وحدة الإيكونوميست للاستعلامات التي تتخذ من لندن مقرا لها، متخصصة في تقديم الخدمات الإعلامية في مجال الاقتصاد للمؤسسات الاقتصادية التي تزمع مد نشاطاتها غبر الحدود الوطنية .ومنذ سنوات تعد مصدرا للمعلومات حول تنمية الأعمال والارتباطات الاقتصادية والسياسية والأنظمة الحكومية وشراكات الأعمال على امتداد العالم. وهي تجمع المعلومات على مدار العام مما يتم نشره منها في وسائل الإعلام من أخبار وبيانات وتصريحات ودراسات عن اقتصاد كل دولة، ثم تقدم تقريرا في نهاية العام يتضمن ما استخلصه جهازها منها. ونقدم هنا بعض ما ورد في تقريرها الصادر في ديسمبر2007 باللغة الانجليزية عن اقتصاد المغرب والذي تستشرف فيه وضعية الاقتصاد المغربي عام بناء علي ما ورد في القانون المالي الذي تقدمت به حكومة عباس الفاسي إلى البرلمان . ربما يكون للمراقب الخارجي فرصة أفضل لرؤية الأوضاع الداخلية لبلد ما ولكن يتعذر عليه أحيانا تأويل ما قد ترمز إليه الأحداث، والذي قد يتفوق عليه فيها الباحث المحلي. وتظل أهمية التقرير في تأثيره على قرار المستثمر الخارجي أكثر من مدى توفيقه في التحليل والاستقراء. الاستشراف السياسي يتوقع أن يستمر عموما الاستقرار في عامي 2008 و2009 بدون تحديات جدية لحكم الملك محمد السادس ، حقيقة ، قوة النظام الملكي قد أبانت عنها نتائج انتخابات سبتمبر 2007 لمجلس النواب . وكالمعتاد في المغرب فقد توزعت ال 325 مقعدا بين عدد كبير من الأحزاب العديدة (24 جزبا في مجموعها) . ودون أن تحصل أي منها على قاعدة قوية . وهذا يعكس بداية ضعيفة لنظام تمثيل الملكيات.والذي يبدو ، على غير المستحب، يتعدى فترة الاستشراف .بسبب هشاشة النظام الحزبي والقسمة المتكررة بين الأحزاب والتحالفات. والتي تخدم في النهاية الاهتمامات الملكية. حزب الاستقلال ، أقدم الأحزاب المغربية ، الذي نال أكبر عدد من المقاعد، قد شكل حكومة ائتلافية مع ثلاثة أحزاب أخرى: الاتحاد الاشتراكي الذي كان الحزب الأكبر ثم هبط الى المرتبة الخامسة في ترتيب الانتخابات الحالية ، التجمع الوطني للأحرار وحزب التقدم والاشتراكية وهي نفس الأحزاب التي تكون منها التحالف السابق باستثناء حزب الحركة الشعبية المساند من الأمزيغ الذي استبعد بسبب خلافات معه حول المقاعد الوزارية. الحكومة الجديدة لا تبشر للأسف بأي تغييرات جوهرية في سياسة تأتي من الدور المركزي للملكية في تحديد السياسات .ويتبع وزراء الدفاع والداخلية والشؤون الإسلامية مباشرة إلي الملك.وبعض المراكز الأخرى تم تسليم مفاتيحها لتقنوقراطيين. بالإضافة الي ذلك فإن أكبر الأحزاب الإسلامية المعتدلة والمعترف به قانونا وهو حزب العدالة والتنمية والذي جاء ترتيبه الفائز الثاني بأكبر عدد من المقاعد تم استبعاده من مجلس الوزراء الجديد وهو ما يكشف عن بؤس علاقة الحكومة بالأحزاب الأخرى ونفور النخب السياسية من تمكين الإسلاميين من السلطة. على الرغم من أن حزب العدالة والتنمية قد رفع عدد مقاعده من 42الي 47 فإن ذلك قد أحبط آمال قيادات الحزب التي كانت تتوقع مضاعفة حضورها. والمجموعة تبدو الآن تراجع إستراتيجيتها والتي من المحتمل أن تسفر عن نتائج داخلية ولو أن الرسميين قد ألقوا باللائمة على التدليس الانتخابي المزعوم. والنقص في نجاح حزب العدالة والتنمية قد يشجع مسانديه على السخرية من أهمية النظام البرلماني ذاته . وقد خلفت الانتخابات التي عرفت مشاركة جزئية 37 في المائة إحباطا بالنسبة للمجلس التشريعي وعلى قوته المحدودة. عدم الرضي هذا قد يقود العديد من مساندي العدالة والتنمية التي التحول بدلا عنها إلي جماعة العدل والإحسان ، الجماعة الإسلامية الأكبر حجما ، والتي لا تعد حزبا سياسيا قانونيا ،والتي قالت بأن الدولة يجب أن تصبح جمهورية . وقد سجلت جماعات العنف الإسلامية حضورا خلال العام الماضي ، إذ نفذ ثلاثة انتحاريين إنفجارات في مارس 2007 ومحاولة تفجير فاشلة في غشت. حاليا لا يعد الحادث جزءا من مؤامرة واسعة والشعور السائد أنها من الأعمال الخرقاء. وحيثما كان الأمر ، فإنه أظهر قدرة الراديكاليين الإسلاميين لاستقطاب الشباب للموت في سبيل حالتهم. في مواجهة هده التحديات فإن الملك وحكومته سينتابهم قلق كبير حول الحكم على مدى نجاحهم فيما يرتبط بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية. وهنا ستجد الحكومة نفسها في النهاية مندفعة نحو رفع الإنفاق الاجتماعي عاليا.بما في ذلك التخلص من أحياء الصفيح وتحسن البنيات الأساسية القروية. واسترداد الرقابة على المدن العشوائية المطوقة للمدن الكبرى والتى تحتاج بدورها الي سياسة صلدة. بينما موارد الحكومة المعطاة لها محدودة وعدم كفاءة البيروقراطية وانتشار المحسوبية والرشوة على نطاق واسع والذي هو من أسباب تدهور البنيات التحتية يبرهن ذلك على الصعوبات التي ستواجهها الحكومة. ستطل علاقات المغرب مع جارته الجزائر تواصل إزعاجها بسبب تبعات النوبات المتعاقبة لإثارة قضية الصحراء . كما أن مظهر من مؤشرات الدبلوماسية المغربية الجديدة في أبريل 2007 قاد الى أول مباحثات مع البوليساريو منذ سبع سنوات وأبانت الدولة عن استعدادها للدخول في مفاوضات واسعة النطاق حول الصحراء الغربية دون التفريط في سيادتها عليها. على نحو مطلق ، فمقارنه الاتفاق بالقياس الي الصحراويين تحت السيادة المغربية يبدو مقبولا ولو أنه ليس كذلك في الآونة المنظورة. الأكثر وثوقية في الفترة القادمة سيكون انسجام العلاقات التجارية الخارجية على إثر اتفاقات التجارة الحرة الموقعة مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي في عام 2000و.2004العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي خاصة أسبانيا وفرنسا ستظل قوية .ولكن تتأثر مؤقتا بخلافات في هذا الشأن مثل الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات. استعراض السياسة الاقتصادية حددت الحكومة الحالية أهداف طموحة منها تحقيق معدل نمو للدخل القومي الخام قدره 6 في المائة وتوفير 250 ألف وظيفة جديدة و150 الف وحدة سكنية كل سنة . الأهداف تبدو فوق الطموحات.وجزئيا قابلة للتجريح فنمو الناتج االخام سيتأثر بصدمة الانتاج الزراعي. وكيفما كان الأمر، فمن الواضح أن الحكومة ستكون مضغوطة بسياسات تستهدف اجتذاب استثمارات أكبر وخفض البطالة والفقر. والتنمية بواسطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قد اعتبرت مركزية في هذا السياق.وفي حالة المؤسسات التي تعمل بعمالة كثيفة فسيكون الاتجاه نحو اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة الى قطاعات تشغيل الشباب مثل النسيج والمكونات الاليكترونية وخدمات المنطقة الحرة والسياحة. التقدم يجب أن يشمل جميع المناطق ولكن لن يكون قادرا على المنافسة في مواجهة المصدرين الآسيويين مما يبقي المشكل قائما.والحكومة لكي تتغلب على ذلك سوف تتجه الى نظام صرف مرن خلال السنوات الخمس المقبلة التي سوف تساعدها. إلا أن السلطات عليها أن تكافح طويلا للتحسين الشامل لمناخ وأداء الإدارة العمومية. الدعامتان الرئيستان الأخرى للسياسة ستكون مواصلة برنامج الخوصصة والإصلاح الزراعي. وقد أظهرت الحكومة تحركا بالفعل في تحرير الاتصالات والطيران والطاقة ، والخوصصة ستستمر في قطاعي الصناعة والخدمات، بما في ذلك البنوك. ولو أن الخوصصة سوف تنقص في المدى المتوسط لأن معظم المؤسسات المستهدفة بها تم بالفعل بيعها. وهذا من شأنه أن يضيف ضعوطا على التماسك المالي ، وبينما يبدو إنقاص المعونات يجري ببطء ، فإنه يسمح بتوقع التململ الاجتماعي. في منظور الاستقطاعات الضريبية التغييرات في الضريبة التي انتظرت طويلا تضمنها جزء من ميزانية 2008 . يشمل هذا الخفض في حصة الضريبة على الشركات من 35 في المائة الي 30في المائة عام ,2008 وبالنسبة لمؤسسات الإقراض يتم خفض الضريبة عام 2008 من 39الي 37 وفي عام 2009 الى 35 في المائة. وخفض الضريبة على الواردات من 42الي 40 في المائة ، والاستثناء كان بالنسبة للمعونات التي تتلقاها المؤسسات المحلية من مصادر أجنبية ، بينما زادت قيمة الضريبة بنسبة 20 في المائة على الليزنج وتشغيل العقارات والتي كانت تستفيد على الدوام من الإعفاء.وتم مضاعفة الضريبة على أرباح سوق الأسهم إلى 20 في المائة. هذا الإصلاح الضريبي سوف تواجهه معارضة محكمة من القطاعات المالية والعقارية. وهذا الإصلاح جاء لتغيير المشروعين الماليين 2005و2007 الذين وسعا القاعدة الضريبية. وتبسيط بنية ضريبة القيمة المضافة والتقليل الي الحد الأدنى الضريبة على الدخل وعلى الإدارة المحلية. وفي عام 2007 قدر العجز بأنه اتسع إلى 4و2 في المائة من الناتج المحلي الخام.(مع استبعاد التقدم في الخوصصة). وكلا الإجراءين تأجلا لأنها كانت سنة انتخابات وبسبب زيادة الأسعار العالمية للنفط والغذاء قد رفع الى أعلى تكلفة الدعم .وازداد الإنفاق الرأسمالي أيضا لمواجهة الاحتياجات الاجتماعية. وقد أبان مشروع ميزانية 2008 عجزا في الناتج المحلي الخام يصل الي 4و3 في المائة بالرغم من التفاؤل المغالى فيه حول رفع معدل تنمية الناتج المحلي إلى 5و6 في المائة . وقد ارتفع الإنفاق ، عمليا ، في مجال الأمن بأكثر من 29 في المائة والمعونات الي أكثر من 25 في المائة والشؤون الاجتماعية ب 17 في المائة والبنيات التحتية بما يجاوز الدخل الحكومي الناتج عن بذل الجهود في تحسين تحصيل الضرائب. إن المشكل الرئيس لبنك المغرب ، في السنوات الأخيرة ، تمثل في التعامل مع السيولة الغزيرة لاقتصاد تشعله تحويلات العمال من الخارج وحدة تحسين وضعية المالية الحكومية الحالية. هذا جعل مؤشر السوق المالي ينخفض إلى 3 في المائة ولكنه أيضا قاد الى تقوية نمو الإمدادات المالية. ومع ذلك، ومع تنامي التكهن بزيادة الأسعار للتعجيل فقط بالمواءمة معها خلال عامي 2008و2009 ستظل هناك ضغوط قليلة على البنك المركزي لإجراء زيادة ملحوظة في أسعار الفائدة . فالبنك مضطر لاستبدال السياسة الحالية لمعالجة التضخم مع نمو الإمدادات المالية . إلا أن التقدم في هذا الشأن سيكون محدودا في الفترة المنظورة. إن التقدم الاقتصادي سيظل موضوع مخاطرة طالما يستمر متوقفا على الزراعة ، والتي شكلت عام 2008 حوالي 16 في المائة من الناتج المحلي الخام. وحيث لا يوجد محصول زراعي يزداد الناتج عنه بقوة. وتبع ذلك، جزئيا، الصناعة والكيماويات والمعادن والنسيج ، ووالتي عرفت إصلاحا بسبب دعم التصدير الناتج عن اتفاقيتي التبادل الحر مع الولاياتالمتحدة والاتحـاد الأوروبي. ومن منظور أن الزراعة عادت الى طبيعتها، وأن الناتج الخام المحلي يتكهن أن يرتفع من جديد الى 4و5 في المائة عام 2008 و 6و5 في المائة عام 2009 بالمقارنة مع متوسط نمو كان في حدود 5و4 في المائة فيما بين 2000و.2006 القطاعات غير الزراعية سوف تزيد حصتها في الناتج المحلي الخام إذا ما تواصل الطلب الأوروبي على المنتجات المغربية قويا إلى جانب ذلك فإن ارتباط المغرب بالسوق الأوروبية قد يبرهن على زيادة جاذبيته للمشروعات الجاري تشغيلها في دول الاتحاد الأوروبي والتي تتطلع الي إنقاص تكلفة العمالة بنقل المشروعات إلى بلدان أخرى. وإذا كانت عينها على أسواق الولاياتالمتحدة فقد تتجه إلى المغرب للاستفادة من مزايا اتفاقية التبادل الحر التي تربط البلدين.