منح الاتحاد الأوروبي المغرب منحة جديدة، أمس الخميس، تصل قيمتها إلى مليار و860 مليون درهما، وذلك دعما لأربع برامج استراتيجية تتمثل في الحكامة، التشغيل والمقاولات الصغرى، محو الأمية ومجلس الفلاحة. الدعم المالي الذي حظي به المغرب لفائدة البرامج الأربعة سالفة الذكر والتي تعد استراتيجية ضمن مسار الإصلاحات التي يواصل المغرب بشكل حثيث خطواتها، تندرج أيضا في إطار سياسة الجوار الأوروبية الخاصة بدعم بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط والتي أقرها الاتحاد قبل سنوات وجدد آلياتها بعد أحداث ما سمي بالربيع العربي، حيث أعلن قادة أوروبا سنة 2011 عن تقديم مساعدات كبيرة في الكثير من المجالات لبلدان الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط والتي تحرز تقدما في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والإصلاحات الاقتصادية. البرامج الأربعة تم توقيع اتفاق بشأنها أمس الاثنين بالرباط بين السفير روبيرت جوي ممثل الاتحاد الأوربي بالمملكة، وعن الجانب المغربي وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، بحضور وفد وزاري هام يضم كلا من وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، ورشيد بلمختار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، ووزير التشغيل والشؤون الاجتماعية عبد السلام الصديقي، والوزير المنتدب عبد العظيم الكروج، والوزير المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة محمد مبديع. وأكد وزير الاقتصاد والمالية في كلمة له بالمناسبة أن البرامج الأربعة التي حظيت بهذا التمويل تندرج في إطار دعم الشراكة والإصلاحات والتنمية المندمجة وهي الآلية التي أقرتها اللجنة الأوروبية لفائدة دول الجوار بمنطقة المتوسط، وذلك لرفع التحديات الطارئة التي يواجهها شركاء الضفة الجنوبية للمتوسط على المستوى الاجتماعي والاقتصادي خلال هذه المرحلة الانتقالية. وأبرز أن المغرب بالدعم الذي يحظى به من قبل الاتحاد الأوروبي، تمكن بشكل سلمي وسلس من مباشرة ومواصلة إصلاحات معقدة في الميدان الاجتماعي، في التزام بالتوجيهات الملكية حيث أن برنامج تكافؤ الفرص بين النساء والرجال، ونجاح اعتماد الالتقائية في السياسات العمومية في مجال تنفيذ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وفك العزلة عن العالم القروي، وتسجيل نجاحات في الوضع المتقدم، تبرهن كلها على هذا المسار المتميز الذي تخطوه المملكة. هذا وعبر المسؤول الحكومي عن الأمل في أن يتم تفعيل اعتماد الإطار المالي متعدد السنوات الخاص بالفترة الممتدة من 2014 إلى 2017، وأن يتم الرفع بشكل ملموس من الغلاف المالي المخصص للمغرب ويكون في حجم الرهانات والطموحات التي تحملها المملكة، والتي هي رهانات تندرج ضمن إطار برنامج العمل لسنوات 2013-2017 لتفعيل الوضع المتقدم والتي من المقرر أن يتم اعتمادها في اجتماع مجلس الشراكة المقرر عقده بتاريخ 16 دجنبر الجاري. ومن جانبه أكد السفير الأوروبي في تصريح للصحافة أن توقيع الاتفاق لدعم البرامج الأربعة سالفة الذكر، يندرج ضمن الدينامية التصاعدية لعلاقات التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ويترجم كثافة وجودة الشراكة الثنائية، بل ومظهرا ملموسا للالتزام المتواصل للإتحاد الأوروبي بدعم الحكومة المغربية، قائلا «إن الأمر يتعلق بمواكبة المغرب في ميادين ذات أهمية قصوى وهيكلية، إنها برامج تتوج سنة كاملة تميزت بدينامية تصاعدية وناجحة بالنسبة للتعاون ودعم الإصلاحات بالمملكة». وهذا الدعم يتعلق بجوانب تخص مجالات الحكامة العمومية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث أن دعم الحكامة سيتجه إلى الجانب الخاص بتطوير وفعالية ونجاعة التدبير العمومي، أما الدعم المخصص للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فسيركز على جانب تقوية الكفاءات تماشيا مع حاجيات سوق الشغل، مع تقديم دعم في هذا الإطار يستهدف المقاولات الصغرى بهدف تقليص نسبة البطالة في صفوف الشباب، أما دعم محو الأمية فسيستهدف في ذات الوقت الإدماج المهني للشباب، أما الدعم المخصص لتنمية القطاع الفلاحي فيهم النهوض بمجلس الفلاحة الذي يعد آلية أساسية لمواكبة الفلاحين الصغار. وأوضح أن برنامج حكامة الذي يحظى بأهمية خاصة، سيخصص له في إطار هذا الدعم المالي مبلغ 841 مليون درهم، وذلك بالنظر لتأثيره بشكل عرضاني على مختلف مجالات التدبير العمومي والذي يمتد إلى الإصلاح الضريبي والتمويل العمومي، فضلا عن أهداف تمتد أيضا إلى تقوية آليات المحاسبة والشفافية والرفع من أداء الإدارة وعدالة النظام الضريبي والتي كلها تتماشى وانتظارات المواطنين والمبادئ التي جاء بها وأقرها دستور سنة 2011. وعلى هذا الأساس يضيف المسؤول الأوروبي فإن المحور الأول من هذا الدعم سيخصص لدعم إصلاح المالية العامة، وتعزيز مبادئ الأداء والشفافية وتنفيذ القانون الأساسي الجديد لقانون المالية، حيث سيتم التركيز في المحور الثاني على دعم تدابير الإصلاح التي ستمكن تحققي تأثير في المدى القصير على جودة الخدمات العمومية والدفع بمسألة المشاركة والرقابة المواطنة. أما المحور الثالث فيشمل دعم الإصلاح الضريبي، اعتمادا على التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية بالصخيرات حول الإصلاح الضريبي والتي تدعو إلى تعزيز العدالة والرفع من مردودية وشفافية النظام الضريبي. أما برنامج دعم المقاولات الصغرى فسيحظى بغلاف مالي يصل إلى 447 مليون درهم ويستهدف الرفع وتحسين كفاءة الموارد البشرية لفائدة القطاعات ذات الأولوية بالنسبة للاقتصاد المغربي، وذلك عبر تطوير المهارات من خلال دورات التدريب المهني التي تلبي حاجيات سوق العمل، وبالأخص في أوساط الشباب، مع تقديم دعم خاص للشركات الصغرى. أما دعم برنامج الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية، والذي يعد برنامجا جديدا فيصل حجم الغلاف المالي المخصص له إلى أكثر من 390 مليون درهم، ويستهدف بصفة خاصة الاندماج الاجتماعي والمهني للشباب في المناطق التي تسجل بها نسبة كبيرة من الأمية. كما يقدم الاتحاد دعما للإستراتيجية الوطنية لمجلس الفلاحة، والذي يعد قطاعا إلى جانب الصيد البحري يحظى بدعم كبير في إطار برنامج التعاون المغربي الأوروبي، وسيخصص له غلاف مالي يصل إلى 180 مليون درهم.