قدمت لنا نهاية الأسبوع المنصرم صورة مؤتمري حزبين مغربيين انتهيا بسلام، وعرفا استكمال جدول أعمالهما، وجراء ما بات يحياه حقلنا الحزبي في الفترة الأخيرة، ومآلات بعض المؤتمرات الحزبية، فان الاحتفاء بانتهاء مؤتمر حزب صار له ما يبرره مغربيا. إن مؤتمر العدالة والتنمية، وأيضا مؤتمر النهج الديمقراطي، جسدا قدرة القناعة الإيديولوجية والفكرية على جعل أعضاء الحزب يتوحدون حول تنظيمهم، وينضبطون لما يفرضه عليهم الالتزام الحزبي من سلوكات خلال المحطات التنظيمية الداخلية الكبرى. فعندما يحضر عشرات الآلاف مثلا لحفل الافتتاح، ويبدون انضباطا كبيرا لمنظومة إدارة المؤتمر، ثم ينسحبون عندما يطلب منهم ذلك، ويتركون المكان فقط للمؤتمرين، فذلك يعني أن الاقتناع الإيديولوجي تفوق في ضبط السلوك والعلاقات. من جهة أخرى، وحيث أن الخلافات الحزبية الداخلية صارت في السنوات الأخيرة تشتعل أساسا حول المسؤوليات والهياكل والزعامات، فان اعتماد العدالة والتنمية مثلا على المدخل القانوني أدى به إلى النجاح، وتجاوز كل المنغلقات. انطلق المؤتمر، والقيادة الوطنية كانت شبه جاهزة من الجهات، كما أن أنظمة الحزب تقدم مسطرة مفصلة لشكليات انتخاب مسؤولي الحزب في مختلف الدرجات، فضلا على أن عدد أعضاء المجلس الوطني والأمانة العامة ليس بالكبير جدا، وكل ذلك حال دون وقوع أية مفاجآت في جنبات المؤتمر. إن هذا المدخل يمكن أن يكون مساعدا لباقي الأحزاب، وارتكازا إليه يمكن تفعيل اتفاق واسع داخل الحزب بشأن كل تفاصيل الهرمية الحزبية، بأحجامها وأشخاصها وعلاقاتها، وبالتالي تمكين مختلف الطاقات الحزبية من فرص العطاء والفعل والترقي في المسؤولية، وأيضا إشراك كل هياكل الحزب المركزية والجهوية في القرار الحزبي، وعندما تكون هذه هي الأهداف، ويتم الاتفاق على أشكال وإجراءات تحقيقها، تسهل عملية صياغة القوانين الميسرة لذلك، وجعلها تمتلك كل شروط الديمقراطية الداخلية... ليس الأمر هنا انبهارا تبسيطيا أو بليدا بوقائع جرت في الأيام الأخيرة، لكنه يتعلق بدعوة لنخبتنا الحزبية كي تتأمل فيما يجري في محيطها القريب، أي أن تعيد الاعتبار للقناعات الفكرية والإيديولوجية، وجعلها هي محور علاقة المناضل بحزبه بدل كل الانتهازيات المعروفة، ثم إن الاتفاق على قوانين ومنظومات إجرائية وتدبيرية تؤطر حياة الحزب وبنيات تدبيره، تؤمن للحزب وحدته وقوته، ولا تسمح بوقوع أية مفاجآت، كما أنها لا تتيه بالحزب نحو أية منغلقات... إن نجاح مؤتمر حزب وطني يمثل نجاحا للسياسة وللتعددية و...للبلاد، ولهذا، فان تسجيل هذا النجاح والتمعن في دروسه، يمكن أن يساعد على تأهيل ممارستنا الحزبية الوطنية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته