الحكومة تتدخل لتفادي ارتفاع أسعار الخضر والفواكه يبدي عدد كبير من الفلاحين والمزارعين في جهات الغرب واللوكوس و سايس تخوفهم من تسجيل أضرار إضافية ببعض الزراعات المبكرة في حال استمرار موجة الصقيع. التخوف جاء على لسان أحمد أوعياش رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية الريفية الذي نبه إلى أن موجة الصقيع القاسية والطويلة التي يشهدها المغرب سيكون لها تأثير مستقبلي سلبي على عدد من المزروعات، وستساهم في خسائر إضافية فادحة ، ستطال، بصفة خاصة، الزراعات التي لا تتحمل قسوة البرد، في مقدمتها البطاطس والطماطم وقصب السكر والفراولة. وقال رئيس الكونفدرالية ، في تصريح لبيان اليوم، إن الحصيلة الأولية التي قدمتها وزارة الفلاحة تنبئ بصعوبة الموسم الفلاحي الذي يحتاج تدخلات وإجراءات مضبوطة تسير على إيقاع تقارير ومشاورات موضوعية و دقيقة . ووفق الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الفلاحة والصيد البحري، فقد تسببت موجة الصقيع، إلى حدود منتصف شهر فبراير الجاري، في إلحاق الضرر ببعض الزراعات المبكرة المعروفة بهشاشتها . حيث تضرر أكثر من 14000هكتار من قصب السكر (من ضمن مساحة إجمالية تقدر ب 17000 هكتار على المستوى الوطني). وأثر الصقيع أيضا على مساحة تقدر بحوالي 6000 هكتار من الأراضي المخصصة لزراعة البطاطس، بالإضافة إلى تسجيل انخفاض طفيف في إنتاج توت الأرض الذي شرع في جنيه منذ عدة أسابيع. وتعيش منطقة سوس، التي تستحوذ على حصة الأسد من الإنتاج الوطني للبواكر والحوامض ولأصناف من الخضر والفواكه ، وهي المزود للأسواق المغربية والدولية بالعديد من أصناف الخضر والفواكه، وضعا مقلقا قد يفضي إلى خسائر إضافية في حال استمرار الأحوال الجوية على ما هي عليه . وعلى عكس تخوفات الفلاحين والمزارعين الذين لم يستثنوا الحبوب والقطاني من المنتجات التي قد تتعرض للخسائر في حال تأخر تساقطات شهر مارس القادم، لا ترى وزارة الفلاحة والصيد البحري في هذه الحصيلة السلبية المسجلة ما يدعو إلى الحكم على الموسم الفلاحي الحالي الذي تميز بتعاقب ثلاث مراحل مختلفة من حيث الأحوال الجوية. مرحلة أولى كانت «جيدة جدا» بالنظر إلى أهمية التساقطات المطرية ٬ ثم مرحلة ثانية تقلص فيها حجم هذه التساقطات٬ ومرحلة أخيرة شهدت انخفاضا مهما في درجة الحرارة٬ مما أضر ببعض المزروعات وأفاد مزروعات أخرى (الحبوب ...). فحسب موحى مرغي المستشار بوزارة الفلاحة والصيد البحري، الذي عممت مؤخرا تصريحات له أدلى بها خلال برنامج تلفزيوني، فانه «لا يمكن وصف حالة قطاع الفلاحة بالمنكوبة بالرغم من أن بعض الزراعات قد تضررت في مناطق متفرقة من المغرب»٬ داعيا الفلاحين إلى الاستفادة من مجموعة من إجراءات المساعدة لتجاوز تأثير سوء الأحول الجوية. نفس النبرة الداعية إلى الهدوء وعدم التسرع والتهويل، يعبر عنها قاسم الغزوي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ، واحد الفاعلين في قطاع الفلاحة ، الذي وصف الوضع الحالي ب» واقع تضرر جزئي يطال بعض المنتجات التي تتم زراعتها على مدار السنة، و لا يؤثر على تموين السوق الذي يجري بشكل عادي، بدليل أن أسعار المنتجات المتضررة من الصقيع لم تشهد أي ارتفاع» . وقال قاسم الغزوي في تصريح لبيان اليوم إن «الوضع الفلاحي غير المريح بالنسبة للفلاحين والمزارعين والمواطنات والمواطنين على حد سواء ناتج عن الصقيع وليس عن قلة التساقطات التي تهم بالأساس الأراضي البورية المخصصة للحبوب والقطاني» ، مضيفا أن هناك « تدخلات الوزارة الوصية وهي تسير وفق تطورات المناخ ويحكمها برنامج حكومي ملزم للحكومة التي لن تتخلى عن الفلاحة والفلاحين، بدليل أنها بادرت إلى دعم بذور البطاطس بنسبة 50 بالمائة سواء للراغبين في زراعة هذه المادة آنيا أو تأجيل ذلك إلى شهر شتنبر القادم وخصصت مؤخرا غلافا ماليا يصل إلى حوالي 13 مليون درهم لمنطقة سوس الأكثر تضررا». وفتح قاسم الغزوي بوابة التفاؤل في وجه عموم الفلاحين بالإشارة إلى أن انتظام التساقطات وتحسن الأحوال الجوية خلال الأسابيع المقبلة قد يساعد المهنيين على تجاوز الخسائر التي تسببت فيها موجة الصقيع، خاصة مزارعي البطاطس وقصب السكر وتوت الأرض، و مربو المواشي الذين يوجدون اليوم في ورطة حقيقية بعد تسجيل ارتفاع سعر الأعلاف وانخفاض ثمن الماشية . وحث الغزوي الفلاحين على الانخراط في التأمين الذي توفره الدولة بالنسبة لمجموعة من المزروعات لما فيه من حماية لصغار المنتجين وتعويض عن الخسائر في المزروعات والمحاصيل بسبب الكوارث الطبيعية، مؤكدا أن المصالح العمومية المتدخلة في القطاع الفلاحي أحصت المساحات والزراعات المتضررة، وشرعت في دعم فلاحي البطاطس بسهلي الغرب واللكوس من خلال تخفيض ثمن البذور بحوالي النصف. وهو إجراء لا يراه احمد اوعياش كافيا ، ودعا الدولة إلى إشراك المهنيين في كل قراراتها وتدابيرها والعمل معهم جنبا إلى جنبا للنهوض بوضعية القطاع وضمان قدرته على مواجهة الظروف المناخية . وشدد أيضا على أن أي إجراء أو تدبير رسمي يجب أن يرتقي إلى مستوى الوضع الاستثنائي الذي تجتازه الفلاحة المغربية وأن يشمل كل المناطق المتضررة، بدل « ما نلاحظه اليوم من إيلاء الاهتمام لجهة دون أخرى أو لعينة من الفلاحين على حساب الباقي»، داعيا إلى إشراك المهنيين من خلال « تشكيل لجن مختلطة تضم ممثلي الفلاحين والحكومة وتتابع مراحل تطبيق القرارات الصادرة حتى لا تبقى حبرا على ورق».