«قراصنة 2010» تنهي الرقص مع المجانين شهد فضاء برج «المرايا» المطل على أمواج الأطلسي بسلا, مساء الثلاثاء الماضي, تقديم عرض ملحمي ضخم بعنوان «فلاين دوتشمان», ضمن السهرة الختامية لعرض «قراصنة 2010», رحل بالجمهور إلى عوالم سحرية لحقبة من تاريخ أساطير القراصنة وحكاية موتى «عائشة البحرية» الأحياء ورقصاتهم المجنونة. ويقول بلاغ للجهة المنظمة أن الهدف من هذا التقليد الفني الذي ينظم كل سنتين (biennale) هو تشجيع الإبداع والابتكار في الفنون الحية، بما يؤدي إلى تعميق الاتصال بين الذاكرة والإبداع المعاصر. وقد أطلق على هذا المحفل الفني اسم: قراصنة على شرف الماضي العريق لمدينة القرصنة، واستحضارا لأمجاد البحارة المغامرين واستحضارا لأسرار الساحل المحتفى به، تعد قراصنة منشطا حيويا لإعادة تملك الهوية السلاوية من قبل ساكنة المدينة. في كل طبعة جديدة تسعى قراصنة إلى تشكيل ذاكرة المدينة عبر استثمار طاقاتها التخيلية و مسرحة حكاياتها الدرامية. سعيا لانخراط هذا المحفل الفني بجد في مسار إنتاج فني متضامن. 3 فضاءات استعراضية مفتوحة خلال سبعة ليال، تركزت على أبراج مدينة سلا : باب لمريسة، برج الدموع والبرج الكبير. لقد كان قراصنة 2010 خلال هذه الدورة يطمحون إلى اجتياز مرحلة جديدة من استكشاف فضاء رمزي وسط المدينة، من خلال تمكين الزوار من معاينة إبداعات الفنانين المعاصرين، حيث يسمح الوضع المباشر لكل فن من الفنون المجسدة في هذا الفضاء الممسرح بما يتضمنه من أشكال التجسيد الفني المختلفة بخلق علاقة حميمية غير متوقعة مع جموع الحاضرين المحتفلين والإعلاميين. ما ميز هذه الحلقة الجديدة من قراصنة هو استدعاء أساطير القرصنة (الأسرى، الجشعون، المخربون ، الكنوز...) أما الحفل الختامي كما سبقت الاشارة اليه فقد شهد تجمع كل الفنانين الحاضرين حول منشأة أثرية حضرية «la sarabande flying dutchman» واستهل المشهد الأول من هذا العرض الملحمي بحكاية خيالية لبحارة مدينة سلا..وجشع القراصنة, المستوحى من أساطير قراصنة المدينة, والتي تتحدث عن هجوم القراصنة المخربين الجشعين على إحدى البواخر وتخريبها وإحراقها محققين بذلك النصر على البحارة. وقد وظف مخرج هذا العرض الفرنسي لوران غاشي, الذي أطلق فكرة مشروع «قراصنة» 2006 و2008 , في هذا المشهد موسيقى خيالية حماسية يرقص الموتى الأحياء خلالها مع عرائس البحارة رقصات المجانين لتشجيع القراصنة المخربين على مواصلة رحلة الصيد لنهب البواخر. فيما اعتمد لوران غاشي في المشهد الثاني من هذا العرض على رسم لوحة تعبيرية خيالية جسد فيها حوالي 70 شابا وشابة دور الأموات-الأحياء على شكل هياكل عظمية انبعثوا من قبورهم ليسافروا بخيال الجمهورالحاضر إلى برج «المرايا» ليعيش قصة حياة هؤلاء الأموات, الذين بعثت فيهم «عائشة البحرية» الروح من أجل خدمتها. ولوران غاشي هو ابن ملاح في الطيران البحري ازداد بسلا، وتابع تكوينا في مجال السينما «لكي يحكي القصص»، ثم دراسات جامعية في هندسة الصوت. حصل على دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في العمل الفني والسياسة الثقافية ودبلوم مدير مشاريع وبنيات وسياسات فنية وثقافية الخاص بالجمعية الوطنية للتكوين والإعلام الفنيين والثقافيين (Anfiac). عند بلوغه سن العشرين، اكتشف الاستعراض الحي بمهرجان شاطوفايون، ثم أفنيون. غير أن اكتشاف الرقص المعاصر سيكون بمثابة تجربة حاسمة بالنسبة له. فبفضل لقائه بمصمم الرقص دومينيك باوي أصبح المدير التقني للمركز التوقيعي الوطني بمونبوليي. وتقول الحكاية أن رقصات هؤلاء الموتى الأحياء هي تعبير عن فرحتهم لعودة الروح في أجسادهم وبعثهم من جديد. وقد تميز هذا المشهد بإطلاق شهب اصطناعية أثتت سماء المدينة, وذلك في دلالة على أن القراصنة حققوا إنجازاتهم وانتصاراتهم على البحارة. وشاركت في عرض «الرقص مع المجانين», المنظم من طرف الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة, حوالي 350 مشارك بينهم 120 فنانا مغربيا وأجنبيا. وقد احتضنت فضاءات «البرج الكبير», وبرج «الدموع», وبرج «المرايا» أنشطة عرض «قراصنة 2010» المنظم بشراكة مع جمعية «قراصنة» ومدرسة السيرك «شمسي» بتعاون مع العديد من الشركاء المؤسساتيين والخواص. ويعد هذا العرض إبداعا مشتركا وثمرة تعاون بين فنانين متمرسين وآخرين ناشئين, مدرسة للتواصل والحوار وتأصيل ممارسة فنية جديدة في المدينة بمشاركة السكان ولفائدتهم. وحسب المنظمين فان الهدف من هذه التظاهرة يتلخص في تكريس الفن والثقافة ضمن الانشغالات الفردية للمواطن المغربي. وانهم يطمحون من وراء البيينال 2010 لفنون الاستعراض والرحلات متابعة تطوير ورشات التكوين والإبداع في مجال السينوغرافيا، تثبيت خصائصه المميزة وقيمه التضامنية، إبداع أشكال فرجة ذات مستوى نوعي يحترم ذكاء المتلقين.