رشيدة الطاهري: التعيينات الأخيرة للمسؤولين الترابيين تجسد خرقا سافرا للدستور نزهة الصقلي: أجندة المساواة تعد استراتيجية متكاملة لضمان الولوج المتساوي للنساء والرجال إلى كافة الحقوق كشفت النقاشات التي شهدها الملتقى الثالث للمساواة، الذي نظمه القطاع النسائي لحزب التقدم والاشتراكية أول أمس الأحد بالرباط، أن الإصلاحات التي أقرها الدستور الجديد لفائدة النساء من خلال تنصيصه على المساواة والمناصفة باتت على المحك نتيجة استمرار حكومة عبد الإله بن كيران في نهج التمييز اتجاه وصول النساء إلى مراكز القرار. إذ سجلت رشيدة الطاهري، عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية والمكلفة بقطب المساواة، استمرار الحكومة في نهجها التمييزي اتجاه النساء لثاني مرة من خلال تغييب وجود وازن للنساء ضمن التعيينات الجديدة للمسؤولين الترابيين، مبرزة أن هذا النهج الذي انطلق بتعيين امرأة واحدة في الحكومة حيث لم يعد «خطأ» كما تم التعبير عن ذلك، وإنما منهجية يتم التراجع من خلالها عن الالتزامات والمكتسبات لتتجدد التخوفات التي عبرت عنها المغربيات من مختلف المواقع. واعتبرت المتحدثة خلال هذا الملتقى الذي خصص لمناقشة وتقييم أوضاع النساء على ضوء التزامات المغرب والتفعيل الدستوري وكذا التهيئ لهيكلة الإطار المكلف بالنهوض بالمساواة داخل الحزب، أن ما حصل بهذا الخصوص خرق سافر للدستور لكون التعيينات الجديدة تجاهلت مبدأ حظر التمييز المنصوص عليه في تصدير الدستور وكذا مضامين الفصل 19 منه، والفصل 49 الذي ينص على أن التعيينات التي يتداول فيها المجلس الوزاري تتم باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني. وحملت في هذا الصدد المسؤولية لرئيس الحكومة، مشيرة أن عدم الحرص على حقوق النساء في كل السياسات العمومية بما فيها التشغيل، التعليم والتكوين والصحة، والاكتفاء بالنوايا الحسنة وعدم أجرأة مبدأ المناصفة يجعل الإرادة السياسية تتبخر. وشددت رشيدة الطاهري على ضرورة التعبئة للعمل من أجل التنزيل الفعلي لمضامين الدستور الجديد الذي أقر المساواة والمناصفة، واليقظة والمتابعة والحرص للحفاظ على المكتسبات التي حققها المغرب في مجال النهوض وحماية الحقوق الإنسانية للنساء وضمنها عدم التمييز في ولوجهن لمراكز القرار، والتي جاءت بناء على الإرادة السياسية المعبر عنها على أعلى مستوى وعلى نضالات مختلف القوى الديمقراطية والحركة النسائية لسنوات طويلة. وأشادت القيادية بحزب التقدم والاشتراكية بالمسار النضالي لأمينة لمريني كأول عضوة بالمكتب السياسي للحزب والتي أسست لتجربة جمعوية رائدة ومتميزة على مستوى الحركة النسائية ممثلة في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وهنأتها باسم عضوات الحزب بتسلم مهمتها الجديدة على رأس المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري كما هنأت مريم بنصالح على انتخابها رئيسة للكنفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب، وثمنت إعمال المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمبدأ المناصفة وتعيينه لعدد من النساء على رأس لجانه الجهوية . ومن جهتها استغربت نزهة الصقلي عضوة الديوان السياسي التبريرات التي قدمتها الحكومة بشأن عدم تعيين أكثر من امرأة واحدة ضمن التعيينات الجديدة، والتي مفادها أن الأمر يتعلق بمراكز حساسة قائلة “إن العذر أكبر من الزلة”. وأشارت إلى التردد الذي أبدته وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة حقاوي بخصوص أجندة المساواة التي أقرتها الحكومة السابقة، إذ نفت في نقاش داخل إحدى اللجن البرلمانية وجود أي أثر لهذه الأجندة لدى الوزارة لتتراجع في وقت لاحق عن ذلك مشيرة إلى تغيير اسم الأجندة باسم الخطة الحكومية بدعوى أن “الأجندة” كلمة دخيلة على اللغة العربية. وسجلت نزهة الصقلي في هذا الإطار إيجابية وجود حزب التقدم والاشتراكية داخل الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، اعتبارا للدور الذي يلعبه على مستوى الجهاز التنفيذي بضمان وجود الرؤية التقدمية لتنزيل الدستور الجديد، كما ثمنت العمل الذي يقوم به الفريق البرلماني داخل المؤسسة التشريعية ومواجهة كل محاولات التراجع عن المكتسبات التي حققتها النساء، داعية إلى التعبئة لحماية محتوى أجندة المساواة التي تعد استراتيجية متكاملة تضمن الترسيخ المؤسسي للمساواة بين الجنسين والولوج المتساوي للنساء والرجال إلى الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومناهضة جميع أشكال التمييز والعنف ضد النساء. والعمل من أجل التفعيل الأمثل لمختلف محاورها. ومن جانب آخر، أشارت عضوة الديوان السياسي إلى التحديات الكبرى التي باتت مطروحة في ظل المقاومات الكثيرة التي ترتبط بالمستوى التشريعي سواء الذي يخص وصول النساء إلى مراكز القرار ومحاربة تشغيل الأطفال، هذا فضلا عن مراجعة التشريعات المرتبطة بالإجهاض في الحالات المرتبطة بالحمل جراء الاغتصاب أو التشوه الجنيني أو تعرض الحامل لخطر ما، أخذا بعين الاعتبار المقتضيات الأخلاقية. هذا وكانت نزهة الصقلي التي قدمت عرضا حول أجندة المساواة التي أقرتها الحكومة السابقة في مارس 2011 ليمتد تنفيذها إلى غاية 2015، قد أكدت على الأهمية التي تطبع هذه الأجندة، إذ تعد تتويجا لعشرية من الإصلاحات العميقة التي تأسست أساسا على الإرادة الملكية والتوافق السياسي الوطني ونضالية المجتمع المدني، والتي توخى المغرب عبرها تحقيق مساواة حقيقية على المستوى التشريعي والسياسي والمؤسساتي. وأبرزت أن أجندة المساواة تم إعدادها وفق مقاربة تشاركية وهي تشمل تسع مجالات ذات الأولية حيث تتمحور حول الولوج إلى التعليم والصحة ومراكز اتخاذ القرار، وسوق الشغل...، مشيرة إلى الأثر الإيجابي الذي سيعكسه إعمال هذه الأجندة سواء على مستوى النهوض بالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وترسيخ إرساء المشروع الديمقراطي الحداثي.