الإعلام عموما هو «ملك العلاقات العامة في المجتمع»، له أطوار وأدوار مميزة فهو الكابوس المخيف والمؤنس الظريف... الجليس المزعج والنديم اللطيف... وهو سويعات دافئة قد تطوي في طياتها جد وانصاف أو مكر وخداع...! أما الإعلام الرياضي على وجه الخصوص فقد أصبح الكثير من رجالاته خارج القانون خصوصا معلقو الإذاعات التي تناسلت بشكل مهول خلال المواسم الأخيرة فأغلبهم يعانون من القدرة على الإرتجال في مادة الوصف الرياضي المباشر، فهذه الإذاعات إضافة الى القناة الرياضية التلفزية تضيق درعا بمعلقين بدائيين، هذا دون الإشادة بالقلة التي تعتبر استثناءات. نعم إن أغلب هؤلاء المعلقين بمجرد ما يدخلوا رحى تباري بين فريقين حتى يهولهم الميدان بجماهيره وطقوسه وكثرة تعداد لاعبيه، فيتخلوا بالمرة عن التعليق الذي يتطلب مايلي: الإلمام باللعبة، معرفة أكثر عدد من اللاعبين المتنافسين، استيعاب خصوصيات التنافس موضوع الوصف، ومن العار أن يفتح معلق فمه في مكروفون وهو يجهل اللعبة واللاعبين والطقوس، وخصوصية المباراة التي هو بصدد نقلها مباشرة الى المستمع أو المشاهد لأن في هذه الحالة يكون مجرد واحد من عشرات الآلاف والملايين الذين سيقودهم الى اكتشاف مجاهل هو نفسه لا يعلم عنها شيئا، وهو نفسه يعلم عنها أقل بكثير من ما يدريه مشاهدون ومستمعون مطلعون على خبايا الأمور بحكم اختصاصهم أو ثقافتهم. في هذه الحالة المزرية للمعلق المكتوف الأيدي لا يجد سبيلا للخروج من الورطة، إلا التخلي عن التعليق وركوب صهوة التعليق بعيدا، وموظفا أشتاتا من الجزئيات، ودفعها لتلبس ألوان المباراة الجارية. الغريب أننا أصبحنا نسمع مصطلحات لا وجود لها في قواميس الدنيا إلا في قاموس معلقينا، والعار أنه يرددها مرات مرات ليتأكد أنها ليست أخطاء عابرة أو فلتات لسان. كان الله في عون بعض إخواننا الواصفين الرياضيين في بعض الإذاعات وهم يبذلون جهودا مضنية لتغيير بعض معالم أرضية الملاعب وأشكالها الهندسية في وصفهم للمباريات الرياضية المتعلقة بكرة القدم. فالمستطيل أصبح مربعا، سبحان الله فهناك المستطيل وهناك الدائرة وهناك نصف الدائرة وهناك المثلث (مكان ركل الزاوية) ولا وجود بتاتا للمربع فمن أين أتى هؤلاء بهذا المربع، فالصواب إذن هو مستطيل العمليات أو منطقة العمليات. إن التعليق أمانة، دراية، كفاءة، تجرد، إثارة، مغازلة لمفردات ترسم الامتاع والإبداع. التعليق جواز رياضي متفرد، التعليق دائرة ضوء لإنارة الرأي العام الرياضي، فواصل مصنوعة من حب تصوغ كل كلمات المتعة وترسم أجمل لوحات الإعلام الرياضي. يتحتم على المعلق أن لا يصطنع كلمات غير لائقة، وألا يحتال ولا ينافق ولا ينحاز. وأخيرا التعليق الرياضي عصارة جهد وعناء ونسيج صفاء وخلاصة الرسم بالكلمات. وبالمناسبة لا تفوتني الفرصة دون توجيه اللوم لمن رخصوا لبرامج رياضية تافهة بالقناة الرياضية خصوصا برنامج مستودع وبرنامج الضيف الخامس، فأين هي الاحترافية في الميدان السمعي البصري، فهذين البرنامجين على وجه الخصوص تافهان وتتسم بأخطاء وهفوات وعلى قائمة الهفوات بعض الكلمات التي يفوه بها المنشط وأغرب ما يلاحط أن الوجوه التي تشارك في برنامج الضيف الخامس لها بصمات على صرح الإعلام الرياضي فلماذا حشرت نفسها في هذا الإطار الضيق.