خلدت الطائفة التيجانية العمرية، الاحد الماضي بدكار في أكبر تجمع ديني يستقطب آلاف المريدين، «الزيارة السنوية»، وذلك من خلال حفل رسمي تم تنظيمه هذه السنة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأوضح منظمو هذا الحدث الديني السنوي، خلال الحفل الرسمي الذي حضره عدد من أعضاء الحكومة السنغالية وممثلو الأحزاب السياسية وأعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين بدكار، أن هذا التكريم المميز للمغرب يمثل اعترافا وتقديرا للروابط المتجذرة التي تجمع بين البلدين وللاهتمام الذي يوليه جلالة الملك لتعزيز الروابط الروحية بين الجانبين.وشارك في هذا الحفل، الذي ينظم سنويا بساحة المسجد الكبير للطائفة التيجانية العمرية، وفد من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يرافقه سفير المملكة في دكار طالب برادة.وبهذه المناسبة، أشار عبد اللطيف بكدوري رئيس ديوان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى الاهتمام الذي ما فتئ يوليه أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس لهذا اللقاء الديني السنوي الذي تنظمه الطائفة التيجانية، ورغبة جلالته في تعزيز وضمان الاستمرارية للروابط التاريخية التي جمعت وما تزال بين الأسرة العلوية الشريفة وعائلة التيجانيين العمريين.وأشاد بالمدرسة الصوفية التيجانية العظيمة، التي تأسست في المملكة المغربية من قبل الشيخ سيدي أحمد التيجاني (1230-1150 ه)، الذي استطاع تجذير روح الإسلام الحقيقي القائم على العقيدة السليمة وقيم الإخاء والسلام والدعم المتبادل بغرب إفريقيا. ويخصص هذا الحدث، الذي يعد أكبر تجمع ديني للطائفة التيجانية بدكار، للاحتفاء بذكرى خليفة الطائفة التيجانية العمرية سيدو نورو تال، سليل عائلة أنجبت علماء كبارا كرسوا حياتهم لنشر الإسلام في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وكما هو شأن جده الحاج عمر تال خليفة الأسرة العمرية (1980-1880)، يمثل تييرنو سيدو تال مرجعا هاما لمريدي الطريقة التيجانية في السينغال ومنطقة غرب إفريقيا.وقد كان للشيخ نورو تال، بفضل ما تميز به شخصه من ورع وإلمام عميق بعلوم الدين والفقه وكذا تشبعه بالإرث العلمي لمؤسس الطريقة بفاس، تأثير كبير على أتباع هذه الطريقة بالسنغال وبمختلف بلدان منطقة غرب إفريقيا. وتتوفر الأسرة التيجانية العمرية على مريدين عديدين بمالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا وغينيا وغامبيا. وبمناسبة الزيارة السنوية، يتوافد آلاف المريدين على المسجد العمري الكبير بدكار من مختلف مناطق السنغال وبالبلدان التي تتواجد فيها العائلة العمرية على زاوية، كما يتوجه إليها أتباعها المتواجدين بأوروبا وشمال أمريكا. وأوضح أحمدو تال عن اللجنة التنظيمية أن «الزيارة السنوية» تمثل مناسبة للنقاش والاستماع إلى محاضرات حول مواضيع ذات راهنية، وفرصة لترسيخ وتعزيز قيم الطريقة التيجانية لدى شباب الجيل الجديد، وتمكينهم من النهل من مصادر الطريقة وعلمائها الأفذاذ، ومدهم بما يؤهلهم لمواجهة أدواء وملمات المجتمع المعاصر. وأشار تال إلى أن العائلة العمرية، وانشغالا بما هو موكل لها من دور داخل المجتمع، تنظم «الزيارة السنوية» هذا العام تحت شعار «عدالة وأمن، من أجل سلم مستدام»، وذلك في إشارة إلى التوتر السياسي المصاحب للانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير المقبل. وفي خطاب تمت قراءته باسم الخليفة الحالي للأسرة العمرية تييرنو مدني تال تمت دعوة أتباع الطريقة والحضور الكثيف إلى تجاوز التوتر المصاحب للظرفية الحالية حفاظا على ما هو أهم وهو السلم والحوار والتوافق الاجتماعي التي تمثل جميعها روح خصوصية السنغال «بلد الضيافة والكرم». وداخل خيمة كبيرة تم نصبها بساحة المسجد العمري بدكار، أقام آلاف التجانيين، منذ يوم الجمعة الماضية، مراسم احتفالات دينية تخللتها صلوات وأدعية وأذكار وأمداح نبوية. وأضفت طقوس الطريقة التيجانية من أوراد وهيللة ووظيفة وجوهرة الكمال، وهي جملة أذكار في تمجيد الذات الإلهية والثناء على الرسول الكريم، أجواء من الصوفية والروحانية العميقة التي طالما استحوذت على قلوب ملايين المسلمين ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.