كعادته تألق الفنان اللبناني مارسيل خليفة، مساء السبت الماضي، في آخر حفل ضمن الدورة السابعة من مهرجان آليغريا بشفشاون، حيث أبدع رفقة الفنانة أميمة الخليل وإبنة شفشاون نزيهة مفتاح، فتحول اللقاء إلى فرح بالحياة. وسافر مارسيل خليفة، من على خشبة ساحة محمد السادس بجمهور آليغريا (الفرح) إلى عوالم انتفت فيها كل الحدود، فاتحا آفاق فنية فسيحة تغنى فيها بالحب والروح والوفاء وبثقافة ملؤها التواصل بين الإنسان ودواخله. أهدى مارسيل خليفة للجمهور الشفشاوني وضيوفهم وإلى ساعة متأخرة من الليل، أشهر مقطوعاته التي ستظل منقوشة في ذاكرتهم، ومصحوبا بعازفين من جنسيات مختلفة، أمتع الحضور بأغانيه الخالدة التي أداها بصوته الشجي. غنى الفنان اللبناني خليفة للأرض وللمرأة وللسلام والحب، فكانت كلماته نابعة من عمق الحياة وارتوت من معين الأرض، من فلسطين رمز كل الأرض، وحيث «ريتا والبندقية» مازالت صامدة تقاوم، كما غنى لكل الأطفال والسجناء العرب، وبعث لهم تحية نقلها «عصفور طل من الشباك» بصوت أميمة الخليل، وبصوت نزيهة مفتاح عن أحلام الطفولة الموؤودة بسبب «الطيارة». أما الجمهور، والذي تنوعت فئاته، فاستقبل مارسيل خليفة بالزغاريد والتصفيق الحار، وردد الكبار والصغار بعفوية وعن ظهر قلب أغاني هذا الفنان، الذي سيمشي على الداوم منتصب القامة، مع ريتا التي ظلت على زنده سنتين، «عالحدود»، خلال «حلم ليلة صيف»، والتي تظل رمز جيل بأكمله ودليلا على استمرار إبداعه وعطائه الموسيقي، قبل أن يستقبل ابنة مدينته نزيهة مفتاح التي تغنت بجمال جوهرة الشمال. وقبل ذلك كان جمهور منصة آليغريا على موعد مع فرقة «أصير» الكوبية، التي قدمت التراث الكوبي في انفتاحه على التحديات الجديدة التي تعرفها كوبا، من خلال أنغام ممزوجة بسحر موسيقى الفلامنغو مع نغمات أقرب إلى قيتارة لانوفا تروفا الكوبية التي تثير الأحاسيس المرتبطة بالخيال الشعبي الحضري الكوبي وقدرته على البقاء. ويجد المستمع لأعمال هذه المجموعة، التي تشد بإيقاعاتها وأنغامها الشبابية وجمالية أنغامها البحثة والحضرية المتجذرة في التراث، إيقاعات من موسيقى الجاز لكن دون أن تفقد الأنغام الكوبية التي تصبح رائعة عندما تمتزج بموسيقى السول والريكي، مما يعطي إحساسا بجمال كوبا وبالرغبة في الرقص معها والتأمل فيها. أما جمهور منصة (وطا حمام) فكان على موعد مع مجموعة «لوس سييس دياس»، التي قدمت من برشلونة، وتتكون من أربع نساء، أصواتهن مرح متوسطي لا يقاوم، يجمع بين أحسن التقاليد الأنجلوسكسونية وبين إيقاع حوض المتوسط مما يعطي موسيقاهن طابعا خاصا بهن. أربع فنانات شابات نريدا (الصوت) وأيينا (القثارة) ونات (قثارة الباس) ثم ألبا (البيانو) استطعن جذب الجمهور الإسباني، وقد أشاد النقاد بأعمالهن بعد بضع شهور على توزيعهن لأغانيهن الأولى تحت عنوان «أقمار»، كما أن إصدارهن الوحيد تحت إسم «لت أوديو» يعرف أكثر من ألف زيارة على موقع الأنتريت يوميا, مما زاد من شهرتها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأمريكا اللاتينية. بعدهن قدم الفنان باري إبن الحي المحمدي الذي أنجب مجموعة من الفنانين المرموقين, ومن درب مولاي الشريف، حيث ترعرع، أغاني حول السلم والحب على نغمات الهيب هوب. وكانت هذه السهرة آخر أمسية لفعاليات الدورة السابعة لمهرجان آليغريا، الذي نظمته جمعية آليغريا الشمالية، وقد ظلت هذه التظاهرة وفية لروح التقريب بين الحضارات من خلال لغة الموسيقى والحوار الثقافي، وتعزيز مكانة شفشاون كقبلة يقصدها هواة الموسيقى من كل الآفاق.