كاتب مسرحي وسيناريست وناقد، من أهم أعماله الدرامية مسرحية «قاضي حاجة» التي أنتجتها فرقة أكاديما بمراكش من إخراج حسن المشناوي وصورت للقناة الثانية 2M، ومسرحية «قايد القياد الباشا الكلاوي» إنتاج النادي الفني كوميديا والقناة الأولى SNRT إخراج حسن هموش، ومسرحية «رياض العشاق» إنتاج المسرح المفتوح بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس إخراج عبد الصمد دينية، ومسرحية «الروكي بوحمارة» إخراج حسن هموش لفائدة النادي الفني كوميديا.. ثم مسرحية «الجدبة» إنتاج مسرح الحال بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس فكرة وإخراج عبد الكبير الركاكنة. ومعظم هذه النصوص منشورة. ساهم في كتابة سيناريوهات لحلقات مجموعة من السلسلات التلفزيونية كسلسلة «طالع هابط» القناة الأولى، «ناس الحومة» القناة الثانية.. ومسلسل «دموع الرجال» إخراج حسن غنجة إنتاج القناة الثانية. وكتب عدة أشرطة تلفزيونية منها «آسفة أبي» و»شهادة ميلاد» «الزمان العاك».. له إسهامات في مجال النقد المسرحي والسينمائي والأدبي ونشر عدة مقالات ودراسات بمختلف المنابر الصحافية الوطنية والعربية.. يقول الدكتور نعيم اليافي «إن لغة الفن لغة انفعالية، والانفعال لا يتوسل بالكلمة وإنما يتوسل بوحدة تركيبية معقدة، حيوية، لا تقبل الاختصار، نطلق عليها اسم (الصورة) فالصورة إذن هي واسطة الشعر وجوهره وكل قصيدة من القصائد وحدة كاملة تنتظم في داخلها وحدات متعددة، هي لبنات بنائها العام، وكل لبنة من هذه اللبنات هي صورة تشكل مع أخواتها الصورة الكلية التي هي العمل الفني نفسه». يؤكد هذا التعريف إذن على أهمية الصورة لأنها واسطة الشعر وجوهره إلا أن ما يلفت انتباهنا في هذا التعريف هو قوله ب «الانفعالية» و»الحيوية»، فإذا تصفحنا ما يوجد بين أيدينا من الشعر الهواري وهو بيت القصيد عندنا وجدناه يتوفر على هاتين الخاصيتين. فهو انفعالي، ناتج عن ذات تعاني من طقوس البيئة جغرافيا وحضاريا واقتصاديا، يعبر عن أحاسيسه الداخلية تعبيرا قويا ومتفاعلا، وهو حيوي باعث على الانشراح والارتياح عند سماعه، فيرتاح له السمع وتنشرح له النفس. فحينما يقول الشاعر الهواري مثلا: وا الغزالْ السَّارحَة فالغابَة وفينْ غابوا عليكْ الصيادَا فلا شك أنه يريد لذهنك أن يسرح بعيدا ويتأمل الطبيعة، والغابة، وأن يتخيل المتلقي هذه الغزالة الجميلة التي ترعى بين الأشجار.. إلا أنه وبعد تفحص عميق لهذا الشعر، تدرك أنه ضمنيا يقصد – حبيبته ومعشوقته - فتكون حينئذ – الغزال- رمزا للمرأة المتنقلة بين الأشجار، وهي ترعى أو تعمل في الحقل. وتكون الصورة رائعة حين تقابل – الغزالة بالصياد - فيرمز الأول للبراءة والثاني يرمز للعدوانية، وحمل السلاح. فتجاوبنا مع هذا المقطع هو تجاوب دخلت فيه عوامل عدة وهي التي جعلته قولا شعريا. هكذا يكون الشعر تفكيرا بالصور، يقول حازم القرطاجي: «أما ما تقوم به الصناعة الشعرية فهو التخييل». وإذا تناولنا نصا من نصوص – حمَّادة - وجدناه نصا تمثيليا تخيليا، الشيء الذي يكسبه شاعريته شكلا ومضمونا. فهو تمثيلي لأنه يقوم على خاصية من خاصيات التمثيل وهو الحوار. وهو تخيلي لأنه يقوم على خاصية من خاصيات الإبداع عموما وهي التعبير عن الواقع بطريقة فنية متخيلة حتى لا ينقل لنا الشاعر الواقع نقلا حرفيا. وفي نص حمادة، هذا الذي يعالج قضية من الواقع، ألا وهي الغدر والخيانة في سبيل الجاه والمال حيث تترك المحبوبة حبيبها الذي عانى من أجلها كثيرا، وبعد أن وعدته بالعيش معه، فيغتر المسكين بوعودها ويتندم على وفاتها، فيذرف الدموع على قبرها لكن سرعان ما يتدخل المبدع –الشاعر- لينقلنا إلى الخيال حينما يقول: قالْ ليه واحد الطير من السماء وبجاهْ الرحمانْ قال ليه مالك أوليدي ولا هاذْ الوَحلانْ..؟ وقالْ ليه ثمَّ غزيلي اللي دْخلُوه للأرْوامْ.. هكذا إذن يمزج الشاعر بين المثالي والواقعي، فهو يريد أن يتعرض لموضوع معيش وهو الغدر والخيانة وعدم الوفاء بالعهد.. لذا نجده عازم على أن يقرر رصْد الواقع لكن بأسلوب فني ناضج. «حيث يسجل صورا فوتوغرافية أثناء استعماله للكلمة، فهو إذن يقرر ولكن تقريره هذا يبقى دائما بعيدا عن الشكل العادي لأنه يستتر فنيا بظواهر متعددة.....»، ومن بين هذه الظواهر التعبير عن الواقع بأسلوب متخيل، كما نرى في نص حمادة حين نجد القصة تحكي عن مأساة الحبيب ومعاناته لكن أحداث القصة تصدمنا، حين نجد الطائر يتحدث مع الفتى أولا، وحينما يحيي إليه حبيبته من جديد ثانية. ثم أيضا من بين الظواهر التي يضمنها تستره الفني: التشبيه: وهي نوع من التشبث بالواقعية التي تترصد أحوال المشبه في مشبهات بها يعرفها الخاص والعام، كما نجد في هذه القولة التي تهجو فيها إحدى النساء امرأة أخرى فتنتقي أو تختار أثناء هجائها لها مشبهات بها من الواقع معروفة ومرئية، لا غموض فيها، ولا تعقيد. ياحنوكْ البغلة يا سنينْ الديبَة//// بْغيتِي تضادّيني عليا باليمينْ لا كنتِ بْحالِي.. فهي تشبه خديها ب (حنوك البغلة) وتشبه أسنانها ب (أسنان الديبة) المدفوعة إلى الأمام، لتقول لها بطريقة فنية أنها قبيحة المنظر وضمنيا تشير إلى نفسها بأنها أجمل منها، بل إنها تقسم لها باليمين على أنها أجمل منها. ويقول حازم أيضا: «والمعاني الشعرية منها ما يكون مقصودا في نفسه بحسب غرض الشعر ومعتمدا إيراده، ومنها ما ليس بمعتمد إيراده ولكن يورد على أن يحاكي به ما اعتمد من ذلك ويحال إليه».. فالمعاني الشعرية قد تكون مقصودة بحسب غرض الشعر بمعنى أنه قد يوافق الاسم المسمى مثلا، ولكن قد تكون غير مقصودة، بمعنى آخر (ضمنية) وهذا ما يكسبها شعريتها فحينما يقول الشاعر مثلا: وا أمّي، يا أمّي عندي زوجْ خواتم والثالثة بالنقرة وا أمّي، يا أمّي عندي حبيبي واحد وعشرة فالنظرة.. فالنقرة مثلا لها دلالة حقيقية وهي المعدن ولكنها ضمنيا لها دلالة مجازية وهي المرأة الجميلة خلقيا، وهي المصطفاة من بين النساء، فتصبح النقرة وهي المعدن النفيس واللامع بموازاة المرأة التي تحتل مكانة رفيعة في نفس عشيقها. أما عن قوله: «وا أمّي، يا أمّي عندي حبيبي واحدْ وعشرة فالنظرة..» فهو شبيه بقول الشاعر جميل بثينة: نقِّلْ فؤادك أنى شئت من الهوى فما الحبُّ إلا للحبيب الأولِ الصورة الشعرية عند الشاعر الهواري أعمق بكثير منها عند جميل بثينة.