الساكنة تراهن على محاربة الفساد لرفع البؤس الاجتماعي الذي ينخر مستوها المعيشي في ظل الاحتشام غير المبرر في التعاطي مع الملفات العالقة، يبقى رهان السلطة المحلية على المجتمع المدني، مجرد در للرماد في العيون.. لأن أي تفاعل حقيقي مع هموم الساكنة لابد وان يكون على أساس واضح ، نقطةُ بدايتهِ محاربةُ رؤوس الفساد، وتعرية من يعبثون بالشأن المحلي تحت يافطة الغيرة على المال العام أو المصلحة العامة. خروج ساكنة أولاد عياد للاحتجاج، في منتصف الشهر الجاري، على تردي الأوضاع الاجتماعية، نتيجة غلاء المعيشة، وتدهور الوضع الأمني ،وضبابية الرؤية في مجال التسيير، كان ولازال إشارة واضحة على معالم وضعٍ متأزمٍ، أبي إلا أن يبقى على حاله ،رغم النداءات المتكررة لكافة فعاليات المجتمع المدني. احتجاج كهذا، كانت له دلالات عميقة في أوساط الساكنة، ووصفته بعض الآراء، على انه خطوة استباقية لبعض التيارات السياسية، التي حاولت رد الاعتبار لوضعها الاعتباري بعد فترة جمود ليست بقصيرة، فيما لم تر فيه جهات أخرى، سوى حسابات ضيقة لفرض حصار على الرئاسة، في أفق الانفتاح على قوى المعارضة، وتبقى وجهة النظر الأخيرة، التي اعتبرت شكل الاحتجاج هذا، رهان قوى، لكيانات المجتمع المدني، على السلطات الإقليمية من اجل التدخل لانقاد ما يمكن إنقاده، من أكثر الرؤى موضوعية، في ظل استمرار غياب التواصل الهادف، بين كافة الأطراف المشاركة في تدبير الشأن المحلي؟. والرهان على السلطات الإقليمية، للإشارة، لم يكن اعتباطيا، إنما جاء بعد تحركات هذه الأخيرة على صعيد تراب الإقليم، وتفعيلها لمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على ارض الواقع، دون الاعتماد أو الاستشارة مع أجهزة المجلس العقيمة، التي لم تفلح، حسب شهادة الكثيرين، سوى في ترسيخ مبادئ العصبية القبلية إلى حد الآن، في حين أن معظم المشاريع بقيت عالقة أو تم تقزيمها، تثبيتا للرؤية الضيقة بين قطبي مكونات أولاد عياد. ومما لا شك فيه، أن تواصل السلطات الإقليمية مع بعض مكونات المجتمع المدني وتوطيدها لأواصره، لدعم مشاريع المبادرة الوطنية، كان انزياحا حقيقيا عن الأعراف السائدة السابقة وأدبياتها، خاصة بعد جملة اللقاءات التي لم تفرز سوى فيض من الصراعات الثنائية بين الأقلية والأغلبية بالمجلس البلدي، عوض تنوير الرأي العام وتحسيسه بالمشاكل الحقيقية التي تعيشها البلدة ومدى خطورة استمرارها. كما أن ما وُصف في أدبيات بعض الفاعلين الجمعويين ب"تهميش الإدارة الإقليمية للمجلس الحالي" قد يكون خطوة جريئة نحو ترسيخ مفهوم جديد للسلطة، لكنه في واقع كهذا الذي يعيشه المواطن "العيادى"، يعتبر مجرد صفحة من صفحات التهميش والإقصاء الذي تعرفه المنطقة، والذي استلزم تدخلا فوريا ليس فقط من اجل ترجيح كفة المجتمع المدني، إنما أيضا من اجل معالجة الإشكال الحقيقي الذي يعرفه التسيير العام للشأن المحلي. وذلك عبر فتح قنوات المحاسبة القانونية ونفض الغبار عن قضايا الفساد التي طالت مختلف جوانب التدبير، وخاصة منها القضايا ذات الصلة بالبناء العشوائي الذي أزكمت رائحته نفوس المسؤولين دون تفعيل إجرائي للمسطرة القانونية؟. إن عدم تفعيل آليات الرقابة على أجهزة التسيير المحلية، والرضوخ لأصوات الفساد، التي تتغذى على الصراعات المحلية لتحقيق مآرب فردا نية، وإخفاء حقيقة الصراع المفبرك..، كلها تداعيات ستبقى ولا محالة نقطة مستعصية على السلطات المحلية أوعلى الأقل، أنها تروم تفاديها لاعتبارات عدة غير مفهومة. وعليه يبقى رهان السلطة المحلية على كيانات المجتمع المدني، في ظل هذا الاحتشام غير المبرر في التعاطي مع الملفات العالقة، مجرد در للرماد في العيون ليس إلا! ، لأن أي تفاعل حقيقي مع هموم الساكنة لابد وان يكون على أساس واضح، نقطةُ بدايتهِ محاربةُ رؤوس الفساد، وتعرية من يعبثون بالشأن المحلي تحث يافطة الغيرة على المال العام آو المصلحة العامة. إن خطوات السلطات الإقليمية والمحلية على مستوى دعم بعض المشاريع المحلية وتنشيط الدورة الدموية لبعض الجمعيات، وليس كلها، لابد وان يوازيها كشرط أساسي لإضفاء طابع الشرعية عليها، تفعيل جريء للمسطرة القانونية في أفق تغيير الصورة النمطية لمفهوم السلطة، وإعطاء بعد حقيقي لكافة الإصلاحات والخطوات التي ما فتئت تسهر على تنفيذها بتراب الإقليم. كما أن خلق توازن بين متطلبات المجتمع المدني، وبين رؤى الأجهزة الإدارية، قد لا يتحقق دون الإنصات العميق إلى هموم الساكنة، التي ترصدها المنابر الإعلامية عبر تفاعلها اليومي مع القضايا المعيشية للمواطن ومع الفاعلين الجمعويين والنقابيين والحزبيين..وهو ما يعني بشكل أو بآخر ملاحقة ملفات الفساد كعربون حقيقي على فلسفة التغيير والإصلاح التي تنهجها الإدارة إلى حد الآن، وليس كما يرى البعض مجرد لعبة مصطنعة تزكي سياسة الواجهة التي أرهقت المنطقة منذ حقب خلت.