استعاد نهر أبي رقراق وسكان العدوتين, ليلة الخميس, من خلال العرض الفني الملحمي الضخم «قراصنة2008 : أطفال أبي رقرارق», صفحة من حكاية سلا والرباط مع القراصنة القادمين من بعيد للعبث بالنهر والقصبة. فتحت أنظار الآلاف من سكان المدينتين, الذين انتشروا على ضفتي أبري رقراق لمتابعة العرض الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس, من طرف الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة, انطلقت الأسطورة بظهور فرق الخيالة في الضفة اليمنى للنهر, لتستعرض قوتها, ليلوح بعد انسحابها شبح سفينة كبيرة تمخر عباب النهر. إنهم القراصنة, قادمون لاقتحام القصبة, ضجيج وصخب يعم الفضاء, تقترب السفينة رويدا رويدا, مصوبة مدافعها ونيران بارودها صوب قصبة الأوداية, وقائد القراصنة يصيح «إنها ليلتنا..إنها ليلتكم أيها القراصنة «. وبعد مشهد «الخيالة» و»هجوم القراصنة» على قصبة الاوداية, المشهد المشحون بالرهبة, والمقدم على دقات الطبول المنذرة بالحرب وهدير أمواج الأطلسي ونهر أبي رقراق, انتقل المخرج الفرنسي لوران غاشي الذي أطلق فكرة مشروع «قراصنة» سنة2006 بمناسبة الدورة الاولى لمهرجان فنون السيرك والرحلة بسلا, إلى مشهد «الرد», الذي أعلنت فيه القصبة في شموخ وإباء اعتزازها بتاريخها وعزمها على عدم الاستسلام للغزاة. وقد نهل المخرج في صياغة مشهد التصدي للقراصنة من الأسطورة (وخصوصا حصان طروادة) حيث ظهر موكب هائل «الموكب السلاوي» تسبقه اضواء وأنوار قبالة القلعة (الوداية), على متن سفينة, قدم على ظهرها أطفال وشباب أبي رقرارق (من الجمعية) فقرات من الألعاب السحرية للسيرك الخيالي, من «مروضي النيران» و»الصواري الثلاثة» و «الفيل الرائع» و «وحيد القرن فوق الحبال» و»عفريت القلعة» و»رقصة مارد البحر» و»تنين الوادي». وتوالت بعد ذلك مشاهد «قراصنة2008 « وفق رؤية إخراجية لخصها لوران غاشي في وثيقة تضمنت تقديما للعرض بالقول «سنبعث من العدم المقابل البحري لسيرك خيالي ذي مسحة عجائبية.. وسنسيج الأسوار المزينة بالزليج والخشب الثمين بالأضواء والنيران حتى إذا اضطر عفريت القلعة (الاوداية) على الخروج أمام كل هذا الزخم من المكائد السحرية, سنشيد جسرا ناريا يربط بين ضفتي النهر.. وبذلك ستحقق الاسطورة في هذه الليلة الفريدة وسينسى الجميع خصوماتهم واختلافاتهم واصولهم ليصبحوا ذات قمر أطفال أبي رقراق». وتميز الحفل, الذي نظم بتعاون مع العديد من الشركاء المؤسساتيين والخواص, بعرض صور قديمة للقصبة على أسوارها, مصحوبة بموسيقى تعبيرية خاصة (كورال الأطفال, مزيج من الاصوات, إيقاعات, موسيقى أندلسية موسيقى تنكو) وحركة تموجات فوق النهر وعلى حافته. وقد تحول الفضاء, إلى كتلة اختلطت فيها الألوان والأضواء والشهب الاصطناعية على إيقاع الطبول ونغمات موسيقية أخرى حولت النهر لليلة إلى فضاء أسطوري. يذكر أن الدورة الأولى من هذه التظاهرة نظمت سنة2006 على هامش الدورة الأولى لفنون السيرك والرحلة بسلا بتعاون مع أكاديمية «فراتلي» وهو التعاون الذي أثمر إنشاء مدرسة «شمسي» لفنون السيرك. ويمثل عرض «أطفال أبي رقراق» إبداعا مشتركا وثمرة للتعاون بين فنانين متمرسين وآخرين ناشئين وبين محترفين وهواة وبالتالي فهي مدرسة للتواصل والحوار وتأصيل ممارسة فنية جديدة في المدينة بمشاركة السكان ولفائدتهم. وتعمل الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة, على التربية غير النظامية للأطفال من أجل حصولهم على مستوى دراسي يؤهلهم لولوج المدرسة أو التكوين المهني والفني بمدرسة السيرك (شمسي) بسلا.