رغم أن بيانا لحزب الأصالة والمعاصرة أكد على أن اختلاء المكتب الوطني بنفسه أول أمس السبت بطنجة، سيكون بكافة أعضائه، إلا أن غياب فؤاد عالي الهمة كان «صادما» لأولئك القياديين الذين كانوا يعولون على حضوره لتسوية الخلافات التنظيمية. ومع أن قيادة «البام» وضعت إجراءات خاصة لضمان سرية الاجتماع، فإن ذلك لم يمنع من تسرب بعض مضامين مناقشات أعضاء المكتب الوطني وإن كانت شحيحة. وبحسب مصادر بيان اليوم، فإن الاجتماع الذي كان بدون جدول أعمال، ساده خلال اليوم الأول (السبت) «نقاش هادئ دون مشاحنات»، بحسب توصيف تلك المصادر، وحضره إلى جانب أعضاء المكتب الوطني رؤساء الجهات المنتمون إلى الحزب، باستثناء حميد نرجس الذي غاب لوجوده في مهمة بالخارج. غير أن إلياس العماري حضره رغم كونه ليس عضوا فيه، بصفته مديرا عاما للحزب تلاحقه شكاوى البرلمانيين. وقد سمح غياب الهمة للغاضبين بحرية المناقشة المستفيضة للسياسة التنظيمية للحزب، بحيث وجد المكتب الوطني نفسه مضطرا لتمديد خلوته ليوم إضافي بسبب كثرة العروض وطولها، حتى أن مصدرا وصف تلك المناقشات ب»الأولى من نوعها من حيث لغتها ومضمونها وصراحتها، ما جعل الخلوة لحظة مكاشفة لم تعجب فئة من القياديين». وتعاقب قياديو الحزب على عرض مضامين تصوراتهم السياسية والتنظيمية، في عروض يمتد كل واحد منها لأزيد من نصف ساعة، حيث يناقشون تدبير الحزب منذ ولادته لغاية اليوم، كما يضعون بعض الأدوات التنظيمية بالحزب محل النقد مثل قدرة الحزب على الانفتاح على النخب المحلية ومدى تمكنه من استقطاب النخب غير الفاعلة، وكذلك، مدى التوفيق بين وجود الأعيان والنخب المحلية في الحزب. وبينما قدمت مصادر الجريدة ملخصا مقتضبا عن تلك العروض، فإن النقاش الذي كان «هادئا»، يستشف من مضامينه أنه لم يكن خاليا من انتقادات حادة لتدبير الحزب من الناحية التنظيمية. وظهر من خلال العروض وجود تمايز بين ثلاث جهات داخل الحزب؛ أولها من يسمون داخل الحزب ب»القيادة المتحكمة»، وتشمل كل من إلياس العماري وعبد الحكيم بنشماس وعزيز بنعزوز، ويدور في فلكهم صلاح الوديع وسامر أبو القاسم والحبيب بلكوش وعلي بلحاج، فيما الجهة الثانية بالحزب يطلق عليها مجموعة «الغاضبين»، وتتكون بالأساس من البرلمانيين أعضاء المكتب الوطني وبعض قياديي حركة لكل الديمقراطيين ممن وجدوا أنفسهم مهمشين في عملية صناعة القرار الحزبي، ومنهم أحمد التوهامي رئيس الفريق النيابي وحسن بنعدي رئيس المجلس الوطني وميلودة حازب والطاهر شاكر ومحمد بنحمو وأحمد الديبوني وعابد شكايل، فيما توضع فئة ثالثة بين المنزلتين، وتوصف بأنها تتخذ «وضعية ترقب». وقد تبادلت الجهتان الأولى والثانية انتقادات لبعضهما البعض، خلال هاته الخلوة. وقد نوقشت قضية منتخبي الحزب، ووجهت لعمدة طنجة سمير عبد المولى الذي كان حاضرا، انتقادات لاذعة. كما نوقشت قضايا الالتحاقات الجديدة بالحزب وقرارات الطرد ومنهجية تزكية مرشحي الحزب، ومن المفترض أن يكون المكتب الوطني قد أنهى خلوته أمس، ليخرج الحزب ببيان يتضمن توصيات وقرارات «قد تكون جريئة تضع ملامح استراتيجية تنظيمية جديدة»، على أن يعقبه غدا الثلاثاء، لقاء مع برلمانيي الحزب ومنسقيه الجهويين.