يستضيف معهد الدوحة الدولي للأسرة– المعروف سابقاً بإسم معهد الدوحة الدولي للدراسات الأسرية والتنمية-، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، يومي الثاني والثالث من يونيو، اجتماع فريق خبراء، يشكلون 14 متحدثاً رفيعي المستوى من عدة بلدان في المنطقة، وذلك للحديث عن سياسات مكافحة الفقر وسبل تعزيز فرص العمل والاندماج الاجتماعي والتضامن بين الأجيال، ويأتي هذا الاجتماع في سياق التحضيرات للاحتفال بالذكرى السنوية العشرين للسنة الدولية للأسرة في عام 2014. وسيتم خلال الاجتماع مناقشة أبرز ما تم إنجازه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سبيل التصدي لظاهرة الفقر، والعمل على تحقيق التوازن بين العمل والأسرة والنهوض بالاندماج الاجتماعي وتعزيز التضامن بين الأجيال، من جانب آخر سيتم تسليط الضوء على أبرز التحديات التي تختلف بطبيعتها من بلد الى آخر، إلى جانب بحث أفضل الممارسات ومراجعة السياسات الحالية للخروج بتوصيات سيتم إدارجها في تقرير 2013-2014 للأمين العام بالتزامن مع الذكرى السنوية العشرين للسنة الدولية للأسرة (IYF)، التي تم الإعلان عنها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1994 بهدف تعزيز حماية بنية واستقرار الأسر في العديد من المناطق من حول العالم. على الرغم من النمو الاقتصادي المتسارع في بعض بلدان العالم العربي خلال العقود القليلة الماضية، إلا أن قضايا التهميش الإجتماعي والبطالة وتدني مستويات الدخل والفقر الشديد النابع من الحرمان من الفرص لا تزال تشكل تهديداً على نطاق واسع في العديد من بلدان المنطقة. ويظهر تقرير تحديات التنمية العربية لعام 2011 الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي(UNDP) أن المنطقة العربية ككل وبعض الدول العربية تظهر مستوى أدنى من المستويات المرجوة في نطاق التنمية البشرية. ويشير التقرير إلى أن 50 في المائة من الشعوب العربية تعيش في المناطق الريفية، وتأتي الزراعة لتكون النشاط الاقتصادي الرئيسي لهذه المناطق، وتساهم بنسبة لاتزيد عن 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويبين التقرير أيضاً أن نسبة كبيرة من سكان العالم العربي تعيش تحت خط الفقر بنسبة دخل تتراوح من1.25 و2.75 دولار أمريكي في اليوم الواحد. ويوضح التقرير كذلك أن أي تأثير صغير في الدخل المتاح أو توزيع الدخل بشكل عادل يمكن أن يحدث تأثيراً كبيراً على الفقر في هذه المنطقة. وتتعدى مشكلة الفقر الذي تعيشه الدول العربية مجرد نقص في الدخل أو قلة موارد طبيعية، فهذا الفقر نابع من أسباب كثيرة منها الفوارق بين الجنسين ومظاهر الاضطهاد وسوء الرعاية الصحية وتدني مستويات التعليم، إلى جانب كل ذلك فإن عدم الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية يجعل من الأسر أكثر عرضة للتهميش والفقر. وأشار التقرير إلى أن بطالة الشباب العربي تشكل التحدي الرئيسي في العديد من البلدان العربية، حيث بلغت نسبتها 24 في المائة عام 2009، وهذا يعني أكثر من ضعف المعدل العالمي البالغ 11.9٪، بينما وصل نصيب الشباب من البطالة من بين مجمل السكان العاطلين عن العمل إلى أكثر من 50 في المائة في معظم البلدان العربية، وأوضح التقرير أنه يتوجب خلق ملايين فرص العمل خلال ال 5 إلى 7 سنوات القادمة من أجل استيعاب الشباب الجدد في سوق العمل، وإلا سيكونون معرضين للتهميش الاجتماعي. واعتبرت نور المالكي الجهني، المديرة التنفيذية لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، أن «تحقيق الاندماج الاجتماعي للأسر التي تعيش في حالة فقر يتطلب تلبية احتياجاتهم الإنسانية الأساسية من التغذية والصحة والمياه والمرافق الصحية والحق في الحصول على المسكن الصحي والتعليم الملائم. بالإضافة لضمان حصولهم على فرص عمل محترمة، والتي تعتبر متطلباً رئيسياُ لتحقيق الاندماج الاجتماعي والخروج من الفقر.» ولابد، تضيف نور المالكي الجهني، من «إيلاء الأولوية لتوفير فرص عمل للفئات المهمشة بما في ذلك الشباب، وكبار السن والنساء والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.» وعلقت المالكي قائلة: «في ظل ما يشهده العالم العربي من تغيرات اجتماعية واقتصادية واضطرابات سياسية، فإن الأسرة تواجه تحديات متعدده على رأسها التوفيق بين العمل والمسؤوليات الأسرية. والحفاظ على الروابط المشتركة بين الأجيال، وتزيد من هذه التحديات هجرة الشباب، وشيخوخة السكان في المجتمعات الريفية.» هذا ومن المواضيع الرئيسية التي سيتطرق إليها اجتماع فريق الخبراء، أهمية تحقيق التوازن بين العمل والالتزامات الأسرية، في ظل ما تشهده المنطقة من تزايد إقبال النساء على دخول الحياة العملية، فقد أصبح تحقيق التوازن بين العمل والأسرة مقياسا مهما لمدى استقرار الأسرة؛ حيث أنه في معظم البلدان النامية تأتي أهمية التوفيق بين الأسرة والعمل من الأمور التي يجب معالجتها على مستوى وضع السياسات كونها تسهم في خلق علاقات عمل ناجحة، وضمان وضع صحي أفضل للعاملين بالإضافة إلى تحقيق المساواة بين الجنسين ورعاية أفضل للأطفال. وأشارت المالكي إلى أن هناك حاجة ماسة لإشراك جميع المعنيين والشركاء من مختلف المستويات لتطبيق سياسات شاملة تضمن الانسجام بين الاستراتيجيات والسياسات بما يحقق الاندماج الاجتماعي ويحد من انتشار الفقر وتفشيه بين الأجيال مستقبلاً. يشار أن معهد الدوحة الدولي للأسرة مؤسسة تعمل على دعم البحوث والسياسات ونشر الوعي بالقضايا التي تؤثر على الأسر العربية، ويلتزم المعهد بدعم استراتيجية قطر الوطنية للبحوث من خلال تركيزه على الأبحاث ذات الجودة العالية التي لها تأثير إيجابي على دولة قطر والعالم العربي، ويهدف المعهد إلى توفير صوت صادق لقضايا الأسرة العربية وإيجاد شبكة من الخبراء الإقليميين والدوليين والمنظمات غير الحكومية المهتمين بإحداث تغيير إيجابي للأسر في العالم العربي.