التصريح الحكومي الأخير: "لا يكتمل بناء صرح الديمقراطية دون القيام بإصلاح شامل للمجال السمعي البصري":"ولا يكتمل بناء صرح الديمقراطية دون القيام بإصلاح شامل للمجال السمعي البصري، إدراكا بأن إصلاح هذا القطاع يشكل جزء لا يتجزأ من التأهيل السياسي لبلادنا، حيث تم وضع استراتيجية متكاملة لا تستهدف تحرير القطاع في إطار منظم وإقامة قطب سمعي بصري عمومي فعال وتنافسي فحسب، ولكن السهر كذلك على احترام حرية الرأي والتعبير والنهوض بالإبداع الوطني. ويثلج صدرنا أن هذه الاستراتيجية وجدت طريقها للتفعيل بإعلان جلالة الملك أيده الله في خطاب العرش الأخير عن "إحداث هيئة عليا للاتصال السمعي البصري كمؤسسة مستقلة< سيكون من شأنه إنهاء احتكار الدولة لهذا النوع من الإعلام وبزوغ مرفق عام للإذاعة والتلفزة يتلاءم والمتطلبات الجديدة للمشهد السمعي البصري ببلادنا".من التصريح الحكومي الأخير لعبد الرحمان اليوسفي بينما يدافع الأستاذ حسن نجمي رئيس اتحاد كتاب المغرب على الحصيلة الثقافية والإعلامية للحكومة ويعتبرها حصيلة إيجابية ومشجعة، يذهب الأستاذ المقرئ الإدريسي أبو زيد إلى أن الثقافة التي تريدها الحكومة هي ثقافة علمانية ماجنة يسارية تفصل بين المغاربة وأصولهم الإسلامية. أما الأستاذ يونس مجاهد فلا يرى أصلا أي مبرر يذكر لوجود وزارة الثقافة والاتصال ويدعو إلى ضرورة تجاوزها لعدم قيامها بأي دور. حسن نجمي: رئيس اتحاد كتاب المغرب: "الأداء الرديء والمادة الإعلامية المغربية الضعيفة التي لا تستجيب لتطلعات المغاربة وأفق انتظار الرأي العام المغربي يجعل إعلامنا دون المستوى المطلوب" لاشك أن الحصيلة الثقافية للحكومة الحالية برئاسة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي لا يمكن قراءتها إلا من خلال قراءة التجربة الحكومية ككل في مختلف القطاعات خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمجال الثقافي الذي لاشك أنه موزع على جملة من القطاعات الحكومية وبالتالي فالممارسة الثقافية والنسيج الثقافي والتعبئة الثقافية والفنية المختلفة ليست كلها خاضعة لوصاية وزارة الثقافة وحدها، بل يمكننا أن نعثر على امتدادات للتعبير الثقافي وللممارسة الثقافية في قطاع وزارة التربية الوطنية وقطاع الشبيبة والرياضة وفي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وربما في غيرها من الوزارات كوزارة الداخلية التي تعتبر نفسها وصيا على الجماعات المحلية والمجالس المنتخبة التي لها صلة وثيقة ويومية بالحقل الثقافي كذلك. لكن بما أن الأمر يتعلق بوزارة الثقافة فالانطباع العام الذي تحصل لي من خلال متابعة هذه التجربة فإنه لا يمكن لي أن أقول بكل صدق وبكل نزاهة وبكل تجرد إنها حصيلة تبعث على الارتياح، وذلك من حيث طبيعة المشروع الثقافي الذي باشره الشاعر محمد الأشعري على رأس هذه الوزارة. خصوصا وأن هذا الشخص ليس غريبا عن الحقل الثقافي وهو أيضا أحد رؤساء اتحاد كتاب المغرب خلال ثلاث ولايات مما جعله وهو رأس الوزارة ينخرط مباشرة في العطاء وفي التعبير الثقافي مختلف الأوجه. وعموما يمكن أن ألخص عناصر القوة في هذه التجربة في النقط التالية: أولا: لاحظت أن الأستاذ الأشعري حرص على أن يطبع عمل وزارته بطابع شفاف وواضح وخصوصا في ما يتعلق بتوزيع المال العمومي على المؤسسات الثقافية والجمعيات والمؤسسات المسرحية وما يتعلق بجائزة المغرب وما يتعلق بدعم ونشر الكتاب في بلادنا. فقد عشنا في فترات سابقة كانت الإمكانيات المادية توزع بغير وجه حق وفي كثير من الأحيان كانت تحرم الكفاءات والجمعيات الثقافة الجادة والجيدة بينما كان آخرون يحصلون على دعم مالي من تحت الطاولة. ولأول مرة على تاريخ هذه الوزارة نعرف الإمكانيات المالية ونعرف كيف تصرف ومن يستفيد منها وفق قوانين ضابطة موجودة بالجريدة الرسمية، كما أن هذه المساعدات لم تصرف عن طريق صندوق وزارة الثقافة كما كان عليه الأمر من قبل، بل عن طريق المصالح المختصة لوزارة المالية. ثانيا: الأمر الثاني الذي اعتبره من عناصر قوة في هذه التجرية هو دعم المسرح المغربي من خلال إنشاء صندوق للدعم، وقد انبثقت الفكرة من تحويل 002 مليون سنتيما التي كانت تخصص للمسرح الوطني بمحمد الخامس على سبيل الإنتاج، إضافة إلى ميزانية التشجيع، فأخذ الأستاذ الأشعري هذا المبلغ وأضاف إليه في المرة الأولى 001 مليون وأصبحت النسبة 003 مليون وأنشأ هذا الصندوق صندوق دعم المسرح، وأنشأ موازاة مع ذلك لجنة وطنية تتمثل فيها النقابات الفنية والنقاد والكتاب المشهود لهم بالكفاءة والقيمة العلمية والأكاديمية وتم وضع إطار قانوني منظم لعمل هذه اللجنة يستلزم أن يتقدم بالطلب فهذا الصندوق المحترفون والعاملون في الحقل المسرحي في إطار جمعيات قانونية. والأمر الثالث يتعلق بمجال النشر والكتاب، ومعلوم أنه في السنوات السابقة كانت الوزارة تقتني من كل كاتب مغربي 05 نسخة من مجموع ما ينتجه سواء أنتج كتاب على حسابه الخاص أو تكلفت دار للنشر بنشر كتابه لا يحق له إلا الحصول على ثمن 05 نسخة فقط. ولما جاء الأشعري إلى الوزارة لسن سنة جديدة في هذا المجال نعتبرها إيجابية، وهي على الشكل التالي: أولا اعتبر أن الميزانية الخاصة بالنشر ينبغي أن تنصرف إلى دعم مقاولات الناشر فأصبحت الوزارة تدعم المقاولة الناشرة ب05% من كلفة الطبع، وهذا معناه أن الناشر بإمكانه أن يحصل على مبلغ مالي يغطي له كلفة أربعة أو خمسة كتب بمعنى أن ما سيباع في السوق سيكون ربحا إضافيا، لكن هذا مشروط بكون الناشر لكي يحصل على هذا الدعم أن يعقد تعاقدا بينه وبين المؤلف وأن يصون للمؤلف حقوقهم، فإذا وقع خلل في هذا الجانب لا يمكنه أن يحظى بهذا الدعم، بل إن الوزارة تحرمه منه في السنوات المقبلة. وبالإضافة إلى ما سبق لاحظنا أن الوزارة أسست فكرة الأعمال الكاملة فأصدرت لحد الآن المجموعة الكاملة لمحمد زفزاف ولعبد الكريم غلاب ولمحمد الصباغ ولعبد الكريم الطبال ولمحمد الميموني وللقاص إدريس الخوري. وإضافة إلى فكرة الأعمال الكاملة هناك جائزة الكتاب التي كانت قيمتها 5 ملايين سنتيم في عهد الحكومة السابقة وأصبحت على عهد هذه الحكومة 7 ملايين سنتيم، إضافة إلى المعرض الدولي للكتاب الذي تحسن أداؤه ومردوديته، ولا ينبغي أن أنسى في نفس الإطار سلسلة كتب الأطفال التي تحاول أن تؤسس لمفهوم جديد في الثقافة المغربية. ويتعلق الجانب الآخر بالمهرجانات الوطنية، ذلك أن الوزارة في عهدها الحالي أنشأت مجموعة من المهرجانات الخاصة، إضافة إلى بعض المهرجانات التي كانت موجودة من ذي قبل كمهرجان أندلسيات في شفشاون ومهرجان الملحون في تافلالت، أضافت مهرجانات أخرى، ولاشك أن بعض هذه المهرجانات قد أثار نقاشا وسجالا في الأوساط الثقافية والسياسية، لكني أرى أن ظاهرة المهرجانات ظاهرة صحية لأنها تخول لبعض الثقافات الانتشار والاستمرار ولأن المهرجانات في حد ذاتها سوق للشغل وتلعب دورا حاسما في التنمية الاقتصادية. القطاع السمعي البصري بذل فيه جهد كبير منذ عهد الوزير السابق محمد العربي المساري وتكونت بشأنه لجنة وزارية، لكن علينا أن نعرف أن هذا القطاع له وضع استثنائي ربما آن الأوان لتجاوزه. والذي يحصل الآن هو أن الشعب المغربي مشدود إلى القنوات الأجنبية، والحال هو أن يعثر المواطن المغربي على نفسه داخل قناته المغربية وداخل صحافته المغربية وهذا للأسف غير حاصل للأداء الرديء وللمادة الإعلامية المغربية التي لا تستجيب لتطلعات المغاربة وأفق انتظار الرأي العام المغربي. إذا هناك ضعف واضح جدا وفي نفس الآن هناك وضع استثنائي لمؤسساتنا الإعلامية علينا أن نتخطاها. وهناك جهود أخرى لوزارة الثقافة والاتصال تتعلق ببناء الخزانات العمومية، فهناك الآن حوالي 41 خزانة عامة على الصعيد الوطني في طور البناء بل منها من انطلق العمل بها، ومنها ما يتعلق بالمخطوطات التاريخية والبحث عنها والعناية بها واقتناء بعض المخطوطات الخاصة كمخطوطات العلامة محمد المنوني قبل أن يشتريها خواص أو أجانب يصدرونها إلى الخارج، ولذلك تولت الوزارة أمرها حتى يتيسر للرأي العام والثقافي الاطلاع عليها. وعموما يمكن أن أقول بغير مجازفة إن وزارة الثقافة في عهد محمد الأشعري كانت من أنشط ومن أقوى الوزارات التي أعادت الاعتبار فعلا للثقافة الوطنية وخلقت العديد من القوانين الضابطة للممارسة الثقافية. وحول ما إذا كان من المفترض تجاوز ما يمكن تجاوزه من الأخطاء والنقائص في وزارة الثقافة قال الأستاذ حسن نجمي إن المؤكد في الأمر هو أن الأشعري في وزارة الثقافة في طبيعتيها معا الأولى والثانية لم يكن محاطا بكفاءات جيدة، وقد لاحظت أنه لم يكن دائما يختار أطر إدارته ومديرياته ولاحظت أيضا أن الوزارة كانت وما تزال تعاني من القصور الإعلامي في التواصل مع المتلقين والتعريف بإنجازاتها. وعلى كل حال لا ينبغي أن ننسى أن وزارة الثقافة كانت من أضعف الوزارات على مستوى الميزانيات المخصصة لها، ذلك أنها كانت تأخذ 10،0 من حجم الميزانية العامة للدولة، بزيادة 54% دفعة واحدة بمجيء حكومة عبد الرحمان اليوسفي لهذه الوزارة. وأخذ الأشعري من صندوق الحسن الثاني على إثر صفقات الخوصصة للهاتف النقال 024 مليون سنتيم، فضلا عن شراكات مع قطاعات خاصة أخرى كاتصالات المغرب والقرض الفلاحي وبنك الوفاء في محاولة لتغطية بعض النفقات. ومن المعالم الكبرى التي انخرطت فيها وزارة الثقافة والاتصال نجد بناء متحف وطني للفنون الحديثة وبناء معهد عالي للموسيقى. الأستاذ يونس مجاهد الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة: "بصراحة أقول الآن ما موقع وزارة الثقافة والاتصال حتى يكون لها أداء." أعتقد بأن موضوع الحصيلة الإعلامية تصعب مقاربته، لأن إشكالية الإعلام تهم أولا كل المكونات المغربية سواء على مستوى الدولة أو على مستوى الحكومة أو على مستوى المجتمع. وعندما نقوم بهذه المقاربة على هذه المستويات الثلاثة آنذاك يمكن أن نخرج بخلاصات ونحدد المسؤوليات بوضوح. وهنا أقول إن ملف الإعلام كان وما زال من ضمن الملفات الشائكة التي لم يتم حصول لحد الآن توافق عليها بين مكونات الخريطة السياسية بالمغرب والدولة. وفي هذا الإطار وجدنا أنه منذ الأسابيع الأولى لما سمي بحكومة التناوب انفجر موضوع الإعلام العمومي وبالخصوص موضوع الإعلام البصري بحدة، وطرحت آنذاك قضية كبرى هي: هل سيتم حل هذا المشكل بطريقة تناسب التطور الذي يطمع إليه المجتمع المغربي. وهنا وجدنا أن هذا الملف بقي كما كان سابقا، محتكرا من طرف أعلى أجهزة الدولة ولم تصدر بشأنه قوانين جديدة تسمح بتنظيمه بطريقة حديثة ومضبوطة رغم كل المطالب التي عبر عنها المجتمع بمختلف مكوناته تقريبا. وطرح آنذاك هذا التحدي ومازال مطروحا إلى الآن، لماذا لم تتمكن من معالجة هذا الملف بالطريقة الحديثة الديمقراطية انطلاقا من التصريح الحكومي نفسه. ومن المؤكد أننا عندما نراجع الآن ما ينشر في بعض الصحف وخاصة جريدة "الاتحاد الاشتراكي" التي يديرها الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي والتي نجدها تنتقد أداء الإعلام العمومي . آنذاك ندرك مدى حجم التحدي الذي لم تستطع الحكومة على حله لحد الآن. وهذا على المستوى الأول. أما على المستوى الثاني فهو أن الحكومة برغم عدم قدرتها على معالجة ملف الإعلام العمومي نظرا لموازين القوى بينها وبين من يتحكمون في جهاز الدولة. فإن مجالات أخرى كانت مفتوحة أمامها للفقيام بإصلاحات وللتدخل بشكل إيجابي في ميدان الإعلام، غير أن هذا لم يتم أيضا، حيث أننا كنا ننتظر بالخصوص أن تصرف الأموال المرصودة لمجال الإعلام والاتصال في أمور تفيد التكوين والتكوين المستمر للصحافيين. وفي إصلاح معاهد التكوين الخاصة بالإعلام، وفي تطوير الموارد البشرية لمختلف مجالات الإعلام والاتصال وفتح أوراش في هذا المجال. وبالإضافة إلى هذا المثال الذي تبين أنه لم تتم فيه أية خطوات تذكر، لاحظنا أنه عندما طرح ملف قانون الصحافة تصرفت الحكومة بعقلية منغلقة وبدا على بعض أعضائها نوع من التشنج والنرفزة في معالجة موضوع كان من المفترض أن يكون الصدر فيه رحبا وواسعا. وعندما عبرت النقابة الوطنية للصحافة وإلى جانبها عدد كبير من مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بالاضافة إلى كل وسائل الإعلام تقريبا عن رفضها لما جاء في هذا المشروع، سجلنا ارتباكا وتعنتا مما خلف نوعا من التنافر بين الحكومة ورجال الإعلام. أما على المستوى الآخر الذي أظن أيضا أنه ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار هو أن هناك أفرادا في هذه الحكومة يديرون مؤسسات ومقاولات إعلامية. وكان من الممكن أن تقدم نموذجا إيجابيا في مجال الإعلام من خلال تحديث المقاولات الإعلامية. والحال أننا نجد الآن هذه المقاولات هي الأكثر تقليدية وتخلفا. وخلاصة الأمر هي أن الحكومة في مجال الإعلام لم تتصربالطريقة العصرية التي كنا نتنظرها، والتي تفترض أن تنصت إلى المجتمع. و إلى المكونات المختلفة في مجال الصحافة والإعلام والاتصال، وأن تسند الكثير من أمور الإعلام والصحافة إلى أهلها. وإن ما نتمناه وما ننتظره وما سنطالب به هو أن تصرف الميزانية المخصصة للإعلام في خدمة هذا القطاع ورجالاته، وذلك بطريقة عصرية مما يفترض إلغاء الهيكل الحالي لوزارة الاتصال لأننا نتساءل الآن ما دورها؟ إنه لمن الأوراش الأساسية التي يجب أن تنكب عليه النخبة السياسية الحالية الآن في برامجها الانتخابية هو تكوين وجهة نظر كاملة حول ميدان الإعلام والاتصال. ،بالنسبة للدولة أعتقد أن إصدار قوانين جديدة لتحرير القطاع السمعي البصري وتنظيمه مسألة حاسمة غير أن هذا لا يكفي لأننا محتاجون إلى التكوين والتكوين المستمر ومحتاجون أيضا إلى أن تسند الأمور إلى أهلها. وهذا يتطلب هياكل جديدة. وبصراحة أقول الآن ما موقع وزارة الثقافة والاتصال حتى يكون لها أداء. إنه من غير المعقول إطلاقا أن تتحكم في الإعلام العمومي وزارة، ذلك أنه من المفترض في الدول الديمقراطية أن تكون هناك مديرية أو كتابة عامة تقوم بالاتصال بالنسبة للحكومة وهذا أمر معقول. والأموال التي تصرف الآن في مجال الاتصال أقول إنه يجب أن تصرف ضرورة في مجال التكوين وتطوير الموارد البشرية في مجال الإعلام والاتصال. وهنا لا يمكن لهذه الأمور أن تتم إلا بإشراك جميع المهتمين بقطاع الإعلام والاتصال وفي كل الميادين لنطور هذه المهنة. ومرة أخرى إننا لا نريد وزارة اتصال لكننا نريد من الهيئات المسؤولة أن تصرف ما يصرف على وزارة الاتصالات من ملايير على التكوين والتكوين المستمر. الأستاذ المقرئ أبو زيد: نائب برلماني و أستاذ جامعي: "للأسف الشديد أنا لا أرى أي أداء ثقافي للحكومة الحالية، بل أرى مزيدا من التكريس للتوجهات السلبية السابقة على مستوى الشعبوية والخرافة والسطحية والغثاثة. وتكريس توجه التبعية الفرنكفونية و للإعلام الأمريكي السطحي" في كل جهاز حكومي رسمي، يكون الأداء الثقافي أساسا في القطاعات التعليمية والإعلامية وأساسا أيضا في وزارة التعليم ووزارة الإعلام و،وزارة الثقافة. والمؤسف أن حكومة التناوب، ممثلة أساسا في حزبين يساريين أساسيين هما حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية بدرجة أولى وثانية ثم في درجة ثالثة الحزب الاشتراكي الديمقراطي هي التي هيمنت على هذه القطاعات التي تمثل الوجه الثقافي الرسمي وتمثل المجال التنفيذي للسياسات الثقافية الرسمية، وبالمقارنه مع الخطاب الذي كان زمن المعارضة، ومع دعاوى اليساريين في التحديث والتنوير وجعله في المحافظة على الهوية بالمقارنة أيضا مع التصريح الحكومي الذي وعد بالأصالة والتحديث الحقيقيين، نجد أن الحصيلة للأسف الشديد جد سلبية بل وجد مناقضة لهذه المرجعيات الثلاثة. "دعاوى المعارضة، دعاوى اليسار والتصريح الحكومي"، فعلى مستوى وزارة التعليم مثلا لم نلمس أي تحسن في مضمون العملية التربوية ولا في منهجها، بل رأينا بعض النزوعات اليسارية المتطرفة تهدف إلى محاربة المضامين التراثية الأصلية ومحاصرة توجهات الحركة الإسلامية المعاصرة الفكرية، وفي نفس الوقت تمرير بعض المفاهيم العلمانية المتطرفة التي تسخر من الدين تحت شعار انتقاد الحركة الإسلامية. وعلى مستوى الإعلام، ولنعط التلفزيون على سبيل المثال فإن السيد المكلف بهذا القطاع كان يدبج مقالات عريضة وأيام مسؤوليته بجريدة الاتحاد الاشتراكي ينتقد فيها التهريج والغثاثة والسطحية والإسقاط المتعمد في البرامج الإعلامية بالتلفزيون. ونفاجأ بأن التلفزيون المغربي ازداد في عصره رداءة وغثاثة وسطحية وعشوائية وتكريسا للهيمنة الإعلامية الغربية على مستوى المسلسلات التلفزيونية المكسيكية والفرنسية المائعة السخيفة والعربية الماجنة. وأما الغناء فحدث ولا حرج. فقد عرف هذا النوم مزيدا من التهريج والشعبوية والارتباط بالنماذج الفنية الهابطة في العالم العربي والعالم الغربي. وعلى مستوى وزارة الاتصال والثقافة دائما، فقد رأينا تشجيع الكتاب اليساري وتلميع الكتاب اليساريين، ورأينا بروز اتحاد كتاب المغرب ليس باعتباره مؤسسة للكتاب المغاربة، ولكن بوصفه أحد مجالات هيمنة الاتحاد الاشتراكي. وللأسف الشديد أنا لا أرى أي أداء ثقافي للحكومة الحالية، بل أرى مزيدا من التكريس للتوجهات السلبية السابقة على مستوى الشعبوية والخرافة والسطحية والغثاثة. وتكريس توجه التبعية الفرنكفونية وللإعلام الأمريكي السطحي ومزيدا من الهيمنة الإيديولوجية التي تسعى إلى خدمة الحزب وخدمة النزعة اليسارية عموما في العالم كله التي تراجعت، لكنها للأسف ازدهرت عندنا ازدهارا رسميا. رد فريق العدالة والتنمية على التصريح الحكومي الأخيرحول الأداء الثقافي والإعلامي للحكومة: "هل يعقل أن لا تجد في القناة الثانية برنامجا دينيا واحدا طوال جميع أيام البث بليلها ونهارها؟ هل يعقل أن يكون حظ اللغتين العربية والأمازيغية في إعلامنا أقل بكثير من حظ اللغة الفرنسة؟ " لقد وعد التصريح الحكومي الثاني بتحقيق أكبر حجم من القيمة المضافة في مجال القطاع السمعي البصري بالشروع في إصلاحه على أساس الحرية والتعددية والمهنية والحوار والانفتاح، فأين هو مشروع القانون الموعود به؟ وأين هو المجلس الأعلى للإعلام السمعي البصري الذي طالما وعدتم به؟ بل أين هي توصيات المناظرة الوطنية للإعلام والتي وعدتم بتطبيقها؟ إن إعلامنا هو انفتاح في اتجاه واحد وهو الاتجاه الحكومي وإقصاء ما سواه من المواقف والاتجاهات السياسية والفكرية، وانغلاق كامل في وجه البرامج والإبداعات الجادة! إن له من الحرية ما يجعله ينشر الفساد الفكري والأخلاقي وليس له أن يساهم في تكريس الثقافة البانية. هل يعقل أنه وحتى وقت صلاة الجمعة لا تجد في القناة الثانية من البرامج إلا ما يناقض قداسة هذا اليوم وهذا الوقت بالذات؟ هل يعقل أن لا تعلن هذه القناة حتى عن أوقات الصلاة؟ هل يعقل أن لا تجد فيها برنامجا دينيا واحدا طوال جميع أيام البث بليلها ونهارها؟ هل يعقل أن يكون حظ اللغتين العربية والأمازيغية في إعلامنا أقل بكثير من حظ اللغة الفرنسة؟ أين هو المجلس الأعلى للإعلام السمعي والبصري الذي طالما وعدتم به؟ أين هي توصيات المناظرة الوطنية للإعلام التي وعدتم بتطبيقها؟ وفي سؤال واحد هل لدينا فعلا إعلام بصري يعكس قيم بلادنا ويستجيب لمتطلبات التنمية الاجتماعية والأخلاقية لمواطنينا؟. إعداد عبدالرحمان الخالدي