تنطلق اليوم السبت بمختلف جهات المملكة الحملة الانتخابية الخاصة باقتراع 25 نونبر، وبغض النظر عن كل ما رافق المسلسل التحضيري لهذا الاستحقاق من جدل وإرباكات وضغوطات، فإنه من المهم التذكير بأن المحطة الانتخابية التي يخوضها المغرب اليوم تأتي ضمن السياقات الساخنة والمتحولة في منطقة الشمال الإفريقي وفي المحيط العربي، ومن ثم فهي تجسد اختبارا حقيقيا لمصداقية المسار الذي اختارته البلاد لربيعها الديمقراطي. بعد المصادقة الشعبية المكثفة على الدستور، تمثل انتخابات 25 نونبر المناسبة المثلى لمنح القانون الأسمى في المملكة معناه العملي الملموس، أي إقناع العالم كله بأن للبلاد إرادة حقيقية وقوية لترسيخ الدولة الديمقراطية، وتقوية مسارات التغيير بما يستجيب لمطالب شعبنا في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدم والحداثة. إن إنجاح انتخابات 25 نونبر، معناه الطي الحقيقي لكل ما عاشته البلاد سابقا من تزوير وعبث، ومعناه أيضا إعادة الاعتبار للسياسة. الرهان اليوم ليس عاديا أو مثل سابقيه، إنما هو رهان حول ربح معركة الديمقراطية الحقيقية في هذه البلاد، وبالتالي جعل الاستثناء المغربي حقيقة ملموسة ومعاشة على الأرض، وتوجيه الإشارة إلى الكل بأنه يمكن بناء الديمقراطية من دون سفك دماء أو اقتتال داخلي أو حرب أهلية أو تدخل خارجي. ولربح هذا الرهان، لابد أن نعي بأن للتغيير الديمقراطي خصومه وأعداءه، وعلى كل الديمقراطيين وكل الغيورين على مستقبل المغرب واستقراره أن يتعبأوا لمواجهتهم، وللحيلولة دون أن يستفردوا بمؤسساتنا. المواجهة تبدأ بالمشاركة الكثيفة للمواطنات والمواطنين في التصويت، وأيضا بالحرص على رفض بيع الصوت أو قبول الرشاوى، والقيام بدل ذلك بفضح كل السماسرة والمفسدين والتشنيع بهم والإبلاغ عنهم وعن فسادهم، ثم تحكيم الضمير والإصرار على منح الصوت للكفاءات السياسية النزيهة وذات الخبرة والمهارة والمصداقية الأخلاقية، وللبرامج الطموحة والمستجيبة لانتظارات شعبنا. المواجهة تكون أيضا عبر التزام السلطات الإدارية المحلية والمركزية بالحياد الإيجابي، والإصرار على تطبيق القانون في حق كل المخالفين، والضرب بقوة على أيدي المفسدين وتجار الانتخابات مهما كانت ألوانهم ورتبهم. المواجهة هي أن نؤمن لانتخاباتنا المصداقية والنزاهة والقدرة على إفراز مؤسسات ذات تمثيلية وتضم كفاءات ذات جودة عالية. وإن كل فشل في كسب الرهان سيجعل بلادنا في موقف صعب تجاه حراكها الداخلي الذي ينادي ب «الكرامة الآن»، وفي العلاقة مع شركائها ومع العالم، ومن حيث قدرتها على مواجهة تحديات المرحلة القادمة سياسيا واقتصاديا. ليس من حقنا اليوم أن نفشل في امتحان 25 نونبر، وهذا هو الدرس الذي يجب أن يستوعبه جيدا المخططون لخرائط الوهم، والمختبؤون وراء ستار يضغطون هنا ويغيرون الأشخاص والتزكيات والمعادلات هنا وهناك، إنهم يؤسسون للمجهول وللتيه. إنهم حقا جاهلون وعمي ولا يدركون... هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته