تتوالى تقارير المؤسسات المالية والاقتصادية المختصة في تحليل تأثيرات الأزمة الاقتصادية المالية التي تعيشها منطقة اليورو على المغرب ليزداد التضارب في الأرقام والتوقعات المتعلقة بالنمو وحجم العجز المالي المتعلق بسنة 2012. فبعد معطيات وزارة الاقتصاد والمالية وهيئات أخرى عمومية وخاصة، أصدر البنك المغربي للتجارة الخارجية تقريرا كشف فيه أن تداعيات الظرفية الخارجية ستكون أكثر حدة مما توقعته الحكومة. ففي الوقت الذي حددت فيه الحكومة العجز المالي للخزينة في أقل من 5 في المائة برسم سنة 2012 أفاد تقرير البنك أن هذا العجز يمكن أن يتجاوز 7 بل 8 في المائة. واعتبر محللو البنك المغربي للتجارة الخارجية أن النتائج المسجلة خلال النصف الأول من السنة، إضافة إلى المنحى التصاعدي الذي تتبعه أسعار النفط والمواد الأولية في السوق العالمية، تبرر هذه التوقعات. التقرير إياه أفاد أن الطلب الداخلي، الذي ظل المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي بالمغرب، ورغم مواصلة انتعاشته، لن يتمكن خلال الظرفية الحالية من تعويض الاختلالات المالية وتراجع الاستثمار العمومي وضعف الموسم الفلاحي الذي لم يتعد مستوى المتوسط. وأضاف التقرير أن دفتر طلبيات المقاولات المغربية مافتئ يتقلص مما يعني تقليص حجم برامجها الاستثمارية كنتيجة لهذه الظرفية، مشيرا إلى مواصلة الميزان التجاري لمبادلات المغرب مع الخارج لمسلسل التدهور في وقت لازال الإنتاج المحلي الموجه للتصدير يتسم بضعف قيمته المضافة، وبالتالي قيمته التبادلية مقارنة مع المنتوجات المستوردة. واعتبر التقرير أن توقعات النمو بالمغرب ما فتئت تأخذ منحى تنازليا حيث لن تتعدى نسبة النمو خلال 2012 مستوى يتراوح بين 2.4 و3 في المائة. واعتبر تقرير البنك المغربي للتجارة الخارجية أن شح التساقطات المطرية جعلت الموسم الفلاحي لا يرقى إلى أكثر من نسبة 77 في المائة من موسم فلاحي متوسط، هذا على الرغم من أن نتائج أحسن سجلت على مستوى بعض المزروعات الأمر الذي قلص من سلبيات مساهمة القطاع الأولي في الناتج الداخلي الإجمالي. أما القطاع الصناعي فسجلت قيمته المضافة تراجعا طفيفا في حدود 3.9 في المائة خلال الفصل الأول من السنة الجارية كنتيجة لتراجع إنتاج الفوسفاط وانخفاض الطلب الخارجي الموجه لمنتوجات الصناعة التحويلية الوطنية. وتبقى أهم نقطة مضيئة تتمثل في أن الطلب الداخلي مازال يساهم في تنشيط الاقتصاد حيث سجلت استهلاك الأسر والإدارات العمومية ارتفاعا ب 7.4 في المائة و4.6 في المائة على التوالي عند متم أبريل 2012. كما سجلت قروض الاستهلاك زيادة ب 13.2 في المائة فيما يتوقع أن يسجل الطلب النهائي نسبة 4 في المائة خلال 2012. وحسب التقرير فقد انتهى تنفيذ الميزانية عند متم شهر ماي الماضي إلى عجز مالي للخزينة العامة في حدود 16.1 مليار درهم مقابل 4.4 مليار درهم خلال الفترة ذاتها من سنة 2011. وبالتالي فلا يستبعد كنتيجة لذلك أن تلجأ الحكومة إلى سد العجز المالي للخزينة إلى الاقتراض من الخارج.