9 سنوات على خطاب العرش لشهر يوليوز 2001 4- فوبيا الاحتراز من الآخر أو ديكتاتورية التموقع لقد عملت مكونات الحركة الثقافية الامازيغية في سعيها لتحصين استقلاليتها طيلة الثلاث عقود الماضية، على تنمية فوبيا قوية من كل الفاعلين الآخرين خصوصا الحزبيين ولو كانوا امازيغيين. كما أن الإيديولوجية لعبت دورها في ظهور تلك الفوبيا. وقد تطورت لتصيب الذات التنظيمية للحركة نفسها بعد ظهور خطاب التمييز بين «الديمقراطيين المستقلين» وغيرهم من «الممخزنين الامازيغيين»، بعد اختلاف الجمعيات حول المواقف من السياسة الامازيغية الجديدة للدولة!!! لقد أصبحت ديكتاتورية التموقع عائقا أساسيا أمام التحرر الفردي و الجماعي وتنزيل المدلول الحقيقي لشعار الامازيغية مسؤولية وطنية الذي تبنته الحركة الامازيغية في ميثاق اكادير سنة 1990 وتبنته الدولة سنة 2001. إن التصنيفات الكلاسيكية والتمييز بين الفاعلين الامازيغيين اعتمادا على انتماءاتهم إلى اليسار واليمين وغيرهما، يجب أن يفتح حولها نقاش في زمن سقط فيه اعقد جدار إيديولوجي في التاريخ، جدار برلين. إن الاقتناع بان انجح الإيديولوجيات اليوم هي إيديولوجية النتائج والنجاعة، سيمهد الطريق لبناء تحالفات جديدة بين مكونات الحركة الامازيعية نفسها أو بينها وبين باقي الفاعلين السياسيين والمدنيين، على قاعدة الأهداف والمصالح المشتركة. إن من شأن التعافي من فوبيا الاحتراز وديكتاتورية التموقع، تقديم كل حوافز الإبداع والعمل الضرورية للفاعلين الامازيغيين سواء كانوا مدنيين آو سياسيين أو اقتصاديين أو مؤسساتيين، في إطار تكاملي وتوزيع ذكي وواعي للمهام بغض النظر عن اختلاف المواقع. 5- نخبة امازيغية متعاقدة دون وضوح استراتيجي كاف إن مقتضيات الظهير رقم 299.01.1 المحدث و المنظم للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية، تعطي ما يكفي من الاختصاصات والضمانات لقيام النخبة الامازيغية المتعاقدة - أعضاء المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية - بدورهم السياسي كاملا في اتجاهين اثنين. أولهما مأسسة اللغة والثقافة الامازيغيتين وجعلهما شأنا عموميا مؤسساتيا، عبر إبداء الرأي للملك في التدابير التي من شانها الحفاظ على الثقافة الامازيغية والنهوض بها في جميع تعابيرها. وثانيهما خلق جبهة أمازيغية حول الملك بغية تحصين مضامين الخطابين الملكيين ليوليو وأكتوبر 2001 من أي تجميد أو توظيف سلبي. إن تعثر المجلس الإداري للمعهد في القيام بدوره كاملا، قد يعود بنسبة كبيرة إلى عدم تملك الكثير من أعضاء المجلس لدور مؤسسة المعهد و تملك أدوارهم كأفراد أولا وكفريق عمل ثانيا، عليه بناء إستراتيجية جماعية تنهل من الخطوط العريضة للتصور الملكي للوظائف السياسية والاجتماعية لرد الاعتبار للغة والثقافة الامازيغيتين. إن من شان هذا التملك تفاعل أعضاء المجلس مع العمل الامازيغي المطلبي والمرافعاتي ألاقتراحي، في حدود ما يسمح به الظهير المحدث للمعهد، في أفق انخراط الجميع في الأعمال التي من شأنها تحقيق الهدفين المشار إليهما أعلاه. 6- انسحاب سبعة أعضاء من المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية إن غياب الوضوح الاستراتيجي لدى الكثير من أعضاء النخبة الأمازيغية المتعاقدة، كان من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انسحاب سبعة أعضاء من المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، رغم ما ذكروه، في بيان الانسحاب، من أسباب لها علاقة بتباطؤ الحكومة ومؤسسات الدولة في القيام بما يجب القيام به لفائدة الأمازيغية. لقد تعاقد المنسحبون، يوم قبولهم أن يكونوا أعضاء في المجلس الإداري، وهم على بينة بأن تحقيق الأهداف التي من أجلها أسس المعهد لا يمكن بلوغها كلها في خمس ولا عشرة أعوام، لان الأمر يتعلق بمسلسل طويل سيكون فيه مد وجزر حسب موازين القوى وأداء النخبة الامازيغية المتعاقدة والمجتمع المدني. لقد انسحب المنسحبون دون أن يأخذوا بعين الاعتبار التوظيف السلبي لما قاموا به، من طرف النخب التي يهمها أن تبقى الأمازيغية والنخب الأمازيغية على الهامش. ولا شك أن الذين يرون في السياسة الأمازيغية الجديدة للدولة تهديدا لمصالحهم ومواقعهم قد أبرزوا لمن يهمه الأمر، بأن النخب الامازيغية كتلة مجتمعية تفتقد للحس السياسي ولا يمكن الوثوق بها ولا تستحق التفاعل الملكي مع مطالبها. ولا شك في أن كارثة انسحاب السبعة، لها وقعها السلبي على وتيرة تدبير الملف الأمازيغي، وربما ترهن مستقبل المجلس الإداري للمعهد. 7- الانتظارية إن حركة مدنية لا تبادر، تسقط تلقائيا في الانتظارية وتبحث عن المبررات الكافية لتفسير عجزها عن المبادرة وطرح البدائل والاحتجاج السلمي إن تطلب الأمر ذلك. ومن المبررات التي تعود في خطابات مكونات الحركة الأمازيغية مسألة غياب الإرادة السياسية والضمانات القانونية. إن الإرادة السياسية ليست سوى محصلة حركية من اتجاهين، إذا غاب احدهما أو خفت وهجه استحال حصول الإرادة. إن الاعتقاد السائد بان الإرادة السياسية تأتي من الأعلى أي السلطة وحدها، اعتقاد خاطئ، لان في ذلك تجاهل لدور المجتمع المدني والسياسي في عملية التدافع والضغط لإفراز ما يكفي من الشحنات لإطلاق شرارة الحركية من الأسفل. إن هذه الشرارة من الأسفل هي التي تفتقدها السياسة الامازيغية الجديدة للدولة من بين أمور أخرى ، علما بان الاحتجاج السلمي كآلية من آليات إطلاق تلك الشرارة شبه غائب في ممارسة التنظيمات الامازيغية، فنسبة الاحتجاج الامازيغي بالمغرب من مجموع 5508 تجمعات احتجاجيا سنة 2009 عرفتها البلاد، لا تتعدى اقل من 1%، وهذا الرقم له دلالات عميقة. (راجع تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان). كما أن مسالة غياب الضمانات القانونية فيها نقاش، لأنه يمكن الاشتغال بما هو متوفر قانونيا حاليا، خصوصا الخطابين الملكيين لسنة 2001 والظهير رقم 299.01.1 إضافة إلى الاتفاقيات المبرمة بين المعهد الملكي وبعض الوزارات. إن المطالبة بتوفير المزيد من الضمانات القانونية للغة والثقافة الامازيغيتين على مستوى الوثيقة الدستورية والسياسات القطاعية، لا يجب أن يكون مبررا للانتظارية، بل يجب أن يكون محفزا للمبادرة. إن الهدف من وراء هذه المساهمة المتواضعة ليس سوى، فتح نقاش عميق حول أداء مكونات الحركة الامازيغية مند شهر يوليو 2001 إلى اليوم، في أفق تقييم ميكرو أو ماكرو جمعوي للأداء العام لمكونات الحركة الامازيغية في تعاطيها مع السياسة الامازيغية الجديدة للدولة. هذا التقييم الذي بدونه سيبدو الفعل المطالباتي الأمازيغي كخطاطة دائرية، ينطلق من ذات الحركة ليعود إليها. إن كل المتدخلين والفاعلين المؤثرين في تدبير الملف الامازيغي في حاجة اليوم كل من موقعه إلى وضوح استراتيجي. وهدا الوضوح الاستراتيجي لا يمكنه أن يحصل إلا بتوضيح زاوية نظر كل طرف إلى الملف باختلاف تشعباته. وتوضيح زاوية النظر مرهون هو الآخر بالتعامل مع الملف من خلال قيمته المضافة ودوره في بناء مغرب قوي متعدد في ظل وحدته وبإحقاق حقوق الأفراد والجماعات وربط حاضر المغرب بماضيه العميق بالابتعاد ما أمكن من الكتابة الايديولوجية المصلحية للتاريخ. كما أن توضيح زاوية النظر تستدعي تغيير آليات ومقاربات الاشتغال والاستفادة من تجارب دولية أخرى. * باحث وفاعل جمعوي أمازيغي