استعادت أبراج مدينة سلا المطلة على أمواج الأطلسي, ليلة أمس الأربعاء, من خلال العرض الفني الملحمي الضخم "قراصنة 2010: الرقص مع المجانين", صفحة من حكاية المدينة مع أساطير القراصنة. ويحكي هذا العرض, الذي ينظم إلى غاية 27 يوليوز تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس, من طرف الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة, عن أساطير القراصنة, التي تقول إن هؤلاء كانوا مخربين وجشعين يقتلون ضحاياهم ويتركون الآخرين يعيشون منبوذين على الهامش. وقد تمكن حوالي 350 مشاركا في هذا العرض من حمل الجمهور إلى حقبة أخرى من تاريخ الأساطير, تتحدث عن قصة أناس "جاسوا كل السواحل من فارس إلى إيسلندا حاملين معهم في سفنهم أسرى وكنوزا وعجائب". فبفضاء "برج الدموع" وتحت أنظار المئات من سكان المدينة الذين انتشروا على طول الأسوار المطلة على البحر لمتابعة مشهد مستوحى من أساطير القراصنة, اعتمد فيه المخرج الفرنسي لوران غاشي على ثلاثة عوالم أساسية, وهي عالم القراصنة المخربين, وعالم ضحايا القراصنة, ثم عالم أسرى القراصنة المعفى عنهم. وتحت عنوان "الرقص بالنار", انطلق المشهد الأول, بملحمة فنية تحكي انبعاث أشخاص على شكل هياكل عظمية تحمل مصابيح مضيئة في خدمة القراصنة المخربين الذين قدموا للعبث بإحدى القرى, فعبثوا بها وقتلوا ضحاياهم وأعفوا عن بعض ساكنتها الذين عاشوا في عالم خاص بهم مهمشين ومنبوذين. بعد ذلك انتقل لوران غاشي, الذي أطلق فكرة مشروع "قراصنة" 2006 و2008 , إلى مشهد آخر يحكي عن قرصان خرج من مغارة أسفل برج "الدموع" يدعي أن أمواج البحر رمته, ليقوم بعد ذلك في مشهد مؤثر رفقة أطفال وشباب من ضحايا القراصنة يرتدون لباسا أبيض ويحملون شموعا, برقصات غريبة تعيد الحياة لإحدى ضحايا القراصنة. أما ب"البرج الكبير" وتحت خيمة السيرك, فقد قدم لوران غاشي عرضا بعنوان موسيقى "نوبة السيرك" تناول خلاله عدد من أطفال وشباب مدينة سلا (من الجمعية المنظمة) حكاية قصة (بلانكا) سليلة عائلة كاثوليكية إسبانية كبيرة إبان العهد الأندلسي, وحبها المستحيل لشاب مغربي يدعى حامد ابن القرصان السلوي. ورفرفت روح بلانكا خلال هذا العرض, عندما روى أطفال السيرك الخيالي لحظات اللقاء التي كانت تجمع بلانكا بحامد بحدائق غرناطة ودعواتها المتكررة له باعتناق ديانتها المسيحية كشرط للزواج بها لكنه كان يرفض ذلك مرارا, داعيا إياها إلى اعتناق الديانة الإسلامية. ووعدت (بلانكا) "حامد" بأن تحضر كل عام إلى حديقة غرناطة لملاقاته لكنه لم يرجع أبدا, فيما ظلت هي وفية لعهدها إلى آخر يوم في حياتها. ويمثل عرض "الرقص مع المجانين" ,المنظم بشراكة مع جمعية "قراصنة" ومدرسة السيرك "شمسي" وبتعاون مع العديد من الشركاء المؤسساتيين والخواص, الذي يعد إبداعا مشتركا وثمرة تعاون بين فنانين متمرسين وآخرين ناشئين, مدرسة للتواصل والحوار وتأصيل ممارسة فنية جديدة في المدينة بمشاركة السكان ولفائدتهم. ويطمح منظمو من خلال هذه التظاهرة إلى استكشاف الفضاءات الرمزية بمدينة سلا, وكذا نسج علاقة بين التاريخ والذاكرة والتراث والإبداع المعاصر, والمساهمة في تطوير سياسة فنية مستدامة. يذكر أن من بين أهداف الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة, التي نظمت الدورتين الأولى والثانية من هذه التظاهرة سنتي 2006 و2008, العمل على توفير شروط التربية غير النظامية للأطفال من أجل حصولهم على مستوى دراسي يؤهلهم لولوج المدرسة أو التكوين المهني والفني بمدرسة السير (شمسي) بسلا.