تفيد المعطيات والتقارير الصادرة عن الجهات الرسمية المختصة في دراسة الظرفية أن ارتفاع أسعار النفط الخام خلال النصف الأول من 2010، وكذا ارتفاع معدل صرف الدولار شكلا ضغطا كبيرا غير متوقع على صندوق المقاصة الذي استنفذ، في نهاية النصف الأول من السنة الجارية فقط، حوالي 90 في المائة من الغلاف المالي المخصص له برسم القانون المالي 2010 والبالغ 14 مليار درهم. وحسب آخر تقرير لمديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، فمن أصل ال14 مليار درهم المرصودة له، صرف صندوق المقاصة، الذي يقوم بدعم أسعار المواد الأساسية، خصوصا السكر والدقيق وغاز البوتان والمحروقات للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، ما يناهز 12 مليار درهم حيث استحوذت المواد النفطية على حصة الأسد من تدخلاته. وتفيد معطيات المديرية أنه على الرغم من تراجع واردات المغرب من النفط خلال الفصل الأول من السنة الجارية بنسبة 7.7 في المائة على مستوى الحجم، فقد ارتفعت الفاتورة من حيث القيمة إذ تضاعفت لتصل إلى 5.45 مليار درهم، بزيادة فاقت 55.4 في المائة مقارنة مع السنة الماضية. وقد عزت المديرية ذلك إلى ارتفاع متوسط سعر الطن المستورد من النفط بنسبة 68.3 في المائة، إذ بلغ سعر البرميل الواحد 77 دولار خلال الشهور الماضية في وقت لم تتعد توقعات قانون المالية الجاري 71 دولار كمتوسط سعر البرميل الواحد من النفط الخام. وحسب ذات المصدر، فقد ارتفعت حصة المواد الطاقية المستوردة ضمن مجموع الواردات، من 16.8 في المائة سنة 2009، إلى 22.7 في المائة خلال الفصل الأول من السنة الجارية. وفي الوقت الذي ترتسم فيه علامات استفهام كبيرة حول كيفية تدبير صندوق المقاصة للأشهر المتبقية من السنة، بعد استنفاذ مخزونه، تتوقع مديرية الدراسات والتوقعات المالية أن تخفض أسعار النفط في الأسواق العالمية، خلال الأسابيع الأخيرة، من الفاتورة النفطية للشهور القادمة. وهو الأمر الذي أكده تقرير صدر مؤخرا عن المندوبية السامية للتخطيط حول الظرفية حيث أفاد أن المقتنيات من المواد الطاقية المصنعة ستشهد تراجعا على خلفية تحسن مرتقب في إنتاج وحدات التكرير الوطنية. تقريرالمندوبية أكد أن الواردات ارتفعت بنحو 5,4%، خلال النصف الأول من السنة، مدفوعة بزيادة مهمة في أسعار الاستيراد، مضيفا أن المواد الطاقية شكلت، خلال هذه الفترة، أهم المواد المستوردة، حيث بلغت مساهمتها 2,5 نقطة في النمو الإجمالي للواردات، بينما شهدت فاتورة واردات الحبوب بعض الانخفاض، حيث لم تتجاوز 2.45 مليار درهم إلى حدود مارس الماضي، مسجلة تراجعا ب 5.5 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. للتذكير فقد تم خفض الغلاف المالي المرصود لصندوق المقاصة برسم القانون المالي الحالي من 33 مليار إلى 14 مليار درهم وذلك في أفق إنضاج الدراسات الجارية المتعلقة بإصلاح نظام المقاصة بعد أن أكدت الدراسات بأن 20 في المائة من الأسر الأكثر غِنًى تستحوذ على أكثر من 40 في المائة من الدعم ، في حين أن المستهدف من هذا الأخير هي الأسر الفقيرة. غير أن إصلاح هذا النظام مازال متعثرا رغم وجود سيناريوهات عدة لدى وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة للحكومة من ضمنها نظام للدعم المالي المباشر لحوالي 8 مليون شخص من الفئات المصنفة «معوزة».