دعا المغرب٬ أول أمس الأربعاء بنيويورك٬ إلى اعتماد «أجندة جديدة للوساطة والوقاية من النزاعات» ضمن «مناخ متغير وهش» وحيث التهديدات التي تستهدف السلم والأمن الدوليين في تزايد مطرد. وأكد يوسف العمراني الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون٬ خلال نقاش من مستوى عال بالجمعية العامة للأمم المتحدة حول «دور الدول الأعضاء في الوساطة»٬ أن «الوقت قد حان٬ وأمام الفظاعات المتزايدة»٬ عبر العالم «للاستثمار في الوقاية من النزاعات».ونوه العمراني بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الدبلوماسية الوقائية والمساعي الحميدة المبذولة من طرف مبعوثيه وممثليه الشخصيين بهدف تخفيف أو تفادي اندلاع أعمال عنف٬ معتبرا أن الأمر يهم إعطاء دينامية جديدة لمفهوم الدبلوماسية الوقائية الذي كان معتمدا من قبل «الأجندة من أجل السلم» المرتبطة باسم الأمين العام الأممي السابق بطرس بطرس غالي. وشدد يوسف العمراني على أن المغرب٬ الداعم غير المشروط لجهود الأمين العام للأمم المتحدة من أجل قضية الأمن العالمي٬ وكراع مشترك لأول قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة حول الوساطة٬ الذي تمت المصادقة عليه في يونيو 2011، يؤكد على ضرورة التعزيز النوعي للوساطة في إطار المهمة الأولى للأمم المتحدة والمتمثلة في الحفاظ على السلم والأمن. واعتبر أنه٬ من أجل بلوغ هذا الهدف٬ ينبغي التفكير في أجندة للوساطة والوقاية من أسباب نشوب النزاعات٬ لأن نجاح عمل الأممالمتحدة - يضيف العمراني - اعتمد٬ إلى حد الآن٬ على قدرتها على التدخل لفض النزاعات من خلال حفظ السلام أو تعزيزه٬ دون إعطاء الأولوية للوقاية. وقال الوزير «إننا نعيش في ظل محيط متقلب وهش على نحو متزايد» وتزيد التهديدات العالمية في صعوبة تصدي المجتمع الدولي٬ على نحو متكامل٬ لكل النزاعات وأسبابها العميقة. وأعرب عن تأييده للمفهوم الداعي لأمن غير قابل للتجزيئ٬ إلا أنه يرى أن هذا المفهوم يحتاج إلى نموذج جديد «لأنه لم يعد بوسعنا الاقتصار في التعامل مع قضية دولية من خلال منظور أمني محض»٬ مبرزا ضرورة تبني المقاربة التاريخية وأن الأممالمتحدة تظل الهيئة الوحيدة القادرة على القيام بذلك. وأضاف أن المغرب اضطلع٬ منذ حصوله على الاستقلال٬ بدور رئيسي كوسيط في أفريقيا والشرق الأوسط ودول البلقان٬ انطلاقا من اقتناعه بمبدأ الأمن الجماعي٬ وبالدور المركزي للأمم المتحدة في تعزيز التسوية السلمية للنزاعات. وأكد أن المغرب وانطلاقا من خبرته الطويلة كوسيط للسلام في مناطق النزاع٬ يدرك أن الوساطة الناجحة ترتكز على ثلاثة أركان رئيسية٬ هي «السرية والتواضع والنزاهة» مشيرا إلى أن هذه الخصائص لا تزال أهم الشروط التي ينبغي توفرها في الوسيط. واعتبر أن تقديم مساعدة فعالة من خلال الوساطة بين طرفين متنازعين غالبا ما يكون مهمة صعبة٬ مشيدا في هذا السياق٬ بنائب الأمين العام للأمم المتحدة لين باسكو لدوره الرئيسي في إعادة هيكلة قسم الشؤون السياسية من خلال إحداث وحدة لدعم الوساطة وقادرة على الانتشار السريع لتقديم دعم ميداني لعمليات السلام مع ضمان تبني ذلك من قبل كل أطراف النزاع. واعتبر أن الأمر يتعلق ب»خطوة هامة» تستحق التنويه٬ مشددا على ضرورة وضع «آلية للاستشارة» لفائدة المبعوثين الخاصين و»تحسين جودة الدعم العملي» المقدم لوسطاء الأممالمتحدة. وأكد على ضرورة أن تنكب الجهود الجماعية في المستقبل على تطوير الأجيال المقبلة من الوسطاء «من خلال النهوض بثقافة الوقاية من النزاعات»٬ مقترحا في هذا السياق «تمكين المنظمة الأممية من نظام للإنذار المبكر في أفق استباق الأزمات وتفادي تدهور الأوضاع». وأبرز أن المخاوف الدائمة والمتعاظمة بخصوص انتكاسة الأوضاع خلال النزاعات٬ يجعل النهوض بالقدرات الوطنية في مجال الوقاية وتسوية النزاعات أفضل ضمان لاعتماد وساطة دائمة وفعالة. وأشار الوزير إلى أن الدول الأعضاء تلعب دورا رئيسيا في تطوير الوساطة والنهوض بها٬ كل في منطقته٬ داعيا دول الجوار٬ التي يسجل عليها دائما بذلها جهودا غير كافية في هذا المجال٬ إلى الانخراط في البحث عن السلم الدائم. وخلص إلى أن « النزاعات ليست أمرا حتميا٬ ذلك أنه يتعين علينا العمل جميعا من أجل استباقها ومعالجة أسبابها العميقة. إنها رؤية أسلافنا بالأممالمتحدة والدرس الذي نستخلصه 67 سنة بعد تأسيس منظمتنا».