80 ألف حادث شغل بالمغرب سنويا أكدت المنظمة الديمقراطية للشغل أن حوادث الشغل والأمراض المهنية تعد أحد أكبر المخاطر التي يتعرض لها الأجراء في أماكن العمل، مبرزة بمناسبة اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية الذي يتزامن مع 28 أبريل من كل سنة والذي يروم من خلاله المجتمع الدولي إلى التحسيس بضرورة تعزيز بيئة عمل لائقة وصحية وآمنة والوقاية من الحوادث والأمراض في مكان العمل، أن متوسط حوادث الشغل التي يشهدها المغرب تتراوح ما بين 65 إلى 80 ألف حادثة سنويا. وأوضحت المنظمة في تقرير لها بالمناسبة إلى أنه استنادا إلى المؤشرات و الأرقام التي تقدمها مؤسسات التأمين لضحايا حوادث الشغل، فإن تلك الحوادث المسجلة، تصنف ما بين 20 إلى 30 ألف منها ضمن لائحة الحوادث الخطيرة، معتبرة أن مجال الصحة والسلامة المهنية بالمغرب لازال يشكو من عدة اختلالات بالنظر لغياب التطبيق السليم لعدد من المقاولات لمقتضيات مدونة الشغل، إذ أن 25 في المائة منها فقط والتي تشغل أكثر من 50 أجير تتوفر على مصلحة مستقلة لطب الشغل، و17 في المائة فقط من المقاولات تتوفر على لجنة الصحة والسلامة المهنية من بين 140 ألف مقاولة أو أكثر. وأضافت المنظمة أن الأمراض المهنية تنجم أساسا عن الاشتغال في المناجم واستخدام ونقل المواد الخطيرة والمشعة، فضلا عن ما يمكن أن يسببه استعمال المبيدات الزراعية في المجال الفلاحي من خطورة الإصابة بأمراض سرطانية وتنفسية، وكذا في قطاع الصناعة التقليدية التي تستعمل بدورها مواد كيماوية دون حماية أو وقاية أو تأمين صحي. وأبرزت أن عدد أطباء الشغل في المغرب لا يتعدى حاليا 900 طبيب مختص في طب الشغل يمارس أغلبهم بالقطاع العام، مشيرا أن نسبة التغطية بمصالح طب الشغل سواء بالقطاع العام أو الخاص لا تتعدى 2 في المائة، في حين أن حاجيات المغرب تتراوح ما بين 4000 طبيب و5000 طبيب متخصص في طب الشغل والأمراض المهنية، وهذا الواقع الذي يتسم بمحدودية عدد الأطباء المختصين يدفع المقاولات إلى اللجوء للتعاقد مع أطباء الطب العام أو إلى تخصصات أخرى للقيام بدور طبيب الشغل، تشير المنظمة. وما تعتبره المركزية النقابية مثيرا للانتباه في مجال الصحة والسلامة المهنية هو أن قطاعات الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية التي تشغل أزيد من 800 ألف موظف تعاني بدورها من اختلالات وضعف تشريعي وتنظيمي سواء تعلق الأمر بحوادث الشغل والأمراض المهنية ومعاش الزمانة. وأفادت في هذا الصدد أن مجال الصحة والسلامة المهنية وطب الشغل والوقاية من الأخطار المهنية بالإدارات العمومية والجماعات المحلية لازالت تعتمد على قوانين جد متقادمة تعود إلى بداية الاستقلال، مشيرة في هذا الجانب إلى ظهير 1958 المتعلق بالقانون العام الأساسي للوظيفة العمومية، فضلا عن أن أغلب القوانين الداخلية للمؤسسات العمومية غير منصفة للمستخدمين ولا تتماشى مع تشريعات منظمة العمل الدولية. واعتبرت المنظمة أن هذا الأمر ينعكس بشكل سلبي على حقوق الموظفين والموظفات والمستخدمين لدى الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية إذ تضيع حقوقها، وكذا الأمر بالنسبة لفئات المؤقتين والمياومين وعمال وعاملات الإنعاش الوطني الذين يقدر عددهم ب140 ألف عامل وعاملة والذين لا يخضعون لأي قانون يحميهم ويعوضهم حين إصابتهم بحادثة شغل أو مرض مهني. ودعت في هذا الإطار الحكومة إلى العمل إلى ضرورة تنفيذ مقتضيات مدونة الشغل الوطنية والمتعلقة أساسا بالصحة والسلامة المهنية واحترام حياة العمال وتوفير أماكن عمل لائقة والتصديق على اتفاقيات منظمة العمل الدولية للحد من الإصابات والأمراض المهنية وحوادث الشغل عبر وضع سياسة وإستراتيجية وطنية فعالة للصحة والسلامة المهنية وتحديث تشريعات الصحة والسلامة المهنية وملاءمتها مع المعايير التي تتضمنها اتفاقيات منظمة العمل الدولية. كما طالبت بتعزيز خدمات تفتيش أماكن العمل من خلال توفير الأطر الكافية من مفتشين ومهندسين وأطباء متخصصين لقيام بهذه المهام، فضلا عن آليات للحوار بين الحكومة وأرباب العمال والنقابات ومناديب العمال واللجان المختصة في الصحة والسلامة المهنية داخل المقاولات وفرض احترام القوانين الجاري بها العمل. وشددت على ضرورة تنفيذ الأحكام بخصوص التعويضات لفائدة الضحايا دون تماطل أوغش وفق اتفاقية التعويض عن الأمراض المهنية واحترام اتفاقية المساواة بين العمال الوطنيين والأجانب فيما يتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية وحماية العمال ضد الإشعاعات النووية والمبيدات والمواد والمخاطر الناجمة عن تلوت الهواء والضوضاء والاهتزازات في بيئة العمل واستعمال مواد مشعة، إضافة إلى ظروف عمل وخصوصية بعض المهن كالممرضين بالمستشفيات وعمال المناجم كالفوسفاط والفحم وعمال الصناعة التقليدية والزراعة. هذا واستنادا للمعطيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية فإن أرقام الحوادث المرتبطة بالشغل والأمراض المهنية تظل مخيفة وصادمة، فعدد الوفيات اليومية في صفوف العمال والعاملات تصل إلى 6300 شخص بسبب تردي بيئة وظروف العمل (2.300 مليون وفاة في السنة)، من بينهم 5500 عامل يموتون يوميا نتيجة إصابتهم بأمراض خطيرة كالسرطان (29 في المائة) الناجم عن استعمالهم أو تعرضهم أثناء مزاولة العمل لمواد كيماوية أو مشعة. هذا الوضع المأساوي والمخيف أكدت عليه أيضا معطيات الوكالة الأوربية للصحة والسلامة المهنية، إذ رصدت وفاة 160 ألف شخص سنويا بسبب الحوادث والأمراض المهنية معبرة عن قلقها من ارتفاع هذا الرقم في بلدان الاتحاد الأوربي بسبب الأزمة و ما تخلفه من تأثيرات سلبية على ضمان الشغل اللائق.