وفد عن حزب التقدم والاشتراكية ينجح في إخماد فتيل أحداث مدينة تازة ويندد بالاستغلال السياسي لمشاكل ومطالب المواطنين المشروعة أمهات يدعين داخل ردهات المحكمة جهات متطرفة إلى الرحيل وعدم التشويش على محاكمة فلذات أكبادهن تمكن وفد من الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية من المساهمة الفعلية في إخماد فتيل أحداث مدينة تازة وتعبئة وتحسيس المواطنات والمواطنين بضرورة تغليب الحكمة والعقل لحل المشاكل والتعبير عن المطالب المشروعة دون انسياق وراء جهات تسعى للاصطياد في الماء العكر. وقال عبد السلام الصديقي عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في تصريح لبيان اليوم إن الزيارة التي استغرقت يومين كاملين (السبت والأحد الماضيين) كانت ناجحة بكل المقاييس، حيث تم خلالها، بمعية مناضلي الحزب بالمدينة وبحي الكوشة أساسا، القيام بزيارة ميدانية تمكنت اللجنة الحزبية، خلالها، من الاستماع للمواطنات والمواطنين من مختلف الأعمار وإرهاف السمع لمطالبهم المشروعة التي تهم الفواتير الملتهبة للماء والكهربا، وقضايا التشغيل والبطالة، والاكتظاظ المدرسي، والوضعية المزرية للبنية التحتية، وغياب الاهتمام بنظافة أحياء المدينة، والتعاطي السلبي مع الملف المطلبي للطلبة في شقه المادي والتربوي والحقوقي... واعتبر عبد السلام الصديقي، في تقييم أولي لحصيلة زيارة اللجنة الحزبية، أن أحداث تازة، ناتجة في العمق عن استفحال العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وما يليها من نداءات مشروعة لإيجاد الحل السريع لها وذلك على غرار ما يجري في العديد من المدن والقرى المغربية، بيد أن ما وقع، يضيف المتحدث، لم يكن سوى محاولة من جماعة متطرفة للركوب على هذه المشاكل لخدمة أجندة أخرى لا علاقة لها بالمشاكل الحقيقية التي يرزح المواطنات والمواطنون تحت وطئتها، مؤكدا أن الأصداء والمقابلات التي تمت في عين المكان أكدت أن هذه الجهات جيشت الأطفال والشباب للتظاهر بصفة دائمة، خاصة بحي الكوشة الذي يقع على بعد أمتار قليلة من مقر عمالة تازة، مسلمة إياهم شعارات تبالغ في تضخيم الواقع من قبيل «من تازة إلى سيدي بوزيد»، ومستعملة إمكانات ووسائل حديثة للاتصال. وقد تمكنت اللجنة، يقول عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في لقاءات وجلسات ماراطونية مع المواطنين والسلطات العمومية، من تنبيه المواطنين إلى خطورة اللجوء إلى أساليب الجهات المتطرفة، ودعوتهم للتحلي بالهدوء وضبط النفس، وقام وفد الحزب أيضا بالاتصال والتنسيق مع سلطات المدينة لاتخاذ إجراءات آنية لتهدئة الأوضاع من ضمنها إبعاد السيارات الأمنية من حي الكوشة وتفعيل الإرادة الحكومية لحل المشاكل. وقد توج وفد حزب التقدم والاشتراكية مجهوداته، مساء يوم الأحد الماضي، بإنشاء لجنة منبثقة من حي الكوشة ستكون المحاور الرئيسي للمسؤولين من أجل الشروع في معالجة المشاكل، وذلك في انتظار تسليط مزيد من الأضواء على ما وقع في المدينة من أحداث رفض عبد السلام الصديقي الجزم بحصيلتها وبما تناقلته وسائل الإعلام من تجاوزات أمنية ومن تعرض مواطنين ورجال أمن لجروح وكسور متفاوتة الخطورة، مشددا على أن وفد حزبه لا يسمح لنفسه بالحسم، في انتظار إيفاد لجنة لتقصي الحقائق، وبأن «همنا في الوقت الراهن، ليس هو تحديد المسؤوليات بل المساهمة في تهدئة الأوضاع حتى لا تأخذ أبعادا أخطر وأشمل وتصبح بالتالي مستعصية على الحل»، يقول المتحدث. هذا وعلمت بيان اليوم أن ابتدائية تازة أجلت، صباح أمس الثلاثاء، محاكمة الشباب الثلاثة عشر المتهمين بالإخلال بالنظام العام وتخريب الممتلكات العامة إلى غد الخميس. وقد شهدت جلسة أمس، حسب مراسلنا بعين المكان، محاولة جهات إشعال الفتنة والتشويش على المحاكمة من خلال تنظيم وقفات خارج بناية المحكمة ورفع شعارات تصدت لها أمهات الشباب المعتقلين اللواتي طالبن هذه الجهات بالرحيل وترك مصير أبنائهن بيد العدالة التي تفهمت واقع الزج بهم في أتون الحسابات الضيقة وبالتأكيد ستعمل على أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار. بهذا الخصوص قال عبد السلام الصديقي إنه يوجد ضمن هذه المجموعة من ارتكب بالفعل جرما تحت تأثير جهات معينة، مثلما قد يكون من ضمنهم من ساقته الأحداث كرها إلى الاعتقال، وبالتالي فالعدالة مطالبة باعتماد مبدأ ظروف التخفيف، والأخذ بعين الاعتبار سياق الأحداث حتى يساهم القضاء بدوره في تهدئة الأوضاع. ووجه الصديقي، في هذا السياق، الدعوة إلى الحكومة من أجل ضخ الدماء في مدينة تازة، التي لا توفر سوى 3000 منصب شغل في مجال الصناعة النسيجية، وتنشيطها اقتصاديا، ورفع حالة الاختناق عليها لكونها توجد في موقع يجعلها لا هي بالمنتمية للمنطقة الشرقية ولا لمنطقة سايس، داعيا على الأقل إلى «استغلال إمكاناتها السياحية واستقطاب رؤوس الأموال الكفيلة بخلق فرص الشغل الكفيلة بوضع حد للتدهور المريع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية». وهو ما شدد عليه بلاغ المكتب المحلي للاتحاد المغربي للشغل الذي استعرض جملة من المشاكل التي يئن تحت وطأتها سكان المدينة، داعيا إلى الاستجابة لمطالبهم الاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بالتشغيل وتحسين ظروف المعيشة، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وتعتبر زيارة وفد حزب التقدم والاشتراكية، حسب الصديقي، متميزة للغاية، على اعتبار أنها لم تتم على أساس خلفيات معينة، بل أوفدها حزب التقدم والاشتراكية غيرة منه على الوطن وإيمانا منه بوجود مشاكل تهم المواطنين بالإمكان حلها بعيدا عن المزايدات، مشيرا إلى ن المكتب السياسي قرر بذل مزيد من الجهود من أجل تهدئة الأوضاع عبر الاتصال ميدانيا وساعة بساعة بمناضليه في عين المكان، وذلك في انتظار زيارة جديدة يوم الأحد القادم للوقوف على الأوضاع والإعلان عن موعد يوم دراسي يهم مدينة تازة التي عاد اليها، حسب بلاغ حكومي، الهدوء والطمأنينة. فقد أكدت الحكومة المغربية٬ في بلاغ لها أول أمس الأحد٬ أن الهدوء والنظام عادا إلى مدينة تازة بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها في الفترة الأخيرة والتي أثيرت على خلفية مطالب اجتماعية سعى البعض إلى توظيفها بطريقة مغرضة لتأزيم الوضع في المدينة٬ وتقديم معطيات مغلوطة للرأي العام من خلال ترويج أخبار زائفة من مثل استعمال الرصاص الحي وعسكرة المدينة وفرض حظر التجول أو وقوع أحداث انتهاك للأعراض أو إقحام مسيء لرموز الدولة وثوابتها. وأعلن البلاغ أن الحكومة تعمل على معالجة الأسباب الاجتماعية التي أفضت إلى تلك الأحداث٬ وتجدد التأكيد على أن الحوار المسؤول هو السبيل السليم لإيجاد الحلول للمطالب المشروعة مع التذكير بأن التظاهر السلمي في إطار القانون حق مكفول. كما أشار البلاغ إلى أن ضمان الأمن والاستقرار والحفاظ على سلامة الأرواح والممتلكات هو مسؤولية جماعية تهم كافة مكونات المجتمع٬ مشددا على أن أي تجاوز للقانون وخاصة إذا نجم عنه مس بالحرمات والممتلكات يجعل مرتكبه عرضة للمساءلة تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. وأثار البلاغ ذاته قضية قيام بعض وسائل الإعلام ومنها بعض المواقع الإليكترونية باختلاق أحداث وتضخيمها وتقديم أخبار زائفة وملفقة تروم تغليط الرأي العام وإثارته مما يجعلها في موقع خرق القانون وانتهاك ما تقتضيه أخلاقيات المهنة من التحري والإنصاف وتوخي بيان الحقيقة٬ مشيرا إلى إدانة الحكومة إقحام رموز الدولة وثوابتها وبالتالي عزمها تحريك المساءلة والمتابعة في إطار القانون. هذا وإلى حدود زوال أمس، علمت بيان اليوم من مراسلها بتازة، أن الحياة استأنفت بشكل طبيعي، وأن مختلف الأحياء والشوارع الرئيسية بالمدينة والمقاهي والمحلات التجارية وأماكن عامة أخرى تعيش على إيقاعها العادي، فيما اختفت القوات الأمنية التي كانت ترابض بالقرب من عمالة المدينة وعلى جنبات حي الكوشة. وكان الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي الضريس، قد عقد نهاية الأسبوع اجتماعا أمنيا طارئا على المستوى الإقليمي للوقوف على تطور الأحداث في مدينة تازة، وقد يكون قدم تقريرا حول مجريات الأحداث إلى الجهات العليا في البلاد. وارتباطا بأحداث تازة، قال وزير العدل مصطفى الرميد في لقاء إعلامي نظمه إلى جانب مصطفى الخلفي وزير الاتصال إن هناك استغلالا سياسيا لأحداث تازة، وجهات تريد أن تجعل من المدينة بؤرة توتر لانطلاق الثورة في المغرب. وقال الرميد في اللقاء الذي احتضنه منزله بالدار البيضاء إن «المشاكل الاجتماعية لا يمكن أن تجعل الأمر يصل إلى درجة استعمال قنابل المولوتوف، فهذا غير مقبول...»، مضيفا أنه من «غير المقبول أن تصل الأمور حد الاستغلال السياسي وادعاء أشياء باطلة.. ومن غير الصحيح التلفيق والكذب.. والتحايل على الأحداث.. فما حدث في تازة اجتماعي لكن هناك من يريد الركوب عليه..». من جهته، اكتفى الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، بتصريح شدد فيه على أن تدخل قوات الأمن لم يتم إلا بعد احتلال الأماكن العمومية والشروع في تخريب الممتلكات الخاصة للمواطنين.