يتحرك رجل إلى مقبرة. المقبرة جميلة جدا. هادئة جدا. ينصب خيمة تحت شجرة. لديه مجموعة صغيرة من البضائع المعلبة، التي يطبخها في مقلاة فوق فرن محمول. يعزف على الهارمونيكا بعض المرات ولديه مذكرة أرقام هواتف يقرأها حينما يحس بالملل. - أليس الأمر فظيعا هناك؟ يقول الناس. - فظيع؟ يقول الرجل. لا على الإطلاق. في الحقيقة إن الأمر ممتع حقا. لكن ذات ليلة استيقظ الرجل ليجد أيادي باردة ميتة تحاول جره إلى تحت الأرض. آه. يرتعد الرجل. يضرب الأيادي بالمقلاة. - أطلق أطلق أطلق. تطلقه الأيادي وتنسحب إلى تحت الأرض. لكن الرجل لا يستطيع العودة إلى النوم تلك الليلة. أتساءل: ماذا يريدون مني؟ يفكر الرجل. أتساءل: ماذا يوجد هناك في الأرض؟ - ينبغي عليك أن تتحرك، يقول كل الناس. إن الأمر مضحك. - لا ،يقول الرجل. الأمر عاد. فكرت في الأمر. سأبتاع صفائح حديدية و أضعها على الأرض. بعد ذلك سأنام عليها. لن تستطيع الأيادي اختراق الحديد وسأكون آمنا. ويشتري الرجل الصفائح وينام عميقا الليالي الثلاث أو الأربع الموالية. - لا، يقول الرجل. لا. لا أريد أن اذهب. يركل الرجل . يتصارع. فكرة النزول إلى تحت الأرض تُؤرقه. يصارع كحيوان متوحش. وربما لأن الجثث ميتة ومنسقة فيما بينها بشكل ضعيف يهرب الرجل. يهرب من المقبرة مذعورا. - هل انتهيت الآن؟ يقول الناس. هل أنت مستعد للعيش في مكان عادي؟ لكن الرجل ينظر إلى رجليه. - الأمر جميل في المقبرة، يقول. إنه مريح حقا. إنه مريح. كل الناس يرخون أيديهم. يعود الرجل إلى المقبرة . ينام النهار كله. - لن تخرج جثث الموتى إذاك ، يقول. وطوال الليل كله - كل ليلة - يجلس هناك قابضا بإحدى يديه على المقلاة. عازفا على الهارمونيكا ومتصفحا لمذكرة أرقام الهواتف ومصارعا الجثث حين تأتي. - ليس وجودا سيئا، يقول لنفسه. أعني ليس سيئا عدم رؤية الشمس. المقبرة جميلة جدا في النهار، لكنها أيضا جميلة في الليل وأهدأ. حسن، يصحح، باستثناء حين يأتون ويكون عليه أن يصارع من أجل حياته. تمر الأسابيع والشهور والسنوات ويخضع الأمر للعلم. لم يعد حقا حتى خائفا من الجثث... - لا اعرف حتى ماذا يوجد هناك في الباطن، شرع يتساءل. كل هذا المجهود للصمود وليس لدي أي فكرة. بالإضافة، أنا متعب من هذه المقبرة المستطيلة. احتاج إلى تغيير في المشهد. قليلا من التغيير. بعد لحظات يقرر الرجل مغادرة المقبرة والخروج إلى مكان ما من اجل ممشى. ولكن لسبب ما الأبواب الآن مغلقة. - لم يسبق لها أن أغلقت بالمرة من قبل، يفكر الرجل. إذن أخيرا، ذات ليلة أخيرة، عندما جاءت الجثث وقف الرجل وذهب في سلام معهم. وساقه الرجال الميتون معهم إلى تحت الأرض، إلى الأسفل المظلم، إلى كهف مضاء بشعلة كبريتية. ينظر الرجل حواليه. يرى أنه محاصر بمئات من الجثث. كلها ممدة على ظهورها على ملاءتها ، تحت السماء الصخرية المزدانة بالنجوم. في مكان ما، في البعيد، تعزف هارمونيكا بشكل هادئ أغنية حزينة. وبشكل عام تتصفح الجثث مذكراتها الخاصة بأرقام الهواتف. تقرأ، يقرأ. - إذن هذا ما يفعلون هنا تحت الأرض؟ قال الرجل أخيرا. فقط التمدد في مكان ما والقراءة. و لكن لا احد يجيب، لا احد يقول كلمة. - سآخذ مذكرتي أيضا،قال الرجل. يعيش الرجل تحت الأرض صحبة الرجال الميتين لمدة. لا يصدق كم من القراءة أنجز ولكن في الأخير يصل إلى نهاية المذكرة. - حسن يقول الرجل. أظن أنني سأقوم ببعض الاتصالات. يصعد الرجل إلى السطح، ويتجه نحو الباب. يوقفه القفل التوافقي(1) لبرهة. يحاول. يخطأ. في الأخير استهلكت المحاولة و الخطأ النهار كله. يهيم في المدينة ويجد مخدعا هاتفيا. يشرع في الاتصال مباشرة بالذين يحملون حرف 'أ'. - هناك حفلة حيث أنا. يقول لأحدهم. - تعال وحدك. تعالوا كلكم، يقول. لا احد يريد أن يأتي، لكنه يستمر في تركيب الأرقام. - ايت بصديق. يقول. ايت بالكل. لكن لا فرد واحدا مهتم. لا أحد، ولا حتى مستر ززز مع ذلك لا زال الرجل لم ييأس.. سيغيرون رأيهم، يظن. إذن سيشتري علبة جلبان ويتجه صوب المنزل. يأخذ الهارمونيكا وينتظر.