نحو مزيد من النجاح والتألق للفن السابع في ظاهرة علمية وثقافية تستحق التشجيع، ولجت السينما إلى رحاب الجامعات المغربية، ولا سيما في إطار عملية التدريس، بحيث أصبحت مادة السينما أساسية في بعض الشعب الأدبية سواء المتعلق منها بدراسة الأدب العربي أو الفرنسي أو غيرهما من الآداب الأخرى أو تلك المتعلقة بدراسة الأدب والصورة والإعلام. هكذا بدأ الطالب الجامعي المغربي يحتك بمجال الصورة بمختلف تجلياتها الإبداعية مثل الصورة الفوتوغرافية والصورة التشكيلية والصورة التلفزيونية وخصوصاً الصورة السينمائية لقوتها الرمزية وجاذبيتها الفنية القوية. كما استطاعت السينما بفضل انفتاح الجامعات المغربية على الجمعيات الثقافية المهتمة بالمجال السينمائي، أن تحضر بقوة في كثير من اللقاءات العلمية التي تقدم في هذه الجامعات. وكمثل لذلك ما قامت به الجمعية المغربية لنقاد السينما باعتبارها فاعلة في هذا الميدان في شكل بارز وهي تنظم بعض الندوات المتعلقة بالمجال السينمائي في مجموعة من الجامعات المغربية. فقد نظمت في هذا الصدد بشراكة مع جمعية الفن السابع أياماً سينمائية خاصة بالمخرج السينمائي الروسي العالمي الشهير أندري تاركوفسكي في كلية العلوم والتقنيات التابعة لجامعة الحسن الأول في سطات. وشارك في هذه الندوة كل من النقاد حمادي كيروم وبنيونس عميروش ونور الدين محقق ويوسف آيت همو ومحمد اشويكة وصباح عبدالخالق وبوشتى فرقزايد وخليل الدمون وحسن بنشليخة وخالد الخضري. وهم تناولوا في مداخلتهم هذه مجموعة من النقاط مثل «في الحاجة إلى تاركوفسكي اليوم» و «التشكيلي والسينمائي عند تاركوفسكي» و«شعرية المرآة في سينما تاركوفسكي» و «قراءة في كتاب الزمن المختوم» لتاركوفسكي و«الإنساني في سينما تاركوفسكي» و «الوعي عند تاركوفسكي» وسواها من القضايا الهامة. كما نظمت الجمعية نفسها في إطار عملية التعامل مع الجامعات المغربية ندوة أخرى حول «الأدب والسينما» في كلية الآداب والعلوم الانسانية في بني ملال التابعة لجامعة السلطان مولاي سليمان، بالتنسيق مع «مجموعة الأبحاث التطبيقية حول المتخيل والتراث» التابعة للكلية نفسها. وقد شارك فيها كل من النقاد والباحثين الأكاديميين حمادي كيروم وعز الدين نزهي وخليل الدمون وبوشتى فرقزايد ونور الدين محقق ومحمد اشويكة ومنير أوسيكوم. وقد حضرها بالإضافة إلى طلاب الجامعة وبعض الأساتذة الجامعيين المهتمين بالمجال السينمائي عدد من النقاد والمهتمين، مثل الناقد والإعلامي أحمد سيجلماسي الذي يعمل جاهداً على الكتابة حول السينما والتعريف بالملتقيات السينمائية وببرامجها المتعلقة بالأفلام والندوات، في مختلف الصحف والمواقع الالكترونية التي يتعامل معها، والكاتب والناقد السينمائي مبارك حسني الذي ساهم في شكل فعال في المناقشات التي كانت تلي تقديم هذه العروض. وقد خلفت هذه الندوة أصداء طيبة في الوسط الثقافي المغربي خصوصاً الفني منه، تجلى خصوصاً في المتابعات الصحافية المتعددة لما جاء فيها. إن هذا الانفتاح المتبادل بين كل من الجامعات المغربية من جهة والجمعيات المغربية المهتمة بالمجال السينمائي كما هو الحال مع «الجمعية المغربية لنقاد السينما» التي أوردنا بعض أنشطتها في هذا المجال وكما هو الحال مع «جمعية القبس للسينما والثقافة» في الرشيدية، التي تحرص على تنظيم ملتقى سينمائي سنوي في شراكة مع الكلية المتعددة التخصصات في الرشيدية التابعة لجامعة مولاي اسماعيل، وتجعل محوره الأساس حول تجربة مخرج سينمائي مغربي بحيث تتركز كل المداخلات حول هذه التجربة السينمائية وخصوصياتها الفنية والفكرية معاً دراسة وتفكيكاً وقد تم تناول لحد الآن تجارب كل من المخرجين المغاربة: داوود أولاد السيد ومحمد عبد الرحمن التازي ومومن السميحي وأحمد المعنوني. والجدير ذكره هنا أن كل هذه المداخلات تنشر في ما بعد في كتاب، كان آخرها هو الكتاب الذي تعلق بتجربة المخرج السينمائي المغربي أحمد البوعناني حمل عنوان «سينما أحمد البوعناني: شعرية الإبداع وتعدد المرجع». وهو عمل مهم سواء على مستوى التوثيق أو على مستوى معرفة كيفة الاشتغال النقدي السينمائي المغربي والمستوى العلمي الذي وصل إليه. هكذا نرى أن عملية الانفتاح هذه على الجامعات المغربية من لدن الجمعيات المهتمة بمجال السينما وتقديم الندوات المتعلقة به فيها، ستدفع بكثير من الطلبة إلى متابعة الفن السينمائي في شكل عام والفن السينمائي المغربي في شكل خاص، مما سيتولد عنه دينامية متطورة تساهم في عملية الدفع بالسينما المغربية إلى مزيد من النجاح والتألق.