فجر الانتحار المأساوي لأمينة الفيلالي نقاشا واسعا في الأوساط الحقوقية والنسائية والسياسية حول القوانين ذات الصلة بتجريم الاغتصاب، وبزواج القاصرات، وهو ما جعل الكثيرين أيضا يفتحون عيونهم على قضايا هي حقيقية وتوجد فعلا في العديد من مناطق مجتمعنا، ومن ثم، فإن هناك حاجة ملحة اليوم لإيجاد حلول، وسيكون من العبث واللامسؤولية تعويم النقاش في البحث عن تبرير ما لايبرر. عندما تقدم فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين (حزب التقدم والاشتراكية) من خلال عضوه النقيب الأستاذ عبد اللطيف أوعمو، بمقترحات قوانين تهم الفصول 475 و485 و486 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، وأيضا الفصول 20 و21 و22 من القانون 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، فالخلفية كانت هي وضع النقاش في مكانه الطبيعي، أي الانكباب العاجل على إصلاح القوانين والتشريعات، وهذا التوجه يستحق أن يحتضنه كل الديمقراطيين داخل المؤسسة التشريعية وخارجها. وفي حين سجلنا نوعا من الإجماع على ضرورة تعديل الفصول المندرجة ضمن القانون الجنائي (خصوصا الفصل 475)، فقد صدمنا بمن يعارض كل مس بفصول مدونة الأسرة، بحجة غريبة، هي أن النص برمته يمثل اختيار الأمة، وقد صفقت له كل القوى. إن مثل هذا الدفع الغريب العجيب يتحول إلى مشكلة حقيقية عندما يصدر عن مسؤول حكومي، وعبر التلفزيون، وينسى أن كل قوانين الدنيا يمكن تعديلها أو حتى إلغاؤها بحسب الحاجة المجتمعية لذلك. إن التعديل المتعلق بفصول مدونة الأسرة، بحسب التقديم الذي وضعه الأستاذ أوعمو لمقترحاته، يهدف أساسا إلى إقرار السن كمعيار وحيد بجانب القدرة الصحية للزواج، حيث يقترح حذف المواد 20، 21، 22 من مدونة الأسرة التي تسمح بزواج القاصر بإذن من القاضي بمقرر معلل وبموافقة النائب الشرعي، وقد اعتبر الأستاذ أوعمو في تعليله لهذا الاقتراح «أن المشرع عند وضعه لهذا الاستثناء استحضر الظرفية التي تمت فيها صياغة وإعداد قانون الأسرة من جهة، وما يستدعي ذلك من معالجة حالات خاصة ذات طابع وقتي يستدعي الإذن بالزواج لدون سن 18 سنة». ولقد ظهر من خلال الممارسة العملية، أنه لم يبق هناك ما يسمح بالترخيص أو الإذن بزواج القاصر، وأن إبقاء هذا الاستثناء من شأنه أن يضر بمصالح المجتمع. كما ظهر أن هناك كثيرا من الحالات يتم فيها استصدار الإذن القضائي بزواج القاصر دون أن تتوفر المبررات المطلوبة حتى تفشت هذه الظاهرة وأعطت مظهرا للاستخفاف بالقانون وإفراغه من مضامينه وأهدافه. إن مطلب تعديل القوانين المشار إليها يرتبط اليوم بضرورة وضع حد لمآسي حقيقية توجد في المجتمع، ويتعلق الأمر بتجريم الاغتصاب، وبالحد من زواج القاصرات، وخاطئ من يسعى إلى الالتفاف على هذا الهدف، وجرنا إلى منغلقات السجال العقيم الذي يتغذى من أفكار الجمود والتزمت. هناك اليوم حاجة لتتفاعل الحكومة بسرعة وبجدية مع مطلب معبر عنه بشكل واسع في المجتمع، وأعادته إلى الواجهة مأساة الطفلة أمينة الفيلالي. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته