من يزر متحف «الكي - برانلي» الباريسي حالياً تطالعه على الباب منحوتات وأقنعة قد لا توحي في البداية أكثر من الرهبة أو الغرابة لما تحمله من مناخات خاصة ومحلية تعود الى منطقة معينة وهي «نهر الكونغو». ويحمل المعرض عنوان «نهر الكونغو»، وفي مدخل متحف «الكي برانلي»، إشارة عبر توضيح مكتوب يفهم الزائر أنه سيدخل نزهة غرائبية في خلفية ثقافة بدأت بدخول اللغات «البانتو» الى المنطقة من مصدرها الأول نيجيريا وكان ذلك في تاريخ يعود الى 3000 سنة ق.م، وذلك في قسمين: الأول باتجاه الساحل الأطلسي نحو الجنوب في قرابة العام 1000ق.م. وثمة أعمال فنية تعود الى تلك المرحلة في المعرض وتعرف بتحف «البانتو الغربي» وهناك أيضاً الأعمال الخاصة بمرحلة «البانتو الشرقي» التي تم العثور عليها في منطقة «حوض الكونغو»، ومنذ قرون تم جمع هذه الأعمال الى بعضها لتنضم الى تحف خاصة في الغابون في جمهورية «كونغو الديموقراطية» التي ضمّت هذه التحف الى أخرى تعود الى منطقة النهر والغابة الاستوائية. ويجمع كل هذه المنحوتات والأعمال الفنية الأخرى من نوع السيراميك والأقنعة الخشبية تعرض تحت عنوان آخر وهو: «تواصل الاشكال وتحوّلها». كما تقسم المنحوتات المعروضة الى أقسام عدة أبرزها: أقنعة الوجوه على شكل قلب في منطقة وي ومنحوتات لأجساد أنثوية. ومن المعروف أن هذه التحف بقيت مجهولة أو شبه منسية الى أن رآها وتأثر بها كل من الشاعر أبولينير والرسام بيكاسو اللذين عبّرا كلٌ على طريقته إن بالقلم أو بالريشة عن إعجابهما بها وقد لفتا الانتباه إليها فأصبحت بدورها محط أنظار العالم: نحو 170 تحفة فنية و80 وثيقة تعيد الى منطقة نهر الكونغو شيئاً من اعتباراتها الفنية التي كانت محط أنظار المنطقة بأسرها منذ أكثر من 5000 سنة.