أكد نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية أن مشروع قانون المالية لسنة 2013، يشكل لبنةً جديدة في مسلسل أجرأة توجهات والتزامات البرنامج الحكومي ، ويجسد موعدا تشريعيا بامتياز لترسيخ الاختيارات الأساسية للنموذج المجتمعي المتفرد الذي درجت عليه بلادنا تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، وهو النموذج الذي يرتكز على تثمين الإنسية المغربية المنصهرة بمختلف مكوناتها وروافدها، ومواصلة البناء الديمقراطي في إطار دولة القانون والمؤسسات وربط المسؤولية بالمحاسبة، واستثمار منافع النمو القوي والمستدام في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتحقيق التنمية الشاملة الضامنة للارتقاء بالإمكان البشري الوطني، وتوفير فرص الشغل وأسباب العيش الكريم لجميع المواطنات والمواطنين أينما كانوا بالمدن والقرى وباقي ربوع المملكة. الوفاء لأولويات وتدابير البرنامج الحكومي وأوضح وزير الاقتصاد والمالية يوم الأربعاء 24 أكتوبر أمام أنظار أعضاء البرلمان، إن مشروع قانون المالية لسنة 2013 يستمد فلسفتَه ومضامينه من التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطابي صاحب الجلالة حفظه الله بمناسبة عيد العرش المجيد وذكرى ثورة الملك والشعب لهذه السنة، فضلا عن وفائه إلى أولويات وتدابير البرنامج الحكومي النابعة بدورها من تعهدات البرامج الانتخابية لأحزاب الأغلبية التي حظيت بثقة الناخبات والناخبين، وكذا أهداف ميثاق الأغلبية المبرم بين مكوناتها فيما يتعلق بالتنزيل الأمثل لأحكام الدستور وترسيخ الاختيار الديمقراطي وتوطيد المد الإصلاحي وتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد. وأضاف الوزير قائلا إن الحكومة ،حرصت في إعداد مشروع قانون المالية على الانفتاح على إجراءات وتدابير جديدة ومستجدة في إطار ما يستوجبه التشارك مع الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين، والتفاعل مع تطورات الظرفية والحاجيات المطردة للمواطنات والمواطنين، اعتبارًا في المقام الأول والأخير للمصلحة العليا لبلادنا، وتحصينا للمكتسبات التي حققتها خلال العشرية الأخيرة، وتعزيز الثقة في حاضر وآفاق نموذجنا المجتمعي والتنموي. وأبرز نزار بركة أن إعداد هذا المشروع يأتي في ظل ظرفية دقيقة وصعبة وطنيا ودوليا. فعلى المستوى الوطني، ساهم تأخر التساقطات المطرية في تراجع المحصول الزراعي من الحبوب.أما على المستوى الدولي، فمن المتوقع أن يتواصل تراجع الاقتصاد العالمي، خاصة في أوربا، الشريك الأساسي للمغرب، نتيجة استمرار أزمة المديونية والمالية العمومية وتداعيات ارتفاع أسعار البترول والمواد الأولية، إضافة إلى التحولات السياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،مضيفا أن الآفاق الاقتصادية العالمية تظل هشة ومهددة بالتراجع، نتيجة اعتماد البلدان المتقدمة لسياسات اقتصادية تقشفية، والاختلال المحتمل للتوازن بالأسواق العالمية للسندات والصرف، وكذا انخفاض وتيرة النمو الاقتصادي في الصين وفي البلدان الصاعدة الكبرى الأخرى. وأكد الوزير أن الظرفية الاقتصادية العالمية المتقلبة كانت لها تداعيات سلبية في سنة 2011 على توازن الحسابات الخارجية والمالية العمومية للمغرب، تجلت في ارتفاع عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات (8%) وارتفاع عجز الميزانية (6,1%)، ولكن دون المساس بالمقومات الأساسية لاقتصادنا الوطني، بحيث أن دينامية النمو ببلادنا لا زالت تسير في منحى إيجابي مقارنة مع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بفضل الاختيارات الإستراتيجية التي ما فتئت تنهجُها بلادنا في دعم القدرة الشرائية وتقوية الاستثمار والتركيز على الأوراش الكبرى المهيكلة والسياسات القطاعية التي بدأت تظهر ثمارها من خلال انتعاش الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي، والتحسن المطرد لمردورية القطاع الفلاحي خاصة بعد انطلاق مخطط المغرب الأخضر. وأبرز وزير الاقتصاد والمالية أن هذه الاختيارات وغيرُها، ساهمت في تثبيت ثقة الشركاء، في الداخل والخارج، بحيوية وآفاق نمو الاقتصاد المغربي، مما مكن بلادنا من الحصول على خط ائتماني وقائي من طرف صندوق النقد الدولي بقيمة 6,2 مليار دولار أمريكي. وفي السياق نفسه، حافظت بلادنا على "درجة الاستثمار“ من طرف وكالة " Standard&Poor's"، مع تخفيض آفاق التطور من مستقر إلى سلبي، في الوقت الذي تسجل فيه العديد من بلدان العالم، بما فيها دول الجوار الأورومتوسطي، تراجعا في تصنيفها الائتماني من قبل المؤسسات الدولية المختصة. وأشار الوزير إلى أن هذا التقييم بقدر ما يكرس، من جهة، الثقة في إرادية بلادنا لمواصلة الإصلاحات بعد الاستحقاقات الدستورية والانتخابية الأخيرة، وجدوى ووجاهة السياسة الاقتصادية المعتمدة، بقدر ما يؤشر من جهة أخرى، إلى الإكراهات والصعوبات المرتبطة بإنجاز الإصلاحات المتوخاة في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية، خاصة لدى شريكنا الأول الاتحاد الأوروبي، وكذا أهمية الانتظارات الاجتماعية في مقابل تقلص الهوامش المالية المتاحة، وأمام هذه الانتظارات والإكراهات، بادرت السلطات العمومية الى تقويم السياسة الاقتصادية في اتجاه مواجهة المرحلة الدقيقة التي تجتازها بلادنا، لأن: - التردد وعدم القيام بالإصلاحات في وقتها من شأنه أن يعمق من اختلال توازناتنا الماكرو- اقتصادية، وبالتالي صعوبة الاستمرارية في ضمان السيادة على القرار الاقتصادي؛ - التردد وعدم القيام بالإصلاحات اللازمة في حِينها سياهم في اتساع هوة الفوارق الاجتماعية والمجالية؛ - التردد وعدم القيام بالإصلاحات اللازمة سيؤثر على المصداقية التي تحظى بها بلادنا من قبل المجموعة الدولية. وقال الوزير إنه على غرار باقي دول المعمور التي تعيش تحت وقع الأزمة العالمية ، كان على بلادنا أن تعتمد أحدَ الخيارين التاليين: الأول يقتضي اتخاذ إجراءات تقشفية جذرية سيرا على خطى بعض الدول الأوربية المتوسطية، وما لذلك من انعكاسات على النمو وعلى التماسك الاجتماعي. الاختيار الثاني، يتمثل في نهج توجه ميزانياتي انفاقي مبني على تقوية الطلب الداخلي لتعويض تقلص الطلب الخارجي، عبر مضاعفة الاستثمار العمومي وتشجيع الاستهلاك. لكن، في المقابل سيتفاقم عجز الميزانية العمومية وميزان الأداءات، وترتفع المديونية، وما لذلك من تأثير مباشر على تمويل الاقتصاد، وبالتالي الحد من الاستثمار وخلق فرص الشغل. الرهان على تحقيق نمو تضامني في ظل الاستقرار وأوضح تزار بركة أن المغرب اتجه نحو اختيار ثالث ينسجم مع مقومات نموذجه التنموي، وهواختيارٌ يراهنُ على تحقيق نمو تضامني في ظل الاستقرار والتحكم في التوازنات الماكرو-اقتصادية، مبرزا أن هذا التصور التنموي التضامني، الذي يَنْتَظِمُ مجموع تدابير وإجراءات مشروع قانون المالية لسنة 2013، ينبني على ثلاثة روافد تهدف الحكومة، من خلال تفعيلها، إلى تحقيق نسبة نمو في حدود 4,5% على أساس محصول زراعي متوسط، وتقليص عجز الميزانية إلى 4,8% من الناتج الداخلي الخام، وضبط احتياطي العملة الصعبة في مستوى أربعة أشهر من واردات السلع والخدمات. وأردف الوزير بالقول إن هذه الروافد تتوزع على : - أولا: تشجيع وتقوية مواصلة الاستثمار العام والخاص المنتج لفرص تشغيل الشباب، مع دعم وتطوير المقاولات الصغرى والمتوسطة؛ - ثانيا: تحسين تنافسية الاقتصاد الوطني لجعله أكثر إنتاجية، وتنمية وتنويع العرض التصديري، مع العمل على الحفاظ على حصصنا في الأسواق التقليدية، وولوج الأسواق المنبثقة العربية والإفريقية؛ - ثالثا: تقوية آليات التضامن الاجتماعي والمجالي، مع الحفاظ على القدرة الشرائية، وتعزيز الاستهداف في السياسات العمومية للفئات المعوزة والمناطق الأكثر خصاصا، وهو ما يمثل صَمَّام الأمان من أجل نمو مستدام مشروط بالاستقرار والسلم الاجتماعي. وقال الوزير إن إنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية وتحسين الحكامة، سيظل في صميم هذا النموذج التنموي، مستنيرين في ذلك بالتوجيهات الملكية السامية بمناسبة عيد العرش لهذه السنة، والتي حث فيه جلالته الحكومة على "التجاوب مع المتطلبات الاجتماعية للمواطنين٬ مع الحرص على تحقيق حكامة جيدة للسياسة المالية لبلادنا٬ بهدف تحصين قدراتها التنموية٬ والحفاظ على مصداقيتها على الصعيد الدولي" . وأوضح الوزير أن الاستثمارات العمومية المعبأة بالنسبة لسنة 2013 ،تبلغ ما مجموعه 180,3 مليار درهم، ستخصص لمواصلة تأهيل البنية التحتية من طرق سيارة وسريعة وموانئ وسكك حديدية ومطارات وسدود ومركبات الطاقة الشمسية والريحية ومشاريع التنمية الحضرية والخدمات الاجتماعية. وفي هذا الإطار ستعمل الحكومة على إطلاق جيل جديد من الاستثمارات يشجع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويوجه الجهود المبذولة صوب تشييد أوراش مكملة لما سبق إنجازه من أوراش تنموية كبرى، بهدف استغلالها بكيفية أنجع وتحسين مردوديتها الاقتصادية والاجتماعية ووقعها على حياة المواطنين من خلال إبراز أقطاب جهوية للتنمية وتعزيز قدرتها على استقطاب الاستثمارات الخاصة. تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة وأوضح الوزير أن الهدف من هذا المجهود الاستثماري الهام هو توفير ظروف تطور النسيج الإنتاجي الوطني، وعلى الخصوص المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تشكل حوالي 95% من هذا النسيج، حيث أعطى مشروع قانون المالية لسنة 2013 أهمية قصوى للمقاولات الصغرى والمتوسطة، من خلال اقتراح مجموعة من التدابير المندمجة والمتكاملة، يأتي في مقدمتها تقليص العبء الضريبي عبر تقليص الضريبة المطبقة على الشركات التي تحقق أرباحا تساوي أو تقل عن 200 ألف درهم من 30% الى %10. وسوف يستفيد من هذا الاجراء حوالي %77 من المقاولات،بالإضافة إلى تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة على رفع رأسمالها، عبر منح تخفيض في الضريبة على الشركات من 30% إلى 20% (إلى غاية 31 ديسمبر 2013). وهو الإجراء الذي سيكلف الميزانية العامة حوالي 1 مليار درهم، والعمل على تحسين تمويل هذه المقاولات من خلال وضع منتوج جديد للضمان: "ضمان إكسبريس"، بالإضافة إلى الشروع في تطبيق القانون المتعلق بآجال أداء المبالغ المستحقة لفائدة المقاولات، ثم تخصيص نسبة لا تقل عن 20% من الصفقات العمومية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة، وكذا العمل على تفعيل الآليات الرامية لتشجيع الابتكار والبحث عبر تخصيص ما يناهز 110 مليون درهم لبرنامجي "انطلاق" و"تطوير"، فضلا عن دعم برامج "امتياز" و"مساندة" و"إنماء" الرامية لمواكبة المقاولات التي تتوفر على إمكانات ذاتية للتطور من خلال تخصيص مبلغ 400 مليون درهم،ومواكبة هيكلة هذه المقاولات وتقوية قدراتها التنافسية، عبر ضمان الحياد الجبائي في عملية اندماج الشركات،بالإضافة إلى التدابير الضريبية التحفيزية الرامية إلى تشجيع القطاع غير المنظم على الاندماج في النسيج الاقتصادي، وتمكينه من الاستفادة من باقي التدابير الموجهة لفائدة لمقاولات الصغيرة والمتوسطة. تدابير جديدة لدعم التشغيل والتشغيل الذاتي وذكر الوزير أن تقترح الحكومة تقترح ضمن مشروع قانون المالية مجموعة من التدابير الرامية لدعم التشغيل والتشغيل الذاتي، وخاصة عبر برامج تستهدف معالجة إشكالية البطالة الطويلة الأمد وفتح إمكانيات جديدة لإدماج الشباب حاملي الشهادات، منها تشجيع التشغيل في النسيج الجمعوي إقرار الإعفاء الضريبي على التعويض الشهري الذي يتقاضاه المتدرب، إلى غاية 31 دجنبر 2016. وفي إطار التقائية برامج التكوين مع إنجاز أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تهم تكوين وإدماج الشباب المنقطعين عن الدراسة، أعلن الوزير عن برمجة 102 مشروع للتكوين على مستوى التدرج المهني سيستفيد منه حوالي 60 ألف شاب خاصة بالوسط القروي، بالإضافة إلى إحداث 24.340 منصب مالي ستخصص أزيد من 50 % منها للقطاعات الاجتماعية ومرافق القرب في خدمة المواطن. تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتوطيد التوازنات الماكرو-اقتصادية واستطرد الوزير بالقول إن الحكومة تولي اهتماما خاصا لتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، في ظل اختلال توازناتنا الخارجية وانخفاض مستوى احتياطي الصرف وتأثير ذلك على مستوى السيولة وشروط تمويل الاقتصاد الوطني. وفي هذا الإطار، سيتم العمل ضمن مشروع قانون المالية 2013 على تسريع وتيرة انجاز الاستراتيجيات القطاعية بهدف تحقيق التنويع الانتاجي، حيث ستعطي الحكومة الأولوية لدعم الاستثمار الصناعي من خلال مواصلة تطوير المهن العالمية للمغرب، بالموازاة مع تطوير قطاعات صناعية جديدة ذات قيمة مضافة عالية كالصناعات الميكانيكية والكيميائية والشبه كيميائية والصناعات الدوائية.ومن المنتظر أن يشكل هذا التوجه نواة لبروز نسيج صناعي يواكب المشاريع الاستثمارية الكبرى مثل "رونو" و"بومبارديي"، والتي ستعمل الحكومة على تطويره وتعميمه على قطاعات أخرى كالسكك الحديدية والطاقات المتجددة، بالإضافة إلى تعزيز قدرات المغرب التصديرية والتنافسية، من خلال تحسين تسويق منتوجات الأقطاب الفلاحية، وتكثيف الترويج السياحي لمواكبة الاستثمارات المنجزة بمختلف المحطات السياحية وتسريع وتيرة استكمالها. كما ستعمل الحكومة على تقليص تكاليف الإنتاج المتعلقة بأنشطة النقل والتلفيف والتخزين من خلال أجرأة الاستراتيجية اللوجستيكية وتفعيل الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية، وذلك بهدف تطوير شبكة وطنية مندمجة للمناطق اللوجستيكية بالقرب من أهم أحواض الاستهلاك ومناطق الإنتاج، ومواكبة هذا الجهود بمجموعة من التدابير، منها ما يتعلق بتقليص الرسوم الجمركية المطبقة على المواد الأولية الفلاحية من أجل تعزيز انخراط القطاع الفلاحي المغربي في السوق العالمية، في إطار أهداف مخطط المغرب الأخضر، وتحسين القدرة التنافسية للقطاع الفلاحي، مع مراعاة مختلف سلاسل الإنتاج. تنويع وتقوية العلاقات مع الشركاء الاقتصاديين وأوضح الوزير أن الحكومة منكبة، في هذا الإطار، على تنويع وتقوية العلاقات مع الشركاء الاقتصاديين لبلادنا من خلال استغلال أمثل لاتفاقية التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية وتسهيل الولوج إلى الأسواق الجديدة، خاصة في إفريقيا التي تعرف بلدانها نموا مطردا في السنوات الأخيرة، و كذا في العالم العربي. وأفاد نزار بركة أن بلادنا استطاعت أن تحظى بوضع متقدم مع دول مجلس التعاون الخليجي من خلال بناء شراكة استراتيجية مهمة تم تفعيل مضامينها بمناسبة زيارة العمل الميمونة التي قام بها جلالة الملك مؤخرا إلى كل من المملكة العربية السعودية وإمارة قطر والإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت بالإضافة إلى المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة،موضحا أن البلدان الأربعة الأولى بادرت إلى المساهمة في برامج التمويل لمشاريع التنمية ببلادنا على شكل هبات بقيمة 5 مليار دولار، بالموازاة مع الجهود المبذولة على المستوى الثنائي لتطوير الفرص المتاحة في مجال المبادلات التجارية واستثمارات الصناديق السيادية والفاعلين الخواص بكيفية مباشرة أو في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وتهم هذه المشاريع، التي تندرج في إطار البعد الاستثماري التنموي العمومي، والتي تم اختيارها من طرف الدولة في إطار البرامج والأوراش المفتوحة للمخططات القطاعية، مجالات إنتاجية مثل الفلاحة، وقطاعات اجتماعية مهمة ومختلفة كالصحة والتعليم الأساسي والتعليم العالي والسكن الاجتماعي، وإنجاز البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية من طرق وسدود وموانئ. الأمر الذي سيكون له وقع مباشر وملموس على تحسين مستوى العيش وإحداث فرص التشغيل بالنسبة للمواطنات والمواطنين في المناطق المستهدفة. الحرص على ضمان التوزيع العادل لثمار النمو وقال نزار بركة إن الحكومة تحرص على ضمان التوزيع العادل لثماره، وهو ما يترجمه الرافد الثالث لتوجهها التنموي التضامني في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2013، والمتعلق بدعم آليات الضمان الاجتماعي بغية تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وذلك من خلال اقتراح مجموعة من التدابير والآليات، على رأسها إعادة تأهيل المنظومة التعليمية من خلال تحسين العرض والجودة والحكامة والرفع من قدرات الموارد البشرية، بالموازاة مع تسهيل اندماج المتعلمين في الحياة اليومية وفي سوق الشغل من خلال التركيز على مسالك التكوين المهنية، وتكثيف الجهود لضمان ولوج المواطنين للخدمات الصحية وتحسين العرض الصحي وإعادة تنظيم المستعجلات الطبية عبر تقوية النقل الطبي الاستعجالي والوحدات الاستعجالية المتنقلة، والحرص على توفير السكن، عبر إعفاء السكن ذي القيمة العقارية المنخفضة (140 ألف درهم) الموجه للفئات ذات الدخل المحدود من جميع الضرائب، على غرار السكن الاجتماعي، حيث يقدر حجم التحفيزات الجبائية الموجهة إلى قطاع السكن بحوالي 6,3 مليار درهم برسم مشروع القانون المالي 2013.وموازاة مع ذلك، يقترح مشروع قانون المالية إحداث منتوج جديد موجه إلى الطبقة المتوسطة تتراوح مساحته ما بين 100 و150 متر مربع بسعر لا يتجاوز 5.000 درهم للمتر المربع، وذلك في إطار دعم القدرة الشرائية لهذه الشرائح بحكم أن كلفة السكن تشكل عبئا كبيرا في نفقات الأسر. تعزيز آليات استهداف الفئات المعوزة وذات الدخل المحدود وذكر الوزير إن الحكومة ستعطي الأولوية لتعزيز آليات استهداف الفئات المعوزة وذات الدخل المحدود، عبر توفير موارد قارة لصندوق دعم التماسك الاجتماعي، والذي يَقترح مشروع قانون المالية بشأنها إحداث مساهمة تضامنية مطبقة: على أرباح الشركات التي تفوق 20 مليون درهم؛ وعلى الدخول الصافية التي تفوق 300 ألف درهم في السنة، مع التأكيد على أن هذا المجهود التضامني مع الفئات المعوزة، التي هي الأكثر تضررا من تداعيات الأزمة، يهم فقط أقل من 1 في المائة من الأشخاص الخاضعين على الضريبة على الدخل، فضلا عن الموارد المتأتية من رفع نسبة الضريبة المطبقة على الأرباح العقارية الناتجة عن التفويت الأول للعقارات التي يتم إدخالها في المدار الحضري من 20% على 30%. وأوضح نزار بركة أن هذه الإمكانيات المالية المعبئة ستمكن من تسريع عملية تعميم نظام المساعدة الطبية، وتوطيد وتوسيع قاعدة المستفيدين من برنامج "تيسير" للمساعدات المالية المباشرة لفائدة تمدرس أبناء الأسر الفقيرة، بالإضافة إلى توسيع قاعدة المستفيدين من هذا البرنامج لتشمل أسر الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة غير القادرين عن العمل منهم والأطفال في سن التمدرس، والعمل على استكمال تنفيذ نتائج اتفاق 26 أبريل للحوار الاجتماعي، في إطار تشاركي مع النقابات الأكثر تمثيلية والفاعلين الاقتصاديين؛ومواصلة دعم القدرة الشرائية للمواطنين من خلال تخصيص 40 مليار درهم لصندوق المقاصة، بالإضافة إلى لاعتماد مجموعة من التدابير لفائدة العالم القروي والمناطق الجبلية، وفق مقاربة ترتكز على الاندماج الترابي وتكامل وتناسق التدخلات القطاعية للدولة في مجالات إنجاز الطرق القروية، والمراكز الصحية، والمؤسسات التعليمية، والربط بشبكات الماء والكهرباء والاتصال. ولهذا الغرض، ستعمل الحكومة على تعزيز الإمكانيات المالية لصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، لترتفع من مليار درهم إلى 1,5 مليار درهم، مع تخصيص 500 مليون درهم لتفعيل الاستراتيجية الجديدة لتنمية المناطق الجبلية، والسهر على ضمان تناسق التدخلات القطاعية مع المشاريع المبرمجة في إطار برنامج التأهيل الترابي الذي يندرج في إطار المرحلة الثانية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والذي خُصص له غلاف مالي يناهز 5 ملايير درهم خلال الفترة 2011-2015، منها 1 مليار درهم برسم سنة 2013. الحرص على تنفيذ الإصلاحات المؤسساتية والهيكلية وأضاف الوزير أن الحكومة ستحرص على تنفيذ الإصلاحات المؤسساتية والهيكلية الضرورية عبر مقاربة تشاركية ومنفتحة، تهم على الخصوص إصلاح العدالة والجهوية المتقدمة واللاتمركز والقانون التنظيمي لقانون المالية، حيث انطلقنا، في اطار العمل المشترك مع لجنتي المالية بمجلسي البرلمان، في تدارس وإغناء مسودته الأولية، مع الحرص على التنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور، عبرتسريع بلورة مختلف القوانين التنظيمية والقوانين المتعلقة بتعزيز دور المؤسسات الساهرة على النهوض بالحكامة الجيدة، إلى جانب دعم عمل الهيأة العليا للإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة وتفعيل توصياتها، بالموازاة مع اتخاذ التدابير الرامية لمواكبة تأهيل المنظومة القانونية، وتحديث الهياكل القضائية، وتأهيل الموارد البشرية، والرفع من النجاعة القضائية، وترسيخ مبدأ استقلال القضاء، وتعزيز المساعدة القضائية، والانكباب على إصلاح صندوق المقاصة وفق مقاربة تدريجية تشاركية تهدف إلى التحكم في كلفة الدعم ومواصلة الحفاظ على القدرة الشرائية مع استهداف الفئات المعوزة، ، وإصلاح أنظمة التقاعد من أجل ضمان ديمومتها وتوازنها وتوسيع قاعدة المستفيدين من خدماتها، وكذا إطلاق الإصلاح الضريبي بهدف تحقيق مزيد من الإنصاف والعدالة الاجتماعية، فضلا عن توحيد الأنظمة المؤطرة للصفقات العمومية وتبسيط المساطر المرتبطة بها. واختتم الوزير عرضه بالتأكيد على أن المغرب يوجد أمام ظرفية دقيقة تحتاج إلى تعبئة وتماسك جميع القوى الحية، حكومةً وبرلمانيين، أغلبيةً ومعارضة، من فعاليات اقتصادية ونقابات ومجتمع مدني، بتغليب روح المسؤولية والمبادرة والاجتهاد والإبداع من أجل مواجهة التحديات المطروحة، وضبط التوازن الحيوي بين التطلعات المشروعة التي تعكس دينامية مجتمعنا ، والإصلاحات الأساسية الاقتصادية والاجتماعية الملحة التي لا تحتمل التأخير من ، وبين الإمكانيات والهوامش المحدودة التي تتيحها المالية العمومية .