التي يحتسب بها كل منها معدل النمو الاقتصادي. فالبنك العالمي يوضح أنه إذا كان المغرب قد بقي في منأى عن الأزمة التي ضربت النظام المالي العالمي في بداياتها انطلاقا من غشت 2008، فإن اقتصاده تضرر في ما بعد بفعل ارتباطه الشديد بالاتحاد الأوربي، في ما يخص مداخيل السياحة وتحويلات الجالية الموجودة أساسا بالاتحاد الأوربي. كما أشار تقرير البنك إلى تراجع تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة نحو منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ومن بينها المغرب، منذ سنة 2008 بفعل الظروف التي نتجت عن الأزمة الاقتصادية العالمية ومراجعة الشركات العالمية لاستثماراتها عبر العالم، وهي الاستثمارات التي ركزت على قطاعات البنيات التحتية والعقار والقطاع الصناعي. ومن المؤشرات التي استند عليها البنك العالمي أيضا في احتساب النسبة المتوقعة لنمو الناتج الداخلي الخام للمغرب تراجع حجم الصادرات المغربية ب 45 % بين شتنبر 2008 وفبراير 2009، في حين كانت النسبة أقل في تونس (31 %). وينتظر حسب تقديرات المؤسسة المالية العالمية أن يواصل الحساب الجاري بالمغرب، المرتبط بتوفر العملة الأجنبية، انخفاضه خلال العام الحالي، ليناهز نسبة ناقص 2,4 % ليرتفع قليلا برسم سنة 2010 إلى ناقص 2,7 % قبل أن يتحسن نسبيا في أفق 2011 (ناقص 2,5 %). من جهة ثانية، قالت المندوبية السامية للتخطيط في ميزانيتها الاقتصادية الاستشرافية، التي تصدرها قبيل بدء الحكومة التحضير للقانون المالي المقبل، إن معدل النمو الذي تتوقعه تم احتسابه بناء على فرضيات تطور المحيط الدولي والوضعية الاقتصادية الداخلية، فالاقتصاد العالمي الذي سيعرف ركودا خلال السنة الجارية ليتراجع بنسبة 1,3 في المائة سينتعش قليلا السنة المقبلة بنسبة 1.9 في المائة، وسيؤدي تراجع التجارة العالمية خلال 2009 إلى انخفاض حاد في الطلب العالمي على المغرب بنسبة 7 %، كما ستعرف مداخيل السياحة الدولية وتحويلات الجالية حسب المندوبية تراجعا كبيرا يقدر على التوالي ب 18 % و15 %، قبل أن تستقر في العام المقبل. وعلى أساس فرضيات الوضعية الاقتصادية الوطنية المتوفرة حاليا، سيسجل النمو الاقتصادي سنة 2009 نسبة %5,3 عوض 5,6 % سنة 2008، وسيعرف أداء الأنشطة غير الفلاحية وتيرة نمو هي الأقل منذ عقد من الزمن، أي 2,3 % عوض 5 % كمتوسط سنوي خلال الفترة 2000-2008، في حين أن القيمة المضافة للقطاع الأولي سترتفع بحوالي 25,2 في المائة سنة 2009، عوض 16,6 % بناء على نتائج الموسم الفلاحي 2008-2009. وسيعرف الاقتصاد الوطني خلال سنة 2010 نموا طفيفا ب 2,4 % حسب تقديرات المندوبية، وستسجل القيمة المضافة للقطاع الأولي انخفاضا بحوالي 5 %، في حين أن القطاعات غير الفلاحية سترتفع ب 3,9 % عوض 2,3 % سنة 2009. وسيتميز الطلب الداخلي بتراجع في وتيرة نموه، إذ سينتقل من 5,9 %سنة 2009 إلى 3,1 %سنة 2010، في حين سيتم التحكم في نسبة التضخم في حدود 2 %.