10 أشهر حبسا نافذا لزوج اعتدى على زوجته على الرغم مما حققته المرأة المغربية من مكتسبات وحقوق قانونية، تضمن لها كرامتها، وقد دعمتها في ذلك مدونة الأسرة التي أضافت الشيء الكثير إلى حقوق المرأة، فان العديد من النساء وخاصة نساء العالم القروي لا زلن يعانين من عدة مشاكل. وفي مقدمتها الاعتداء عليهن من طرف أزواجهم إلى درجة الضرب والجرح ثم التعذيب فالقتل. ولعل قصة اليوم لإحدى نساء العالم القروي بتراب جماعة أولاد حمدان، قيادة أولاد افرج إقليمالجديدة، هي واحدة من بين مئات النسوة اللواتي، ذقن مرارة الاعتداء عليهم من طرف أزواجهن، لأتفه الأسباب وفي بعض الأحياء لانعدام أي سبب، إلا لوجود علة مرضية واحدة، تتعلق بسادية الزوج الذي يتلذذ بتعنيف زوجته لا غير. كل ما في قصة (زهرة)، هذه الزوجة المغلوبة على أمرها، أنها قبلت الزواج بزوج لم تتعرف عليه من قبل، تشبثت المسكينة بتقاليد البادية التي تحرم تعرف الزوجة على زوجها قبل ليلة الزفاف أو ما يسمى في الأوساط الشعبية ب «ليلة الدخلة» التي يقام لها في البادية ولا يقعد، إلا بعد رؤية علامة عزوبة الزوجة. * مباشرة بعد ليلة الزفاف، انقلبت الزغاريد إلى بكاء تزوجت زهرة بالمسمى أحمد بطريقة كلاسيكية تقليدية بدوية محضة، عاش الجميع من أهل الزوج والزوجة والجيران يومين من الفرح والسرور قبل ليلة الدخلة، عرس بسيط بإمكانيات جد متواضعة بحضور متواضع، وأكل ومشروبات بسيطة، وفرقة غنائية شعبية من نساء الدوار هي التي أحيت ليلة العرس التي مرت على أحسن ما يرام، ومع طلوع الفجر، تحكي والدة الزوجة زهرة، أنها أطلقت «زغرودة» فرحا بكون ابنتها حافظت على «شرفها» إلى يوم الدخلة، وخرجت النساء اللواتي حضرن ليلة الدخلة يجبن إرجاء الدوار وهن يرددن «ازهرة كلت ليك موك سيري الله يرضي عليك». عادت النسوة إلى بيت الزوج، الذي كان عليه في تلك اللحظات أن يكون قد خلد للنوم، تضيف والدة زهرة، أنه عكس ذلك، رمى جلبابه البيضاء وارتدى ملابس عادية، ثم بدأ يصرخ في وجه أهل العروسة ويطالب الجميع بالتزام الصمت والهدوء. فسر النساء تلك التصرفات بأنها سحر دخل بيته وخاصة عندما حاولت والدته أن تنصحه بالسكوت، صرخ في وجهها بل دفعها من أمامه، تغيرت أجواء الفرح وانطوى الجميع يتساءل ويطلب اللطف الرباني. أم الزوجة زهرة فقد بكت بكاء مرا، وصدمت في أول ليلة فرحها. سعت والدة الزوج ووالدة الزوجة إلى إتمام ليلة العرس في أحسن الأحوال، وحاولتا أن تلتجئا إلى حلول السحر كما اعتقدن، فأطلقتا البخور واستدعيتا ثلاثة أشخاص من حفظة القرآن الكريم الذين تلو آيات بينات من الذكر الحكيم. ترى ما ذا سيحصل بعد ذلك؟ * الزوج يتحول إلى عدواني ضد زوجته بعد أسبوع دخل الزوج في صراع مع زوجته لأتفه الأسباب، فأخذ يضربها ضربا ويكلفها بأعمال فلاحية شاقة، لم تكن متعودة عليها حين كانت لا تزال فتاة عزباء بين أفراد أسرتها. حاولت والدة الزوج أن توبخ ولدها على تصرفاته مع زوجته، لكي لا تبلغ الزوجة زهرة تصرفات زوجها إلى أسرتها، كانت والدته تحن عليها وتعاملها معاملة جد حسنة، وهي بذلك تعوض لها عنف زوجها وغضبه، الذي لم يعرفا أسبابه. مرت الأيام والشهور، خلالها عانت الزوجة زهرة الكثير من زوجها وخاصة في فترات الأولى للحمل، لكنها كانت تتميز بصبر كبير، وكانت تنتظر مولدها عسى أن يكون فاتحة خير ويغير من تصرفات زوجها. وضعت فلذة كبدها، كبرت هذه الأخيرة ولم يتغير الزوج، بل تضاعفت عدوانيته تجاه زوجته، حيث قرر إبعادها عن والدته التي كانت تحميها وتتعاطف معها، إذ قرر أن يخرج من منزل والته، ويسكن في «خيمة» من البلاستيك في الخلاء أيام البرد والشتاء، وبدأ يمنع زوجته من زيارة أسرتها، ولا يوفر لها واجبات العيش من مواد غذائية وغيرها إلى قليلا، بل أكثر من ذلك بدأ يطلب من زوجته القيام بأشياء غير معقولة، حيث كان يأمرها بطبخ أرجل الدجاج لكي يتغذى بهم، ولما كانت تمتنع كان يضربها إلى درجة غصابتها برضوض وجروح، وكان من نتائج ذلك التعذيب أن مرضت الزوجة زهرة، ولما علم والدها بذلك أخذها رغم أنف زوجها إلى الطبيب، وأثناء عودتهما، لم تستطع زهرة إتمام طريقها مشيا على الأقدام، فتركها عند جدتها، وذهب لكي يحضر العربة المجرورة، وفي تلك اللحظات استغل الزوج غياب والد زوجته، فهجم عليه بمنزل جدتها واعتدى عليها من جديد وهي في حالة صحية يرثى لها. * والد الزوجة زهرة يرفع دعوى ضد زوجها اثر ذلك الاعتداء على زهرة في عقر دار جدتها على يد زوجها، تقدم والدها بشكاية ضده إلى رجال الدرك الملكي الذين حضروا إلى عين المكان وعاينوا الخيمة التي كان يسكن فيها الزوج، وبداخلها اعتقلوه، وأثناء الاستماع إليه في محضر قانوني، حاول في البداية أن ينكر تعذيبه لزوجته، لكن لما تمت مواجهته بها أنهار واعترف بالمنسوب إليه جملة وتفصيلا. وبعد ذلك تمت إحالته على العدالة. * الحكم على الزوج المعتدي على زوجته بعد استكمال ملف التحقيق مع الزوج احمد المعتدي على زوجته زهرة، وبعد ثلاثة جلسات ترافع فيها محاميا الطرفين، خلصت المحكمة الابتدائية بالجديدة إلى إدانة الزوج المتهم أحمد بعشرة أشهر حبسا نافذا، من أجل الاعتداء على زوجته بالضرب والجرح.